نص الحوار
سبوتنيك: إلى أي حد وصل تفاقم أزمة الكهرباء في غزة حتى الآن؟ وكيف بدأت؟ وما هي الحلول المؤقتة التي قد تسلكونها للتخفيف من معاناة المواطنين إلى أن يتم الوصول إلى الحل النهائي للقضاء على المشكلة؟
عطاالله: يحتاج قطاع غزة إلى 450 ميغاواط، والمتواجد الآن بالذروة من 200 إلى 220 ميغاواط، فإن أتمت إسرائيل ومصر نصيبهما من توريد الميغاواط إلى القطاع بمجموعهما، فإن محطة الكهرباء ستعمل بنصف الكهرباء اللازمة لحاجة القطاع، وهذا كاف للتشغيل لمدة 8 ساعات لوصل التيار، مقابل 8 ساعات للقطع، في وقت الذروة حال توافر الإمكانات بما فيها السولار.
المشكلة تكمن في حال قطع أحد خطوط الإمداد، أو توقفت محطة التوليد عن العمل بكفاءتها العالية، بسبب فرض ضريبة (بلو) المفروضة من قبل السلطة الفلسطينية على شركة الكهرباء، أو تأخر الوقود، مما يضطر شركة الكهرباء إلى تقليل فترة الوصل التي بلغت اليوم 3 ساعات فقط في اليوم الواحد، تليها 12 ساعة أو أكثر من فترات الانقطاع.
الحلول من وجهة نظرنا تكمن في الحل الداخلي المتمثل في أن تقوم السلطة في رام الله بتسهيل توريد الوقود بدون فرض ضريبة (بلو)، كي تتمكن محطة التوليد من العمل بكفاءتها العليا، على أن يتم توفير الصيانة الدورية للخطين المصري والإسرائيلي المسؤولين عن توريد الميغاواط إلى القطاع، في محاولة للمحافظة مرحليا على وصل التيار لمدة 8 ساعات خلال فترة الشتاء، كما ينبغي على السلطة في رام الله أن تسهل عمل الخط 160 الإسرائيلي الذي سيسهم بإمداد القطاع بنحو 120 ميغاواط، والتي ستمكن التيار الكهربائي من العمل لمدة 16 ساعة من الوصل، مما يشكل نقلة نوعية لسكان القطاع في مجال توليد الطاقة الكهربائية.
أما على صعيد الحل الخارجي فسيكون عن طريق إمداد كل من تركيا وقطر القطاع بالوقود، إلى حين إعادة النظر في مشاريع محطات كهرباء تعمل على الطاقة الشمسية، والتي يصعب تنفيذها، لضيق المساحات الواسعة والزراعية في القطاع، نظرا لنسبة الكثافة السكانية المتركزة في القطاع إلى نسبة المساحة الكلية.
سبوتنيك: من المسؤول عن تلك الأزمة برأيك؟ وما الرابط بين الحصار المفروض على القطاع من قبل إسرائيل وبين تحميلكم السلطة الفلسطينية المسؤولية عما يحدث، استنادا إلى ما جاء في وصف الحركة للوضع الحالي بـ"المؤامرة التي تهدف إلى تشديد الحصار على القطاع"؟
عطاالله: هناك حصار في قطاع غزة تشارك فيه أكثر من جهة دولية وإقليمية ومحلية، والشعب الفلسطيني يدرك جيدا من بيده الكهرباء، فمن يتحمل المسؤولية هو من يملك أدوات التواصل مع المانحين ، ومن هو على صلة بالمجتمع الغربي من داخل فلسطين، ومن يستطيع أن ياتي بالدعم ويستطيع التحرك خارج قطاع غزة، لأن القاطن بداخل غزة عاجز عن التحرك بسبب الحصار، وأنا أطالب الرئيس الفلسطيني بأن يتحمل مسؤوليته تجاه أبناء غزة، ويتدخل ليرفع الظلم عن القطاع بكلمة واحدة منه، عن طريق إعطاء موافقته على خط الإمداد 161، ويسمح برفع ضريبة (البلو) عن قطاع غزة، ويساهم في إيجاد توربينات جديدة في محطة التوليد، وبهذا يتم القضاء على المشكلة بشكل نهائي.
سبوتنيك: كيف للسلطة الفلسطينية أن تتحمل مسؤولية الأزمة وسط سيطرة "حماس" على شركة توزيع الكهرباء، بحسب ما تقوله الحكومة الفلسطينية؟
عطاالله: "حماس" لا تسيطر على شركة الكهرباء ولا تتعامل معها ولا علاقة لها بإدارتها، وكل الأموال التي يتم جمعها من الأهالي في قطاع غزة يتم تصديرها للسلطة الوطنية الفلسطينية، التي يصلها من القطاع 50 مليون دولار شهريا، نصف هذا المبلغ متمثل في ضريبة (بلو)، التي تدخل في ميزانية السلطة، فالسلطة تعيش على هموم قطاع غزة، وميزانية السلطة تعيش على جزء من الجباية القادمة من القطاع إلى رام الله، ونحن على أتم استعداد لتسليم شركة الكهرباء إلى (تكنوقراط) تكوّنه رام الله.
