يتضح من ردود الأفعال الإقليمية والدولية على نجاحات مشاريع المصالحة المحلية التي تجري في مناطق عديدة في سورية، يتضح أنها لا تروق لهذ الدولة أو تلك نظراً لأنها تخرب مشروعها ومخططاتها في الدولة السورية كما يقول ضيف حلقة اليوم.
نعم هذ المصالحات تساعد في إعادة الأمن والاستقرار إلى كثير من المناطق المشتعلة بالمعارك بين الجيش العربي السوري وحلفائه من جهة، وبين المسلحين والمجموعات الإرهابية من جهة أخرى، وعودة الأمن والاستقرار إلى سورية تقوض بالفعل المشاريع الإقليمية والدولية التي تدعم أصلاً هذه المجموعات وتقدم لها كل أشكال الدعم من أجل استمرار عدم الاستقرار وإعاقة التوجه إلى الحل السياسي الذي تعتبر المصالحات الوطنية من أهم ركائزه.
وهناك بالفعل أسئلة كثيرة تعلق بعمليات المصالحات المحلية، وكيفية تطبيقها! وحول الأسس والمرتكزات التي تستند عليها من النواحي الشعبية والقانونية وحتى العسكرية، وقدرة الجيش السوري ووزارة المصالحة على تعرية المسلحين الذين يريدون العودة الى حضن الوطن عن الإرهابيين المتطرفين الذين يعملون لتطبيق أجندات خارجية تحمل أفكار ومخططات تدميرية للبلاد. وكيف ولماذا يسمح الجيش السوري للمتطرفين الأجانب بالخروج بسلاحهم؟
وكيف يتم إقناع المسلحين بتسليم أسلحتهم وتسوية أوضاعهم؟
وغيرها الكثير من الأسئلة التي نطرحها اليوم على المسؤول الإعلامي في وزارة الدولة لشؤون المصالحة الوطنية والباحث في العلاقات الدولية محمد العمري
إجابة عن هذه التساؤلات يقول محمد العمري: هذه المصالحات هي بالدرجة الأولى نتيجة الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري، مما يجعل المجموعات المسلحة أمام خيار وحيد إما إلقاء السلاح وإما الخروج الى مناطق أخرى هي بطبيعة الحالة مناطق اشتباك. الجيش العربي السوري يلتزم بواجبه بحماية المدنيين، فهو يضع المسلحين بين خيارين إمام إلقاء السلاح وتسوية أوضاعهم وفق مراسيم العفو والقوانين الناظمة لعمليات المصالحة، أو إخراج المتطرفين الذين يرفضون مشروع المصالحة والذين يرتبطون بأجندات إقليمية مرتبطة بدول راعية لهم، حيث يتم إخراجهم الى مناطق هي نقاط اشتباك بطبيعة الأمر. وبالتالي إفراغ المنطقة من المسلحين تمهيداً لإعادة المواطنين إليها، وهذا ما يقوم عليه مشروع المصالحات المحلية الذي يهدف الى إلقاء السلاح وتسوية أوضاع حاملي السلاح، مع عدد من الملفات التي تضم ثلة من الإجراءات ضمن مراحل متعددة وصولاً الى عودة كافة مظاهر الدولة، وكافة المؤسسات الخدمية وعودة الأمان الى كافة المناطق، وتتم هذه العمليات بعد دراسة الأولويات في تلك المنطقة حسب رؤية الجيش العربي السوري في الاستمرار بعمليات مكافة الإرهاب في هذه المنطقة أو الدخول في عملية المصالحة.
وحول أسباب السماح للمسلحين الأجانب الخروج بسلاحهم الخفيف من مناطق المصالحات يقول العمري:
الجيش السوري يسمح للأجانب بالخروج من المناطق التي تتم فيها عمليات المصالحة مع أسلحتهم الخفيفة من أجل إخراج هذه المنطقة من دائرة الاشتباك والحفاظ على حياة الأهالي، وبالتالي يخرج الجيش السوري هذه المنطقة من خارطة العمليات العسكرية ويعيد الأمن والأمان تمهيدا لإعادة المواطنين إليها.
