الجسيمات الكونية في الغلاف الجوي للأرض تخضع لسلسلة من التحولات، ونتيجة لذلك تظهر الجسيمات الأولية — الميونات، التي تصل إلى سطح الأرض، وبالتالي يمكن تحديدها من خلال أجهزة الكشف على الأرض. وقد لاحظ العلماء قبل بضع سنوات أن عدد الميونات التي يتم تسجيلها هي أكثر بكثير من العدد الذي ينبغي أن يكون وفقا للنظريات الحالية. وقد وصفت هذه الظاهرة من قبل علماء الفيزياء ظاهرة "لغز الميون".
أول إشارة إلى "لغز الميون" وردت في الأعوام 2002-2007 في سياق سلسلة طويلة من التجارب التي أجريت على جهاز ديكور الموجود في الجامعة الوطنية للأبحاث النووية. وفي وقت لاحق، تم تأكيد وجود الميونات الفائضة في التجارب التي أجريت في أكبر مرصد "بيير أوجيه" في الأرجنتين.
ويقوم موظفو مركز البحوث والتعليم "نيفود"، وهو أحد مراكز معهد الفيزياء النووية والتكنولوجيا، بدراسة الميونات باستخدام جهاز كشف النيوترينو المائي متعدد المهام الوحيد في العالم، المصمم لدراسة جميع مكونات الأشعة الكونية على سطح الأرض. وعن النتائج الأخيرة من التجارب على دراسة الأشعة الكونية بواسطة المركز "نيفود"، تحدث خبراء معهد الفيزياء النووية والتكنولوجيا في المؤتمر الدولي حول الأشعة الكونية الذي انعقد في مدينة دوبنا بالقرب من العاصمة الروسية موسكو.
وفي هذا الإطار أشار روستيسلاف كوكولين كبير الباحثين في مركز البحوث والتعليم "نيفود"، قائلاً: "في السنوات الأخيرة قمنا بزيادة المواد التجريبية بنسبة 3-4 مرات، وبالتالي، قمنا بتحسين دقة القياس. وتعتبر عملية القياس ليس فقط عدد الميونات وإنما خصائص طاقتها، واحدة من اتجاهات البحوث التجريبية لحل لغز الميون. نحن بدأنا تجربة قياس طاقة الميونات في عام 2012، وما نزال حتى الآن. في البداية كنا بمساعدة كاشف ديكور المنظم المساري نقوم بتسجيل مجموعة من الميونات، ومن ثم نجري قياس مدى تأثير الطاقة التي خلفتها هذه الميونات على جهاز "نيفود".
وهنا يعتزم العلماء معرفة ما إذا كان هناك، بالإضافة إلى الزيادة العددية من الميونات، تغيير في متوسط الطاقة لديها.
ويتابع روستيسلاف كوكولين قائلاً: "عندما يظهر تجريبيا بأنه هناك بالفعل مثل فائض الطاقة هذا، سيتضح ما هي التغييرات التي يتطلبها النموذج النظري. حالياً يتم تركيب أجهزة جديدة في الجامعة الوطنية للأبحاث النووية، والتي سوف تعمل جنبا إلى جنب مع أجهزة الكشف "ديكور" و"نيفود". وهذا سوف يسمح بزيادة مجموعة من الخصائص التي يمكن ملاحظتها والدقة في القياس".
وبحسب تأكيد الباحث كوكولين فإن حل "لغز الميون" هي مسألة سنتين إلى خمس سنوات.
حيث شدد الباحث بهذا الشأن قائلاً: "إن حل "لغز الميون" سوف يعطينا فهما أكثر دقة لصورة عملية السلسلة النووية في تفاعل الجسيمات ذات الطاقة العالية. وهذا الفهم ضروري لدراسة خصائص الكون، ولدراسة العمليات التي تحدث فيه".