أجرت "سبوتنيك" هذا الحوار ضمن برنامج "ما وراء الحدث".
سبوتنيك: بداية كيف ترى توقيت الاعتداء الإسرائيلي على مطار المزة العسكري؟
العميد حسون: طبعاً ليست هذه المرة الأولى التي تنفذ فيه إسرائيل اعتداءً واضحاً وصريحاً على أراضي الجمهورية العربية السورية منذ بداية الحرب عليها، وهي تريد تحقيق مجموعة من الأهداف، الأول هو إبقاء صورة إسرائيل كدولة متغطرسة وغير قابلة للمحاسبة في هذه المنطقة، والهدف الثاني هو تكريس قواعد اشتباك فرضتها منذ بداية الحرب على سورية، وذلك من خلال تكريس حق غير شرعي بتنفيذ تدابير استباقية تدعي أنه لها الحق بها لحماية أمنها من خلال استهداف مستودعات وقوافل أسلحة وذخيرة تدعي أنها تتجه إلى حزب الله في الأراضي اللبنانية.
سبوتنيك: وهل هناك أهداف أخرى لتلك العمليات؟
العميد حسون: هناك هدف آخر هو تعزيز الحالة المعنوية للمجموعات الإرهابية المسلحة في أرياف دمشق، والتي وصلت إلى حافة الانهيار في وادي بردى، وإيقاف مسيرة المصالحات التي تسير بشكل متسارع وخاصة على اتجاه محافظة القنيطرة، أي باتجاه أرياف دمشق الجنوبية الغربية الملاصقة لمحافظة القنيطرة والأطراف الملاصقة للجولان العربي السوري المحتل، وهذا الأمر يشكل عامل قلق كبير للعدو الصهيوني من خلال إمكانية استعادة الدولة السورية لقواعدها على الحدود مع الجولان السوري المحتل، من خلال أعمال المصالحة التي تجري بشكل متسارع في تلك المناطق وليس بالأعمال العسكرية.
سبوتنيك: هل يمكن أن تؤثر هذه الغارات على تغيير وجهة سوريا نحو العمل السياسي؟
العميد حسون: هذه الغارات لا يمكن أن تشكل عامل ضغط على القيادة السورية من أجل تغيير اتجهاتها أو وجهة العمل السياسي لديها أو لدى حلفائها، فهذه الغارات تنفذ بشكل مستمر والعدو لا يمكنه تنفيذ اعتداءات مبررة في مناطق أخرى، لذا فهو يستهدف بشكل دائم هذه المنطقة تحديدا، ونحن نعلم أن محيط دمشق وخاصة في منطقة المزة هي منطقة هامة من الناحية المعنوية لسكان دمشق، إذ هم يريدون التأثير على الحالة المعنوية للشعب السوري وخاصة المقيمين في هذه المنطقة، أما أن تكون هناك مراهنة حقيقية في أن تؤدي هذه الغارات إلى تأثير على الوجهة أو الخط السياسي للدولة السورية فهذا يعتبر منتهى الغباء، لأن الحروب القائمة على الدولة السورية منذ ست سنوات لم تنجح في تغيير خطها السياسي ولم تنجح في تغيير تحالفاتها أو إجبار الدولة السورية على تقديم تنازلات سياسية أو جيواستراتيجية لحلف العدوان على سورية.
سبوتنيك: ما تعليقك على تزامن الاعتداءات في وادي بردى والتفجيرات الإرهابية في منطقة كفرسوسة في العاصمة دمشق بالقرب من بعض المراكز الأمنية؟
العميد حسون: بطبيعة الحال هناك تكامل في عمل العدو الصهيوني وعمل المجموعات الإرهابية المسلحة في محيط دمشق وفي المنطقة الجنوبية بشكل عام، والاستهدافات التي تقوم بها تلك المجموعات على المرافق الحيوية سواء كانت في قطع المياه عن دمشق أو غير ذلك، هو في ذات الإطار للضغط على الدولة السورية ونحن لا يمكن أن نقول إن هذا الإعتداء من قبل العدو الصهيوني يهدف إلى تغيير واقع سياسي وتغيير واقع عسكري كبير داخل الساحة السورية، وإنما يهدف إلى الضغط على القيادة السورية، وهو نفس الهدف الذي تعمل عليه المجموعات الإرهابية في قطع المياه عن دمشق، ومن خلال استهداف التفجيرات لمواقع في مدينة دمشق.