ويتابع العمر قائلاً: السبب الرئيس الذي يجعل المسلحين يلقون السلاح هو وصول مشروعهم الى حائط مسدود بعد أن تمكن الجيش العربي السوري من الإمساك بزمام الأمور وصد كافة الهجمات للمسلحين، وبالتالي يعودون الى خيارهم الوحيد هو تسوية أوضاعهم وفق الأنظمة والقوانين وبعد موافقة الجهات المعنية بهذا الموضوع، وهناك من عاد الى حياته الطبيعية من المسلحين، وهناك نماذج عدة سواء في ريف دمشق أو حمص ممن عادوا الى حياتهم الطبيعية وحملوا السلاح لمكافحة الإرهاب بعد أن تمت تسوية أوضاعهم والتحقوا بالجيش أو القوات الرديفة ومنهم من إستشهدوا في عمليات مكافحة الإرهاب فيما بعد. وهناك عدد من المؤسسات تساعدنا في عملية تنظيم المصالحات الوطنية "مركز الأندلس" في حمص سابقاً، كذلك مركز مدني في ضاحية قدسية استطعنا من خلاله تسوية الأوضاع من خلال تضافر الجهود الأهلية والحكومية.
وبالنسبة للدور الروسي قال العمر إن الدور الروسي بداية جاء بطلب من الحكومة السورية لمواجهة الإرهاب، وجميعنا يذكر عام 2014 عندما قام مندوب روسيا الاتحادية لدى الأمم المتحدة فيتالي تشكورين بتقديم مشروع لدعم المصالحات المحلية في سورية، وتم رفضه من الدول المعتدية على سورية، وفي مقدمتها كل من فرنسا وبريطانيا بأوامر من الولايات المتحدة الأمريكية، لأن مشروع المصالحات سيشكل في نهاية الأمر القاعدة الأساسية للعملية السياسية في سورية، وهذه الدول لاتبحث عن القاعدة الأساسية، أو الى إيجاد مخرج للحل السياسي في سورية. وهي أعطت مؤخرا الممرات الإنسانية التي أقامها الجيش العربي السوري الى جانب القوات الروسية في حلب، وبالتالي حاولوا التعتيم على هذه الممرات، وتسيسيس الملف الإنساني، من أجل إعاقة ما أنجزه الجيش العربي السوري في تلك المنطقة بالتزامن مع ما أصدره السيد رئيس الجمهورية من مرسوم عفو وبيان رئاسي يدعو المسلحين الى إلقاء السلاح والانخراط في إعادة الإعمار والمساهمة من تحول هذا العنصر المسلح من عنصر سلبي الى عنصر إيجابي والمساهمة في إعادة الإعمار.
وحول الإحصاءات الخاصة بأعداد المسلحين الذي تم تسوية أوضاعهم قال العمري: الآن لا نستطيع أن نتحدث عن إحصاءات دقيقة نتيجة عدة ظروف وعوامل، بشكل عام زاد عدد الذين ألقوا السلاح وتمت تسوية أوضاعهم عن 25 ألف شخص، ونحن نعمل ضمن هذا المشروع على قاعدة السرية في بعض التفاصيل لإنجاح هذا المشروع، ولكن الخوض في تفاصيل المصالحة على وسائل الإعلام لايفيد موضوع المصالحة، لان هناك دائما من يتربص بهذا المشروع ويحاربه من الدول الخارجية كما يحارب الجيش العربي السوري ومؤسسات الدولة الأخرى، وبالتالي ماحدث مؤخرا من صدور فتاوى وتصريحات تشير شيئا الى القلق وشيئا الى الامتعاض لمن يعتبروا مسؤولين دوليين هو كله دليل على ان هذا المشروع مشروع سوري، وبالتالي هو يغير المشهد السياسي والميداني لصالح الشعب السوري ضد الدول المعتدية عليه. لذلك هم يستخدمون ويوظفون هذه المجموعات لإفشال مشروع المصالحة في عدد من المناطق وهناك المئات من الشهداء من الذين كانوا يعملون في مشروع المصالحة فقدوا حياتهم نتيجة فتاوي أصدرها شيوخ الفتنة من الدول التي تدعم المجموعات المسلحة على الأرض.
التفاصيل في الحوار المسجل عبر الهاتف
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم