لم تكتف واشنطن بدعم التطرف العنيف وغض الطرف عن تلك الكيانات التي توفر الدعم اللوجستي للجماعات الإرهابية التي انتشرت كوباء على أراضي الجمهورية العربية السورية.
مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، أوضح أن العدوان الأمريكي على مواقع للجيش العربي السوري في محيط مطار دير الزور مخالف للقانون الدولي وخرق للاتفاق الروسي الأمريكي حول سوريا ويدعم بعض "المجموعات المسلحة"
الهدف من العدوان الأمريكي
الدعم الأمريكي للجماعات الإرهابية، كان مفهوما من خلال البحث عن مصادر تمويل تلك الجماعات، ولكن ما جرى في دير الزور تأكيد لا يدع مجالا للشك في مواصلة واشنطن سياسة نشر الفوضى والتطرف في المنطقة.
موقف البيت الأبيض من مطالب الحلفاء ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بإعلان بنود الاتفاق مع روسيا حول الأزمة، غير المفهوم، يبدو أنه كان مقدمة لاتخاذ إجراءات تصعيدية تخالف ما تم الاتفاق عليه، خاصة وأن الاتفاق يهدف إلى وقف العدائيات والبحث عن سبيل للعودة إلى الحوار السياسي بمشاركة كافة الأطراف المنخرطة في الأزمة، وتبادل المعلومات وتنسيق العمليات العسكرية لاستهداف الجماعات الإرهابية.
التواجد العسكري الأمريكي في سوريا ليس له سند من القانون الدولي وينتهك ميثاق الأمم المتحدة، كذلك كافة العمليات التي تقوم بها قوات ما يعرف بـ "التحالف الدولي" الذي يقوده البنتاغون ومن هنا فكل ما تقوم به واشنطن تجاه الأزمة فهو ممنهج ومخطط له بعناية، ضاربة بعرض الحائط الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية.
سوء نية البنتاغون كانت واضحة في رفض الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين وزيري الخارجية، سيرغي لافروف، وجون كيري، كذلك توقيت تلك العمليات مع اقتراب تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بشأن تنسيق العمليات التي تستهدف العناصر الإرهابية.
الضربات العسكرية الأمريكية مهدت لهجوم العناصر التابعة لتنظيم "داعش" على مواقع الجيش السوري في المنطقة، ما يؤكد الارتباط الوثيق بين واشنطن والإرهاب الذي أصبح إحدى أبرز آليات السياسة الأمركية في نشر العنف والتطرف والفوضى وتغيير أنظمة الحكم في المنطقة بداية من أفغانستان إلى ليبيا مرورا بالعراق وسوريا واليمن فضلا عن تلك العمليات التي تستهدف الشمال الأفريقي وتمتد إلى الساحل والصحراء في القارة السمراء.
ممارسات واشنطن خالية من أي عمل يمنح الأمل في سلام حقيقي ويبرهن على أن إدارة أوباما التي تستعد للرحيل عن المشهد السياسي الدولي بالكامل لا تسعى سوى لتحقيق مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط خصوصاً سوريا.
الموقف الروسي
تدير روسيا علاقاتها الخارجية من خلال موقف مستقل ولديها الإمكانيات المختلفة القادرة على الدفاع عن هذا الموقف على الساحة الدولية.
والموقف من الأزمة السوريةـ اتسم منذ اندلاعها بالوضوح والشفافية وضرورة محاربة الإرهاب والقضاء على بؤر التطرف وقطع الطريق أمام وصول المتطرفين إلى الأراضي السورية، ثم التمهيد لحوار سوري ـ سوري لا يشمل التيارات المتورطة في التعاون مع الإرهاب، على أن يفضي إلى الحفاظ على سيادة الدولة السورية ووحدة أراضيها.
بينما تقاعس دول التحالف الأمريكي يمنح الإرهابيين مساحة كبيرة من التحرك واستهداف الدولة السورية، والمشاهد على ذلك كثيرة إلى أن وصلنا إلى أحداث دير الزور التي اعتبرته الدبلوماسية الروسية "تصرفا أمريكيا" يضع الاتفاقات التي تمت مؤخرا مع موسكو حول الهدنة في سوريا على المحك، وأن الضربات التي قامت بها الولايات المتحدة تدافع عن تنظيم "داعش" قائلة: "إذا كانت لدينا في وقت سابق شكوك بأنهم يتسترون على "جبهة النصرة".. فالآن وبعد هجمات اليوم على الجيش السوري نصل إلى استنتاج مرعب… البيت الأبيض يدافع عن تنظيم "داعش".
الخلاصة
الولايات المتحدة الأمريكية المتهم الأول بتقويض منظومة الأمن الدولي وممارسة سياسة فرض رؤيتها على المجتمع الدولي الذي يشهد الكثير من الأزمات. وتتصدر واشنطن أحداث التوتر وعدم الاستقرار في مناطق مختلفة من العالم، الشرق الأوسط، أفريقيا، آسيا الوسطى، بحر الصين الجنوبي، أمريكا اللاتينية، فضلا عن الانقسامات التي بدأت تخترق جسد الاتحاد الأوروبي، حتى جاء الخبر اليقين من دير الزور بأن للإرهاب كيانات كبرى وبيتا أبيض في واشنطن يسوقها لتحقيق مصالح سياسية.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)