الكثيرون يشبّهون هذه اللغة بـ"الحقنة" المثيرة للجدل في جسد التعليم الفرنسي، غير أن موضع الإشكال يختلف بين من يرى في هذه "الحقنة" لقاحا ناجعا، وبين من يعتبرها جرعة سامّة قادرة على خلق أعراض جانبية على قدر من الخطورة.
وقالت الإعلامية الفرنسية من أصل تونسي، فاتن سماوي، في تصريح لـ"سبوتنيك"، إن "فكرة تدريس اللغة العربية من مشروع قدمته وزيرة التعليم الفرنسية نجاة بلقاسم، وعرضته على مجلس النواب في مايو/أيار 2016، وتزامن ذلك مع الهجمات الإرهابية التي عاشتها فرنسا، وكان المجتمع الفرنسي يعيش حالة توتر وخوف، ولذلك لقي المشروع معارضة كبيرة وجدال وصد، خصوصاً من اليمين الجمهوري، واليمين المتطرف، والحجة أنه إذا وقع تدريس العربية، فهو تكريس أكثر للطائفية، وظهرت الإسلاموفوبيا في تصريحات عدة.
وتابعت "وزيرة التعليم أن اللغة ستدرس، لأن الجمهورية الفرنسية قائمة على العلمانية والمساواة لكل الفرنسين مهما كان اختلافهم، وذكرت للرافضين أن اللغة العربية موجودة أبيتم أم شئتم في كثير من الفرنسيين من أصول عربية".
وأضافت سماوي "فكرة البرنامج التدريسي ضمن إطار إصلاح المنظومة التربوية والتعليمية في فرنسا، خصوصا أنها تعاني من عدة نقاط، منها قدرتها على استقطاب كل الأطفال الموجودين في فرنسا، خصوصا أبناء المهاجرين، من الجيل الثاني أو الثالث".
وأردفت "اللغة العربية تقترن بالإسلام، وهي لغة القرآن والمسلمين، ورغم إثارتها جدلا كبيرا، ولكن تدريس اللغات الأخرى ليس موضوعا غريباً على فرنسا التي تدرس كل اللغات، من التعليم الابتدائي، ففكرة إدماج اللغات تم وضعها في اتفاقية قديمة، ممضاة من الحكومة الفرنسة من السبعينات، والبرنامج يسمى تحديداً، إدراج اللغات الأجنبية اللغات الأم، ففي تلك الفترة استقبلت فرنسا يد عاملة من صريبا والبرتغال واسبانيا وتركيا والمغرب العربي".
وتابعت "الجيل الثاني للشغيلة الأجانب، وجب إدراجهم في التعليم الفرنسي، وإضافة إلى تدريس اللغة الفرنسية كلغة أساسية، يمكن إدماج برنامج لتدريس اللغة الأم لكل طفل، لتسهيل إدماجه في المجتمع الفرنسي، ولتسهيل الحياة للآباء الذين كانوا في ذلك الوقت لا يتقنون الفرنسية، وتدريس لغاتهم الأصلية تم كجسر للتواصل".
وأضافت فاتن سماوي "مشكلة فرنسا عامة أن هذا النظام التربوي لم يقع تطويره منذ عهد الجمهورية الفرنسية الثانية، ودائما تتم مناقشة تطوير ذلك النظام، وفي هذا الإطار وجدت وزيرة التعليم، بعد الهجمات الإرهابية، أن هناك جهل بتاريخ وحضارة ومستقبل البلدان العربية، فقررت إدراج اللغة العربية، وتم تجهيز تجربة بسيطة لتدريسها في الابتدائي، خاصة أنه كل اللغات تم إدراجها في التعليم منذ السبعينات، واستثناء العربية".
وقالت فاتن سماوي في نهاية حديثها "المعضلة الآن هي من سيدرس هذه اللغة، فالأساتذة والمدرسون يقع انتدابهم مبعوثين من لوائح وقوائم معتمدة من الحكومة الفرنسية، من سفارات تلك الدول في باريس، والحكومة الفرنسية ليست مشرفة بصورة مباشرة على اختيار الأساتذة، أو تدريبهم، وفريق الوزيرة نجاة بلقاسم، وصلوا لحل وسطي، بانتداب هؤلاء الأساتذة مباشرة من وزارة التعليم الفرنسية، ويقع تدريبهم من خلال الوزارة نفسها، وإدراج برنامج تعليم العربية للسنة الدراسية 2018، بعد انتهاء البرنامج التدريبي".