المسؤولون في "فتح" لا يتحملون مسؤوليتهم وسيسألهم التاريخ عن إعتام غزة ليلا، والوقوف أمام مسيرتها وتنميتها نهارا.
سبوتنيك: كيف تردون على الاتهامات الإسرائيلية الموجهة ضدكم بتحميلكم مسؤولية الأزمة من خلال تصريحات أحد مسؤوليها بأن قادة "حماس" ينعمون بالكهرباء على مدار الساعة فيما يتوفر التيار الكهربائي لسائر سكان القطاع لـ3 ساعات يوميا فقط، وأن إسرائيل لم تمنع السولار عن غزة، لكنكم تستغلون جمع أموال الكهرباء في التجهيزات العسكرية للحركة؟
عطاالله: هذا الذي يتحدث، ليس فلسطينيا، ولا يعيش في قطاع غزة، ولا يعلم شيئا عن غزة، وإنما يعيش في مكتبه وتأتيه العبارات المعلبة ليتلوها كما هي، فقادة "حماس" لا يقطنون أحياء معينة أو بنايات معروفة لا يتم قطع الكهرباء عنها، ومن غير المنطقي أن يتم قطع التيار في شارع كامل وتولّد إلى بيت فيه، أو تقطع عن بناية كاملة ويتم توليدها لشقة فيها دون غيرها، وليسموا بيتا واحدا لأحد قادة "حماس" يضيء ليل نهار كما يدعون.
إسرائيل هي المتسببة في حشد وتأجيج وتجييش الرأي العام ضد الجهة غير المتسببة في المشكلة ("حماس")، ولكن بالأمس عادت القيادات الإسرائيلية إلى رشدها وتراجعت عن موقفها بعد أن فطنت إلى أن الأمر سينفجر في وجوههم في نهاية الأمر، فلابد أن يبحثوا عن حل للوضع القائم، فكل عاقل من أبناء الشعب الفلسطيني بمختلف فصائله،على علم بأن المتسبب الحقيقي في حصار أبناء غزة هي إسرائيل، وعليهم أن يجدوا حلا ، وإلا فالانفجار قادم وسيكون باتجاههم.
سبوتنيك: ما هي مخاطر استمرار الأزمة؟ وهل من سبل للحل تم التوصل إليها من قبلكم ؟ وما هي المدة الزمنية التي قد يستغرقها تفعيل تلك الحلول من أجل القضاء على أزمة الكهرباء بشكل قاطع ؟
عطاالله: كل الشخصيات الفلسطينية الآن تعيش في حالة تواصل منسجم من أجل إيجاد حل جذري لهذه المشكلة، وجميع الحلول مطروحة، فغزة لا تملك إلا أن تأتي بمصدر خارجي للكهرباء، فالأمر لا يحتاج لأكثر من إرادة سياسية تترجم إلى واقع على الأرض، بعدها ستضاء غزة خلال أيام.
لكن الوضع الحالي ينبئ بانفجار كارثة إنسانية منطلقة من غزة خلال الأيام القادمة، فأجهزة المستشفيات معطلة، والمدارس مغلقة، والمحال أيضا، والشوارع مظلمة، فالحياة متوقفة تماما في القطاع، ونحن بانتظار المزيد، ما إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
سبوتنيك: ألا ترى أن هذه الأزمة تزيد من اتساع هوة الخلاف بين "حماس" وبين السلطة الفلسطينية مما ينعكس بشكل سلبي على سير المفاوضات التي تسعى إليها أطراف دولية متعددة، والرامية في نهاية المطاف إلى رفع الحصار الذي أنهك الشعب الفلسطيني منذ سنوات؟
عطاالله: الشعب الفلسطيني طريقه معروف منذ الأزل، وطريقه الاجتماع على كلمة واحدة ، عندها سيصنع المعجزات، إننا لم نعد نصدق مشاريع السلام الهزلية التي لن تجلب لنا سوى المزيد من الظلام، فأي سلام وأي دولتين وأي مفاوضات يمكن أن تجرى مع تعنت الطرف الإسرائيلي، بحكومته اليمينية المتعنتة، التي لا تقبل بأي مظاهر للسلام، وقبولها الوحيد يكمن في القتل والدمار والتجويع لأبناء الشعب الفلسطيني، وما نشهده اليوم من أزمة انقطاع الكهرباء، هو أهم مظاهر الحصار التي فرضته إسرائيل على القطاع.
أجرت الحوار: دارين مصطفى