سبوتنيك: قال المنسق الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف إن عمليات هدم منازل الفلسطينيين تتزايد في الضفة الغربية وتحدث بالتحديد بمنطقة سوسيا جنوب الضفة الغربية، محذرا من أن هدم منازل هذه المجموعة سيكون سابقة خطيرة في عملية التشريد، وأضاف أيضا أن جميع هذه الخطط ستخلق مستوطنات غير قانونية، داعيا السلطات الإسرائيلية إلى التوقف عن إصدار مثل هذه القرارات وإلغائها.
برأيك هل ستستجيب إسرائيل إلى نداءات الأمم المتحدة هذه المرة؟
البرغوثي: لا، لن تستجيب، لأن إسرائيل تعتبر نفسها فوق القانون الدولي، وتعتبر نفسها خارج إطار العلاقات الدولية، وهي ممعنة في جرائم الحرب التي ترتكبها ، ولن ترتدع إلا إذا فرضت عليها عقوبات، كما أنه لا يجوز أن يسمح لإسرائيل أن تستمر بالعمل كأنها محصنة من القانون، ولابد من فرض عقوبات ومقاطعة عليها، هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يردعها في هذا الوقت.
سبوتنيك: رفضت حكومة نتنياهو مرارا الدعوات لوقف توسيع المستوطنات قائلة، إن المشاريع السكنية ليست عائقا في وجه السلام على الرغم من أن مجلس الأمن الدولي، في قرار تبناه في 1979، اعتبر جميع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة غير قانونية
هل تقوم اسرائيل بتفصيل القوانين التي تلائمها وتقوم باعتمادها ضاربة بالقوانين الدولية والأعراف العالمية عرض الحائط؟ ولماذا هذا الصمت العالمي على التجاوزات الإسرائيلية؟
البرغوثي: بالطبع، هذا بالضبط ما يجري، فإسرائيل تعتبر أن الصمت الدولي والأوضاع المضطربة في العالم العربي توفر لها مناخا مناسبا للإمعان في عملية الاستيطان والتهويد، وهي عملية هدفها — في نهاية المطاف- قتل فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة، وقتل فكرة السلام على أساس حل الدولتين، فالاستيطان ليس مجرد فكرة توسع سكاني، بل هو سرطان يلتهم في كل يوم إمكانية تحقيق الحرية للشعب الفلسطيني، وإمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة.
نحن نتحدث عن عملية مخططة وممنهجة، فالحكومة الإسرائيلية تحاول أن تخدع العالم، و"نتنياهو" يمارس الكذب يوميا، فالاستيطان أمر غير قانوني في القانون الدولي ، وهو أمر غير شرعي، ولكنه اتسع الآن حتى أصبح يخنق المناطق الفلسطينية، ويحولها إلى "معازل"، فلابد من إجراءات حازمة ضد إسرائيل، التي لا تعبأ بالمجتمع الدولي، لأنه في الوقت الذي تمارس فيه إسرائيل تلك الممارسات الخارجة عن القانون، تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتزويدها بأحدث الأسلحة، وتقوم الدول الأوروبية بتزويدها بأفضل الاتفاقات الاقتصادية، ولا أحد يجرؤ على فرض عقوبات على إسرائيل.
سبوتنيك: ذكرت الإذاعة الإسرائيلية ان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مستعد للاجتماع مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، للشروع في مفاوضات مباشرة في أي وقت دون شروط مسبقة في حين كانت تصريحات وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بأن هناك محاولات حثيثة من قبل أكثر من دولة لعقد لقاء بين عباس ونتنياهو بما يوحي بأن الأمر ليس سهلا من الجانب الإسرائيلي
ما السبب في هذا الطلب غير المتوقع برايك؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟
البرغوثي: أولا: كانت هناك مفاضات فلسطينية، إسرائيلية، وتوقفت لأن إسرائيل أصرت على استكمال خطة الاستيطان، أثناء سير المفاوضات، وأصبح واضحا أن المفاوضات تستخدم من جانب إسرائيل كغطاء لعملية الضم والتهويد والتوسع الإستيطاني، وبالإضافة إلى ذلك رفضت إسرائيل، تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من الإفراج عن مجموعة من الأسرى الفلسطينيين.
فإذا كان نتنياهو بالفعل يريد استئناف المفاوضات فليوقف الاستيطان فورا، في كل الأماكن بما في ذلك القدس، وليفرج عن الأسرى الذين كان هناك اتفاق بشأن الإفراج عنهم، لكنه لايريد فعل ذلك ، وكل ما يقوم به الآن هو مجرد مناورات، عن طريق إجراء اجتماع في القاهرة منفردا، وآخر في موسكو، أو في أي مكان آخر، وكلها محاولات للالتفاف حول عدم انعقاد مؤتمر دولي في باريس، فإسرائيل لا ترغب بعقد مؤتمر دولي ، وتريد مواصلة الانفراد بالفلسطينيين، وفي نفس الوقت هي تواصل الاستيطان، والشعب الفلسطيني يرفض استمرار المهزلة التي طال عمرها 23 عاما، منذ توقيع "اتفاق أوسلو"، وأصبح الوضع ما بين مفاوضات لا تؤدي إلا لمزيد من التراجع، ومفاوضات تستخدم كغطاء للتوسع الاستيطاني، ولتدمير إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة.
