فالعمليات الإرهابية التي شهدتها سوريا، دمرت الكثير من أحيائها ومعالمها الأثرية منذ بداية الحرب الشرسة قبل خمس سنوات، فاضطر مئات الآلاف للنزوح.
قلب مقهور…
"آه على العيد بحلب بين الأهل والأخوة" ــ بهذا الوجع استحضر خالد عزوز (55 عاما) ذكرياته عن الاحتفالات بالأعياد في مدينته العريقة.
وأضاف عزوز "لسبوتنيك "، كنا نزور جميع جوامع حلب ليلة العيد…وقبل العيد بشهر.
كانت المتاجر تفتح أبوابها ليلا نهارا…لم يكن ينقصنا شيء وكانت البيوت ترقص رقصا بضجيج العائلة الذي أفتقده.
قبل نحو خمس سنوات فقط كان عزوز صاحب مصنع حلويات في حي مخفر الميدان في حلب، ويسكن مع عائلته في منزل "يرمح فيه الخيال"، على حد وصفه، مع زوجته وأبنائه الأربعة فؤاد وخليل وسلمى وسميرة الذين كانوا يتابعون دراستهم في الجامعات والمدارس.
لكنهم اليوم يسكنون منزلا متواضعاً في العاصمة السورية دمشق وتعمل ابنته الكبرى في متجر لبيع الملابس لمساعدة والدها بدفع الإيجار.
"خسرنا كل شيء وأصبح من الذكريات" ــ قالها عزوز بعينين شردتا بعيداً إلى منزل وحي تحولا ركاما "لم نُخرِج من البيت لا خيطا ولا إبرة ونجونا بمعجزة إلهية."
واستعاد عزوز أيام الاحتفال بالعيد بالقول "كنا نقضي أول أيام العيد في منزل والديّ —الله يرحمهما، توفيا أثناء الحرب- وكانت الموائد تمتد وعليها كل أنواع الطبخ الحلبي والحلويات والمكسرات على أنواعها وكان كل بيت يحضر صدر كنافة يطعم أهل الحي بالكامل.
ختم عزوز كلامه، قائلا "شو بدنا نعمل… هذه هي حال الحروب…تشرد وفقر وجوع وتخلف…لا علم ولا دراسة ولا أي شيء. يحتار كل واحد كيف سيعيل عائلته.
تغيرت أولويات الناس
ورغم أن المحلات على اختلافها، أعلنت عن تخفيضات وعروض لجذب الناس إلى الشراء، ورغم الرسائل القصيرة التي تلقاها السوريون على هواتفهم الخلوية والتي تعد بحسومات هائلة، لكن ذلك لم يفلح في جذب السوريين الذين توجهوا بكثرة إلى الأسواق الشعبية ذات الأسعار الرخيصة.
يقول أحد أصحاب المحال التجارية في حي الميدان بدمشق، تغيرت أولويات الناس خلال السنوات الخمس، لافتاً بأن "المواطن بات يفكر كثيراً قبل الإقدام على شراء أي شيء، حتى أن العادات والسلوكيات قد تغيرت. فالأسر السورية اعتادت على تحضير الأكلات والحلويات، ولكن هذه التقاليد انحسرت قليلا، إلا أن ذلك لم يستطع أن يلغي مظاهر البهجة التي سادت خلال العيد شوارع وأحياء دمشق مثل الميدان والبزورية وسوق الحميدية وغيرها.
حالة من المحبة والألفة..
تقول أم عبد الله، وهي ربة منزل "إن صناعة الكعك تشكل حالة من المحبة والألفة بين الأقارب والجيران حيث تجتمع النسوة ويتقاسمن العمل.
تكمل أم عبد الله والتي حرمتها الحرب من ابنها عبد الله وموسى اللذين استشهدا في معارك الدفاع عن البلد ضد الإرهاب برغم الجراح والآلام والدموع. هناك متسع للفرح الغافي في حضن الأمل وهم أحفادي أولاد الشهيدين… لذلك فالأمل دائمآ باقٍِ نستمده من الله لنظهر البهجة والفرح، ونتبادل السلام والمودة ونعزز فيها قيم الأخوة والحب.
ويقول بلال جوخدار، وهو طبيب إن "الحرب في البلاد لم تترك مكانا للبسمة، فالكثير من العائلات فقدت أحد أفرادها، فهو إما شهيد أو مخطوف أو مفقود أو مهاجر، فهموم السوريين أكبر من أي فرح.
ضعف القدرة الشرائية…
وفي أسواق دمشق، هناك نشاط حيث يتوافد عدد من الناس على الأسواق، إلا أن مستويات الشراء في أدنى حالاتها، فأصحاب المحال يشكون دخول الكثير من الزبائن في اليوم، غير أن من يشتري لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة كما يقولون.
وارتفعت الأسعار في سورية عدة أضعاف لنقص في المواد وعدم توفرها أو ارتفاع التكلفة الأساسية لها، فضلا عن صعوبة نقلها بسبب الظروف الأمنية المتدهورة، إضافة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار، الذي يعتبر "شماعة" يعلق عليها التجار كل أسباب رفع أسعار بضائعهم.