إعلان إسرائيل رفض المبادرة الفرنسية؛ كان مؤشر واضح على عزم حكومة نتنياهو ممارسة الضغط السياسي في محاولة لتفريغ الاجتماع من محتواه. يبدو إنها قد نجحت؛ حيث تم تأجيل الموعد الأول للاجتماع بسبب موقف وزير الخارجية الأمريكي؛ جون كيري؛ كما أن البيان الختامي لم يتجاوز التعبير عن القلق مما يجري في الأراضي المحتلة وحالة الجمود التي تشهدها المفاوضات المباشرة؛ وهي أمور اعتاد عليها المجتمع الدولي منذ اندلاع الصراع العرب الاسرائيلي منذ عقود طويلة.
نجحت إسرائيل في تفريغ البيان الختامي من أي آلية جادة يمكن أن تدفع حكومة نتنياهو للانصياع لرغبة المجتمع الدولي؛ فلم يتضمن البيان جدول زمني للمفاوضات وإنهاء الاحتلال؛ كما لم تحمل صيغة البيان سوى التعبير عن أن استمرار الاستيطان، والتوتر القائم على الأرض يعرض عملية السلام للخطر؛ وتجديد الدعم لإيجاد حل عادل وتسوية شاملة للصراع.
ورغم أن البيان أكد على مرجعيات عملية السلام والتي تتمثل في قراري مجلس الأمن رقمي 242 لعام 1967 و338 لعام 1973 إلى جانب المبادرة العربية؛ فلم يحمل البيان نتنياهو مسؤولية الوضع الراهن والجمود بسبب سياسته اليمينية المتطرفة؛ إذ شدد البيان على "أهمية الالتزام الصادق من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بحل الدولتين من أجل إعادة بناء الثقة وخلق الظروف لإنهاء للاحتلال، وتسوية كافة القضايا العالقة من خلال مفاوضات مباشرة".
الحكومة الإسرائيلية عبرت عن رضاها لما جاء بالبيان الختامي. وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، اتهم قوى كبرى بالعمل على تخفيف حدة البيان الختامي تجاه مسؤولية اسرائيل عن جمود المفاوضات. ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري؛ الذي لم يبذل الجهد الكاف لإقناع اسرائيل بالعودة للمفاوضات؛ علق على ما جاء في اجتماع باريس؛ قائلا "سنرى… سنُجري الحوار. يجب أن نعلم إلى أين سيذهب وماذا سيحصل. بدأنا للتو. دعونا ندخل في المحادثات".
عدم تسوية القضية الفلسطينية؛ وفق المرجعيات الدولية المعترف بها؛ والقبول بدولة فلسطينية تعيش جنبا الى جنب مع اسرائيل في سلام؛ يفتح الباب أمام انتشار التطرّف والارهاب؛ ويعزز من ممارسات تهدد امن واستقرار المنطقة ويمثل تهديدا للمجتمع الدولي.
البيان الختامي وما سبقه من مواقف ترفض أي جهد غير أمريكي؛ مؤشر خطير على العجز في مواجهة سياسات إسرائيل وتعنت حكومة نتنياهو تجاه الجهود المبذولة لأنهاء الصراع والتوصل الى حل سياسي عادل يحقق الأمن والاستقرار؛ ويوحي بوجود قوى دولية لا ترغب في إغلاق الباب أمام رياح الشر في منطقة الشرق الأوسط.