تقع هذه المدينة الأثرية في البادية وسط سوريا على ارتفاع يتراوح بين 400 حتى 1400م، وتبعد 215 كيلومتر عن مدينة دمشق العاصمة، و150 كلم من نهر الفرات و160 كيلومتر من مدينة حمص، وتعرف حاليا في سوريا باسم "عروس الصحراء".
أسست المدينة في البداية كمحطة للقوافل في القرن الأول قبل الميلاد، لتصبح فيما بعد جزئا من المقاطعة الرومانية في سوريا.
وأخذت أهميتها تكبر بشكل مطرد كمدينة على طريق التجارة التي تربط بلاد فارس والهند والصين مع الإمبراطورية الرومانية، وكعلامة واضحة على مفترق طرق عدة حضارات في العالم القديم.
ازدهرت تدمر في عهد الملك "أذينة" الذي كان موالياً للرومان، وهو الملك الذي استعاد الأراضي التي فقدتها الإمبراطورية من الفرس، وبعد اغتيال "أذينة" تولت زوجته "زنوبيا" الحكم، وقد كانت تسعى إلى توسيع نفوذ مملكة تدمر إلى آسيا الصغرى ومصر، إلا أن طموحاتها انتهت في حربها مع الإمبراطور الروماني "أورليان" الذي احتل تدمر عام272 ودمرها…
وبالنسبة لقيمتها التاريخية، فقد وصفها الرحالة الإنجليزي روبرت وود بأنها "تمثل خلاصة إبداع الإنسان التدمري من حيث الفن والعمارة؛ فقد جمع بين فنون الشرق العريق مع فنون الغرب ليصوغ منه أجمل قلادةٍ حضارية تزين جيد الشرق العربي إلى الأبد تتحدث إلى كل العالم بكل اللغات عن ماضٍ سعيد"…
تحتوي تدمر على المئات من المنحوتات والتماثيل والأواني والمدافن الأثرية الضخمة والمباني الإدارية وغيرها؛ لكن أهمها هي: الشارع المستقيم: الشارع الأعظم المحفوف بالأعمدة والتي يمتد لمسافة عدة كيلومترات محاط بالأعمدة، مسرح تدمر: أي المسرح الأثري، الأغورا: أي السوق التاريخي، قوس النصر: أي البوابة الكبرى المعروفة بقوس النصر أو قوس هادريان، معبد بعلشمين، وادي القبور، مدفن زنوبيا، قلعة ابن معن، نبع أفقى الأثري، ومجلس الشيوخ، الحمامات، معسكر ديوكليتيان، السور، معبد بل، وغيرها.
الواقع الحالي لتدمر..
وبعودتنا إلى الوقائع والأحداث الجارية الآن في سوريا، فالأخبار الميدانية تؤكد سيطرة الجيش العربي السوري على المدينة وتحريرها من تنظيم الدولة الإسلامية " داعش " في العراق والشام، الذي آثار المخاوف، على مصير الكنوز الأثرية هناك من أن تلقى نفس مصير آثار مدينتي الحضر والموصل بالعراق، لأن تدمير مآثر تدمر سيكون كارثة، وخسارتها ستكون مكلفة جدا للذاكرة الإنسانية.
تمثل مدينة تدمر مركزاً اقتصاديا حيوياً وكبيراً في سوريا فهي تضم الكثير من حقول النفط والغاز ومنابع الفوسفات إضافة لموقعها الجغرافي باعتبارها تمثل حلقة وصل تربط بين عدّة محافظات سورية في شرق وجنوب البلاد، فهي تربط سوریا مع العراق عن طريق معبر التنف، وتمثل كذلك حلقة الوصل في المثلث الحدودي الأردني — السوري — العراقي.
الخطة العسكرية المستمرة..
وبحسب المصادر العسكرية الميدانية فأن العمليات العسكرية ستستمر باتجاه المحافظات الشرقية من البلاد بمساندة الطيران الحربي الروسي — السوري والقوات المرادفة للجيش السوري ، حيث توجهت الأنظار العسكرية الميدانية حالياً لمدينة دیر الزور و الحسكة ، لمنع أي محاولة تسلل من قبل الجماعات الإرهابية نحو مدینة "تدمر" عبر المثلث الذي يربط هذه المدينة بالبادية السورية جنوبي البلاد.
حيث تم تقسيم العمليات العسكرية للجيش العربي السوري في الجبهة الشرقية لسوريا إلى ثلاثة محاور، الأول: المحور الجنوبي الممتد بين تدمر و دیر الزور، والمحور الوسطي والذي يمثله الریف الشرقي لمدینة حماه الواقع بين شرق مدینة السلمیة والرقة، والمحور الثالث هو المحور الشمالي الذي يربط بين الجنوب الشرقي لمدینة حلب باتجاهه مدينة الحسكة وقسم من أراضي الرقة.
فرحة الأهلي بالنصر..
من جهة ثانية عبر أهل مدينة تدمر من الحي الشمالي والعامرية والذين نجوا من جرائم تنظيم داعش ، عن فرحهم بالنصر وعودة الأمن والأمان للمدينة رغم الدمار الممنهج في منازلهم وآثارهم إثر هجوم داعش .
وأشار الأهالي إلى قيام " داعش" إلى منع آلاف المدنيين من مغادرة مدينة تدمر، إضافة إلى مصادرة أرزاقهم وممتلكاتهم، إضافة لارتكابهم مجازر عديدة، معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، ونكل بجثثهم تحت ذريعة التعامل مع السلطات السورية وعدم تنفيذهم لأوامر التنظيم حيث تم اعدام أكثر من 600 مدني في المدينة منهم رئيسة قسم التمريض في مشفى تدمر الوطني وجميع أفراد عائلتها بتهمة العمل في جهة تابعة للدولة.
المواطنون في الشارع يحملون " بيدونات مياه " لتعبئتها من الصهاريج العسكرية بعد أن خربت " داعش " الآبار التي تغذي المدينة وقطعت عنها الكهرباء.