سبوتنيك: هل سيستجيب أبو مازن لدعوة نتنياهو ويذهب للقائه برأيك؟
البرغوثي: آمل بأن لا يستجيب، ونحن سنطالبه بأن لا يستجيب، لأن أي ذهاب للقاء نتنياهو، وسط استمرار الاستيطان، لن يخدم إلا مصلحة إسرائيل، ونتنياهو.
سبوتنيك: تداولت وسائل الإعلام منذ أيام، حصول إسرائيل على وثائق من حركة "حماس" بوساطة قطرية، تفيد بتصفية "حماس" لعناصر سلفية كانت وراء قصف مستوطنة "سديروت"، والذي نتج عنه قصف غزة، ثم تأتي مبادرة نتنياهو للقاء أبو مازن دون شروط مسبقة
هل يمكننا الربط بين تلك الأحداث ؟
البرغوثي: ليس لدي معلومات عما ذُكر بشأن حركة "حماس"، وليس لدينا معلومات حول أي ترتيبات أخرى، ولكن في جميع الأحوال، أنا أعتقد، أنه يجب على الفلسطينيين أن يوحدوا موقفهم، وان ينهوا حالة الانقسام القائمة التي تلعب بها إسرائيل وتعمل على استغلالها، فالانشغال بهموم السيطرة، والسلطة سواء كان من قبل السلطة في الضفة الغربية أو السلطة في قطاع غزة، في حين أن الجميع تحت الاحتلال، يمكن أن يجذب الاهتمام عن المسألة الرئيسية، وهي ضرورة النضال ضد الاحتلال، وبالتالي هناك تمكين لإسرائيل من فرض قيود "أوسلو" على الجميع، سواء في الضفة أو في القطاع، وهذا ما لا يجب السماح به، ففي نهاية المطاف ، اتفاق "أوسلو"، كان مجرد اتفاق جزئي،انتقالي، كان يجب أن ينتهي عام 1999، لكن إسرائيل جددته، ثم أعادت الاستيلاء على ما أعادته للفلسطينيين في عام 2002، وفي واقع الحال ، قامت إسرائيل بتجزئة الأراضي المحتلة، بطريقة تحول دون قيام دولة فلسطينية مستقلة.
سبوتنيك: في حين قبل أبو مازن دعوة نتنياهو، وتم اللقاء بالفعل ، ما الجديد الذي سيطرحه نتنياهو خلال هذا الاجتماع في اعتقادك؟
البرغوثي: لا شيء، بل أنه سيسيء إلى سمعة الفلسطينيين، ويستغل اللقاء من أجل التطبيع مع أطراف عربية، دون حل القضية الفلسطينية،بل بالعكس، سيقوم بتصفية القضية الفلسطينية، لذلك، يجب أن ألا يتم أي لقاء بين الجانبين، ومن الواجب الآن، التركيز على إقامة المؤتمر الدولي في باريس، كما يجب على المجتمع الدولي، البحث في آليات فرض عقوبات على إسرائيل، تجبرها على احترام القانون الدولي.
سبوتنيك: مصر وروسيا تعملان على تقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لدفع عملية السلام، المتوقفة منذ سنوات، في ظل التصعيد الأمني والسياسي بين الجانبين
ما هي آخر تطورات مبادرات السلام المطروحة لتقريب وجهات النظر الفلسطينية الإسرائيلية؟
البرغوثي: مصر وروسيا دولتان صديقتان للشعب الفلسطيني، وكل منهما اعترفت بالدولة الفلسطينية، وهما — في اعتقادي- الآن أدركتا أن نتنياهو يتصرف على أساس "المناورة"، لإحباط فكرة المؤتمر الدولي، لذلك أعلن الجانب المصري أنه سيضع ثقله وراء المبادرة الفرنسية، كما أدرك الجانب الروسي أيضا، الألاعيب التي تقف وراء تحركات نتنياهو ، لذلك يجب أن لايسمح له بالتلاعب بالأمور، ففي مرة يذهب إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، ومرة إلى أوروبا، ثم إلى روسيا، ثم إلى مصر، وفي كل الأحوال هو لا يريد أن ينتج شيئا، وفي اعتقادي، أن على مصر وروسيا والدول العربية كلها والمجتمع الدولي بأسره، أن يرسلوا رسالة واحدة واضحة لـ"نتنياهو"، مفادها: "إما أن توقف الاستيطان فورا، وإلا ستتعرض لعقوبات دولية".
إعداد وتقديم: دارين مصطفى