أبو سامي أبو الكاس، الرجل الفلسطيني الأربعيني، يروي لـ"سبوتنيك" قصته مع البطالة قائلاً، "كنت أعمل قبل سنوات في البناء داخل إسرائيل، وكان المردود المادي مرتفعا جداً، والحياة مزدهرة وسعيدة، قبل أن تمنع إسرائيل دخول العمال من غزة بشكل نهائي في بداية عام 2000، حينها بدأت معاناتي مع البطالة التي امتدت لأكثر من تسع سنوات".
وأضاف: "لم يقتصر الأمر عليَّ فقط، فلدي أبنائي من خريجي الجامعات، كذلك لم يجدوا مهنةً في غزة، وأصبحت مساعدات المنظمات الدولية ملجأنا الوحيد، ويبدو أن الفقر سيظل ينهش فينا حتى النهاية".
ومنعت إسرائيل منذ أكثر من عشر سنوات، دخول العمال من قطاع غزة إلى الداخل الإسرائيلي، وبحسب القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة فإن إسرائيل تظل المسؤولة كقوة محتلة عن العلاقة المعيشية المتداخلة، ويحظر عليها جميع التدابير التي من شأنها أن تؤدي إلى بطالة العاملين في البلد المحتل.
ووفقاً للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، فإن 70 % من عمال قطاع غزة يقبعون تحت خط الفقر والفقر المدقع، في حين وصلت نسبة البطالة في صفوفهم إلى 60%.
ويصادف يوم الأول من مايو/أيار الجاري، عيد العمال العالمي، حيث يحتفل بهذا اليوم العمال في أنحاء العالم، للتذكير بحقوقهم ومطالبهم، بينما يستقبل العمال الفلسطينيون في قطاع غزة هذا العام، وسط فقر، وحصارٍ إسرائيلي، وقلة حيلة، ومعاناة وصلت إلى أشد مراحلها.
من جانبه قال أبو محمد حمدان، لـ"سبوتنيك"، "أمضيت حياتي كلها وأنا أعمل في مهنة النجارة، وشهدت هذه المهنة في قطاع غزة تقلبات كثيرة، حيث كانت مزدهرة في التسعينات بشكل كبير، لكن مع مرور الوقت أصبحت هذه المهنة تعاني من نقص المواد بسبب المنع الإسرائيلي، إضافةً إلى قلة الطلب بسبب الفقر".
وأشار حمدان إلى أنه اضطر إلى إغلاق "المنجرة" التي كان يعمل فيها بسبب قلة العمل ونقص المواد، لافتاً إلى أن "منع إسرائيل لدخول الأخشاب إلى القطاع أدى إلى تكتل الديون عليّ، حيث أن العمل كان ضعيفاً بشكل عام، وجاء هذا القرار ليكون القشة الذي أنهت عملي".
وعن كيفية حياته بعد انتهاء عمله أكد أن "الحياة أصبحت بلون واحد وهو الأسود، وغزة كلها تعاني من الفقر والبطالة والحاجة، وقد مرّت علينا ثلاث حروب مدمرة، فلم يبقَ اقتصاد ولا حياة ولا بشر، وأصبح العمال أشبه بالأموات".
وشنت إسرائيل ثلاث حروب على قطاع غزة خلال السنوات الأخيرة، دمرت جزءاً كبيراً من البنية التحتية للقطاع، بما فيها المصانع والأماكن التجارية، مما أدى إلى تفاقم أعداد العاطلين عن العمل بشكل كبير.
من جانبه، وصف الخبير الاقتصادي ماهر الطباع، السنوات العشر الماضية، بالعجاف على عمال قطاع غزة.
وقال الطباع في تقرير اقتصادي وصلت "سبوتنيك"، نسخة عنه، إن عشر سنوات عجاف تمر على عمال قطاع غزة، فمنذ الانسحاب الإسرائيلي من القطاع في أيلول/سبتمبر من عام 2005، بدأت السلطات الإسرائيلية بتشديد القيود على منح التصاريح لعمال قطاع غزة إلى أن تم إيقافها كلياً في منتصف عام 2006 كنوع من أنوع العقاب الجماعي لقطاع غزة، ومازالت إسرائيل حتى تاريخه ترفض السماح للعمال بالعمل في الضفة الغربية وإسرائيل.
وأضاف أن هذه الإجراءات تأتي ضمن "سياسة إسرائيل بتشديد الخناق والحصار على قطاع غزة، وللأسف هذا العام ازدادت أوضاع العمال سوءاً نتيجة لاستمرار الحصار وتعثر عملية إعادة الإعمار".
وأشار إلى أنه "مع تشديد الحصار ونتيجة لانخفاض الإنتاجية في جميع الأنشطة الاقتصادية أصبح القطاع الخاص في قطاع غزة غير قادر على توليد أي فرص عمل جديدة، ولا يوجد أي وظائف جديدة في القطاع العام في ظل استمرار الانقسام وعدم إتمام المصالحة".