وتوفيت الطفلة رانية (10سنوات) قبل أيام نتيجة إصابتها بنزلة برد شديدة، حيث عجزت عائلتها التي تسكن في كوخ في منطقة عين دراهم التابعة لولاية جندوبة (شمال غرب)، عن إسعافها إلى أحد المستشفيات بسبب ظروفها الاجتماعية الصعبة.
وأطلق نشطاء حملة واسعة على موقع "فيسبوك" انتقدوا فيها سياسة الحكومة تجاه المناطق المهمشة والتي تسببت في موت رانية وزيادة نسبة الفقر والبطالة وغياب التنمية في تلك المناطق، حيث كتبت مستخدمة تدعى بتول "كنا نسمع عن بائعة الكبريت حتى رأيتها في بلدي…بلد الكفاءات الأربع!"، وأضاف مستخدم آخر "كلنا رانية، رانية دمعة وذنب وضحية وشهيدة، وأمثالها موجودون بكثرة، وقد يقاومون البرد والفقر أو ربما يموتون بسببهما".
وكتب المدوّن ياسين العيّاري "دم رانية لا يأتي بـ500 ليتر بنزين كدم سقراط (شقيق وزيرة الشباب والرياضة المتهمة بالفساد)". وأضاف موقع "الشاهد": "لقبوها بـ"بائعة كبريت تونس" لأنهم يخالون أن البرد هو الذي قتلها، لكن في الواقع رانية ضحية نظام بأكمله، ضحية فقر وحاجة وخصاصة وغياب للعدالة الاجتماعية، رانية ماتت لأن والدها لم يستطع توفير غطاء يحمي جسدها المحموم".
ونشرت صفحة "كشف المستور عن بقايا نظام الديكتاتور" على موقع "فيسبوك" صوراً لرانية ونقيب الفنانين مقداد السهيلي مرفقة بتعليق جاء فيه "في الوقت الذي يموت فيه الأطفال والنساء في تونس بالبرد في أكواخ قصديرية، وفي حين تنتفض ولايات كاملة مطالبة بالتشغيل والعيش الكريم، مقداد السهيلي و"بكل وقاحة"، يطالب بنصب تمثال للمغني الراحل علي الرياحي بقيمة 30 ألف دينار!".
وأضافت الصفحة ذاتها "كمال الجندوبي (الوزير السابق لحقوق الإنسان) هو من يعتبر في حقيقة الأمر المتسبب الأول في قتل الطفلة رانية بالبرد، لأنه في إطار محاربة الجماعات المتطرفة وتمويلها، أمر بحل جميع الجمعيات الخيرية التي من شأنها أن تصل العائلات المعززة في كامل مناطق البلاد، إلا أنه لم يطرح بديلاً للجمعيات التي كانت تصل إلى العائلات الفقيرة، وتركهم فريسة للفقر والخصاصة والبرد والجوع".
وأطلقت الفنانة رانية القابسي حملة جديدة بعنوان "أنا رانية وكلنا رانية…عين دراهم في عينينا" تهدف إلى جمع تبرعات لفائدة عائلة الطفلة رانية ضيفلي، ولقيت الحملة تجاوباً كبيراً من قبل التونسيين، فيما اعتبر والي "جندوبة" أكرم السبري أن وفاة رانية كانت نتيجة الزكام الحاد وليس بسبب البرد، مشيراً إلى أنه أوصى بتمكين عائلتها من دفتر علاج مجاني ومنحة ثابتة خاصة بالعائلات المعوزة والبحث عن إمكانية تأمين عمل لوالدها العاطل عن العمل إضافة الى منحة لتحسين سكن العائلة البدائي.
وتصنّف ولاية "جندوبة" ضمن الجهات المحرومة في تونس، والتي يتركز أغلبها في الشمال الغربي والجنوب، حيث يشكو سكانها من "التهميش" الحكومي المستمر، مشيرين إلى أن الحكومة لم تلتزم حتى الآن بالوعود التنموية لهذه الجهات، والتي تتجدد في كل مناسبة أو حادثة تتعرض لها هذه المناطق.
المصدر: القدس العربي