في الماضي كانت فاطمة ترتاد المدرسة الإعدادية مع رفاقها طلباً للعلم، ومثلها مثل الكثيرين الذين يحلمون بغد جميل ومشرق، فأحلام الطفولة لا حدود لها اندفاع، ونشاط وحيوية وحب للحياة لكن هل ترك الإرهاب للطفولة حلماً؟؟
لقد دمر الإرهاب وحلفاؤه كل الأحلام، وجعلها ورقة ممزقة في مهب الريح غير آبه بكون هؤلاء الأطفال هم بالأصل أبناء هذا الوطن الغالي وهم من سيبنون مجتمعه، وعمد الإرهاب المسلح لفرض حصار خانق على الأهالي مما زاد المعاناة وتركت فاطمة ورفاقها الدراسة نتيجة الدمار الذي حصل بالمدرسة من قبل الإرهاب حيث أصبحت المدرسة تلة من الركام والأنقاض، "ضاع الحلم" وانفطرت قلوب الأطفال حزناً على مدرستهم غير أن المعاناة لم تنته، فبفرض حصار خانق بات الحي بلا دواء ولا غذاء ليكون شعار الإرهاب "الموت أو الولاء".
أما الطفل محمود الذي لم يصبر على رؤية إخوته الصغار يتضورون جوعاً أسرع إلى الشارع يبحث عن عمل يحصل به على بعض النقود ليساهم مع والده المسكين الذي أصبح غير قادر على تأمين "ربطة الخبز" التي بلغ ثمنها 800 ليرة، وبلغ ثمن اسطوانة الغاز 25 ألف ليرة لم يستطع ذلك الصغير إيجاد عمل "لقد كان هناك الكثير من أمثاله بحاجة ماسة للعمل
لكن فرص العمل في حلب ليست متوفرة بالقدر الذي يكفي الفرد فيها للعيش، فالأطفال يضطرون للعمل في المقالع والمخابز وصناعة الأحذية لإعالة أسرهم، مما يعرضهم لمخاطر كبيرة ويجعلهم عرضة للاستغلال
ضاعت الأحلام الوردية أصبح السعي وراء لقمة العيش من الضروريات، فمعاناة الأطفال مثل محمود وغيره تركت وجعا في القلب.
أما عبد الذي استشهد والده أمام عيناه وهو طفل لم يتجاوز الستة أعوام، يقول أريد أن أكبر لكي أصبح محامي وأقوم باعتقال جميع المسلحين الذين يقتلون الناس دون سبب، حرمت من والدي ومن حنانه لأنه رفض حمل السلاح ضد الجيش السوري.
فؤاد ذو العشرة أعوام كان في الحي غير أمن يقول شاهدنا أمور كثيرة لا نراها حتى في الأفلام المرعبة، فالجيش الحر منعنا من دخول المدارس وحول مدارسنا إلى مقرات لهم، وكان يحاول أن يجندنا بحجة أن التعليم لا يفيدنا وعلينا تحرير سوريا، يضحك فؤاد ويقول أي حرية هذه اذا كنا ما نقدر نطلع من بيوتنا والجوع قتلنا…
يوشع ذو 11 عام ،استشهد والده نتيجة قذيفة صاروخية سقطت على منطقته، مما جعله يترك منزل الأسرة، ليسكن هو وأمه في أحد المنازل المهدمة مع عدة أسر أخرى.
"يوشع الذي يحب قطته التي ترافقه دائماً اليوم يخجل أمام أصدقائه لأنه لا يقطن في منزل مستقل كباقي الأطفال، وعندما سألناه ماذا تتمنى في العام الجديد أجاب: "أتمنى أن تهدأ الحرب وأعود الى منزلي القديم لأنعم بالراحة، فلا أتشاجر مع الأولاد، ولا أخجل أمام أصدقائي بسبب سكني الجماعي..
" عائشة" تقطن في نفس السكن الذي يسكن فيه يوشع، وهي فتاة من حي صلاح الدين تعيش مع والديها ولا تخجل من سكنها ، لأنها وجدت أصدقاء جدد تحادثهم ولكنها كانت تخجل من ثيابها القديمة وحذائها المهترئ، وعن أمنياتها في العام الجديد، قالت: "أمي دائما تخيط لي جاكيت من البطانية التي نستلمها من الهلال الأحمر، وأنا أخجل أن أرتديه أمام رفاقي، لذا فإني أحلم بثوب ملون بكافة الألوان وحذاء جميل.
" ياسمين" ذو 12عاماً، تتمنى رغم معرفتها أن أمنيتها صعبة المنال: "كم تمنيت في صغري أن أكمل تعليمي، وأصبح طبيبة أو مهندسة، ولكن هذا الحلم بات مستحيلاً اليوم، ولكني مع ذلك سأعمل جاهدة من أجل إيجاد طريق للسعادة
" بسمة"، لا يتجاوز عمرها 14 عاما، تسكن هي وأمها وأخوتها، فقدت والدها خلال الحرب، وعانت أسرتها الفقر الشديد بسبب غياب المعيل، عندما سألناها عن أمنيتها قالت: "يا رب ما تتلج السنة مشان ما نبرد، وتبكي ماما علينا.
رغم الآسي والألم الذي يعترض أطفال حلب إلا أن بسمتهم باقية على وجههم لتقول للإرهاب نحن باقون وسنبقى.. حرمنا من حقوقنا إلا أننا لن نترك لكم هذه الأرض وأحلامنا ستتحقق وتهزم إرهابكم.