إليكم نص الحوار:
سبوتنيك: يعيش لبنان فترة من الهدوء الأمني النسبي إن جاز التعبير، في ظل الحرائق المشتعلة من حولنا، برأيكم ما هي أبرز عوامل هذا الهدوء النسبي وإن عكرت صفوه مؤخرا التفجيرات التي حصلت سواء في مدينة زحلة أو بلدة مجدل عنجر؟
إبراهيم: بالتأكيد إن الوضع الأمني في لبنان يعد من الأفضل مقارنة بالأوضاع المشتعلة من حولنا، ومرد ذلك إلى عدة عوامل لا سيما من بينها:
— الحرص الدولي والإقليمي على استقرار الأوضاع في لبنان تحسبا من اتساع نطاق الأزمات التي تعصف بالمنطقة ولا سيما في سوريا.
— حرص كافة الأطراف السياسية الداخلية على عدم تأزيم الوضع الداخلي بانتظار تبلور صورة الحلول الدولية للأزمة السورية، وعلى تأمين الدعم السياسي الممكن للجيش والأجهزة الأمنية بمواجهة الإرهاب التكفيري الذي لا يستثني أحدا.
— يقظة الجيش وكافة الأجهزة الأمنية وعملهم الدؤوب بمواجهة الإرهاب التكفيري وشبكاته بإرادة وعزيمة لا تلينان بالرغم من ضعف الإمكانات.
إبراهيم: ما زال تقييمنا للوضع على الحدود السورية على حاله لناحية ترقب الأسوأ على صعيد مواجهة الإرهاب، الذي وإن تراجع نشاطه ظاهريا بفعل تظافر الجهود لمكافحته على كافة المستويات، إنما يستمر في تحيّن الفرص للضرب مجددا بل والتحول لأنماط عمل مختلفة على غرار ما نشهده في عدد من الدول الأوروبية، ولا سيما بعد تقلص مناطق نفوذ وسلطة هذه الجماعات في بعض المناطق ومنها المناطق الحدودية مع لبنان وتضييق الخناق عليها.
سبوتنيك: لا تزال قضية المخطوفين العسكريين لدى "داعش" تشكل هاجسا سواء للحكومة والأجهزة الأمنية أو لأهالي المخطوفين أنفسهم في ظل الغموض الذي يكتنف هذه القضية، إلى أين وصلتم في هذا الملف؟
إبراهيم: إن قضية العسكريين المخطوفين موضوع متابعة مستمرة وهي قضية مركزية بالنسبة إلينا، إنما نحرص على إحاطتها بالكتمان اللازم لما فيه مصلحة الجميع، توخيا للوصول إلى الخواتيم المرجوة، والعمل مستمر في هذا الإطار عبر وسطاء غير مباشرين.
سبوتنيك: لطالما تخوفتم من عدم الاستقرار السياسي الموجود في البلاد المتمثل بالفراغ الرئاسي، واليوم هناك خوف أيضاً على حكومة الرئيس تمام سلام، برأيكم ما هي الخطوات العملانية لعودة عمل المؤسسات الدستورية بالشكل الصحيح، وهل الوضع السياسي السيء الذي نعيش في ظله يزعزع الاستقرار السياسي؟
إبراهيم: منذ الفراغ الرئاسي والوضع السياسي في حالة حرجة وحساسة جراء الانقسامات السياسية، لكن هذا لا يعني أن هناك من يعتزم المغامرة بالمؤسسات الدستورية وبالشرعية والسجالات الحادة حول بعض القضايا التي تزيد من التشنجات وتؤثر على الوضع العام وعلى كل المستويات، لكن الوقائع تحسم بأن أحدا من اللبنانيين لا يريد الإطاحة بالاستقرار والنظام السياسيين، بل على العكس فإن الجميع محكومون بالتوافق والاحتكام إلى المؤسسات الدستورية.
إبراهيم: هناك وعي لدى كافة القوى والفصائل الفلسطينية الممثلة للشعب الفلسطيني داخل المخيمات لخطورة الأمور، وما يحاك ضد اللبنانيين والفلسطينيين من مخططات عدوانية فتنوية تستغل القضية الفلسطينية لتحقيق أهداف إسرائيلية إرهابية واحدة يقابلها زعزعة الاستقرار، ومن هنا كان التنسيق والمبادرة لتسليم المطلوبين للمثول أمام الأجهزة الامنية والقضائية لحماية الفلسطينيين واللبنانيين على السواء وهي مسؤولية مشتركة تبقى رهناً بتعاون الفلسطينيين مع السلطات اللبنانية والتزامهم احترام سيادة لبنان وقوانينه.
سبوتنيك: هل ما زال ملف اللاجئين السوريين يشكل خطراً على الوضع الأمني والاجتماعي اللبناني؟ وهل سيناريو التوطين ما زال مطروحا؟
إبراهيم: التوطين في لبنان يساوي الحرب في لبنان، ذلك أن البلد هو جغرافيا محكومة بهواجس الديموغرافيا، والتجربة مع اللاجئين الفلسطينيين والحديث عن توطينهم والوطن البديل أفضى إلى حروب، دفع الجميع بسببها أثمانا باهظة، وأي سيناريو مطروح أو مفترض لا يمكن فرضه على اللبنانيين الذين حسموا بنهائية الكيان لبنيه، ولبنان إلى كون جغرافيته لا تسمح باستيعاب كثافة سكانية، فهو يعاني من حساسية بنيوية إزاء أي تعديل ديموغرافي غير طبيعي، ووضع النازحين السوريين الراهن يشكل عبئاً لا قدرة للبنان على تحمله وحيدا، ومن شأنه مفاقمة الأوضاع الأمنية والاجتماعية والمعيشية سوءا، في ضوء استمرار تخلف المجتمع الدولي عن القيام بواجباته في هذا الإطار.
أجرت الحوار: زهراء الأمير