سبوتنيك: ما هي الجهات التي كانت مستهدفه من التفجيرات الإرهابية أمس؟
العميد حسون: صحيح أن الحي الذي استهدفته التنظيمات الإرهابية أمس هو قريب من بعض المراكز الأمنية، ولكنه في الحقيقة أيضا حي يقطنه مواطنون من الطبقة العاملة من ذوي الدخل المحدود، وهم ضحايا الإرهاب الذي ينفذ بأيدي هي امتداد لليد الصهيونية التي تستهدف الدولة السورية ومؤسساتها.
سبوتنيك: ما رأيك في المطالبات التي وردت من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالرد المباشر والفوري من قبل الدولة السورية على هذه الاعتداءات؟
العميد حسون: في البداية لابد من أن أكون واضحاً وأتفهم دوافع بعض المواطنين الحريصين على سمعة الدولة السورية، والحريصين على الانتقام من العدو الصهيوني على اعتداءاته المتكررة، وأيضاً أتفهم بعض الأحاديث التي تدور والتي يراد منها الانتقاص من سيادة الدولة السورية والانتقاص من القيادة، والطلب من القيادة السورية بأن تقوم بالرد في مثل هذه الظروف الدقيقة جداً في الحقيقة هو غير ممكن لأسباب عديدة، منها عسكرية تتعلق بالعمليات التي تقوم بها القوات المسلحة السورية على حوالي 100 جبهة داخل الأراضي السورية، وبالتالي لا يمكن للجيش العربي السوري حالياً أن يفتح جبهات جديدة ستحتاج إلى إمكانات وقوات كبيرة غير متوفرة في الوقت الحاضر، ومن جهة أخرى فإن هذه الاستفزازات يراد منها دفع الدولة السورية إما إلى تقديم تنازلات كبيرة أو لدفع القيادة السورية إلى الرد بشكل غير مدروس وغير متقن بحيث يكون هذا الرد عبء على الدولة السورية، ولا يقدم أو لا يمكن أن يؤدي إلى نتيجة توقف العدوان، ومن ناحية أخرى هذا العدوان يراد منه الضغط على حلفاء سورية وكشف مخططاتهم.
سبوتنيك: هناك أيضا تساؤلات مطروحة حول عدم استخدام صواريخ إس 300 وإس 400، والموقف الروسي من محاولة جر سوريا إلى مواجهة قد تؤدى إلى خسارة كل ما حققته خلال السنوات الست الماضية؟
العميد حسيون: هناك أمران بالنسبة للموقف الروسي، الأمر الأول هو أن التواجد الروسي في سورية، ليس من أجل القتال بدلا من الجيش العربي السوري، بل وجوده مرتبط بتقديم الدعم العسكري للجيش السوري في مكافحة الإرهاب، ونحن نعلم أن روسيا لا يمكن أن تكون طرفاً في الصراع بين العدو الصهيوني وبين الدولة السورية، وهناك أمر آخر بخصوص منظومات الصواريخ الموجودة، فهناك ظروف دفعت روسيا إلى استخدام منظومات تتعلق بالواقع الذي كان منذ عدة أشهر والذي تمثل بتهديدات استراتيجية من الولايات المتحدة، لضرب مواقع استراتيجية وعسكرية للدولة السورية، لذلك تم نشر جزء من هذه المنظومات، والأمر الآخر في حال استخدمت سورية مثل هذه المنظومات تكون بذلك دفعت روسيا والحلفاء إلى مواجهة ليست في وقتها، والآن هو وقت العمل الأساسي في تطهير الأرض السورية من المجموعات الإرهابية التي تعتبر بشكل مباشر الذراع العسكرية للعدو الصهيوني.
أجرى الحوار: نواف إبراهيم.