انبثقت فكرة المهرجان الذي يضم قرية متكاملة للتراث والحلي القديمة، والأدوات التي كان يستخدمها الإنسان السعودي في بيئته قبل أكثر من خمسين عاماً، إضافة لمعارض الفنون التشكيلية وسباق الهجن السنوي الذي ذاع صيته على المستويين الوطني والإقليمي.
وتؤكد فعاليات المهرجان على إبراز أوجه التراث الشعبي المختلفة، من الصناعات اليدوية والحرف التقليدية بهدف ربطها بالواقع المعاصر والمحافظة عليها من الاندثار. ويقام المهرجان تحت رعاية وزارة الحرس الوطني السعودي ويجذب آلاف الزوار من الداخل والخارج.
وفي الحديث عن محطات المهرجان…أقيمت الدورة الأولى للمهرجان في 24 مارس/آذار 1985، واستمر عشرة أيام حتى 3 إبريل/نيسان1985، وبعد نجاح الدورة الأولى، تم إنشاء قرية متكاملة للتراث تضم مجمعاً يمثل كل منطقة من مناطق المملكة، ويشتمل على بيت وسوق تجاري وطريق وبها معدات وصناعات ومقتنيات وبضائع قديمة.
وفي الدورة الثالثة عام1987، تقرر أن تنظم ندوة ثقافية كبرى كل عام يشارك فيها كبار المثقفين والمفكرين العرب، وتهتم بالتراث الشعبي العربي بمختلف فروعه وعلاقته بالفنون الأخرى، ويخصّص كل عام موضوعاً معيناً يقدم فيه الباحثون والمفكرون أوراق عمل ودراسات علمية متخصصة، وكان موضوع الندوة في ذلك المهرجان هو الموروث الشعبي في العالم العربي وعلاقته بالإبداع الفني والفكري، نوقش فيها ست دراسات من كبار المتخصصين والباحثين العرب، كما تم في تلك الدورة إقامة أول جناح للصناعات الوطنية، وأول مسابقة للطفل السعودي تهتم بالتراث الشعبي، وتم إنشاء صالة للنشاطات الثقافية بمساحة ألفي متر مربع، وأقيم في المهرجان لأول مرة عرض للأزياء النسائية القديمة في الأيام التي خصصت للنساء…
أما الدورة الرابعة في عام 1988، فقد شهدت أول مشاركة لدول مجلس التعاون الخليجي وكان موضوع الندوة هو الفن القصصي وعلاقته بالموروث الشعبي، عقد لها ست جلسات نوقشت فيها ست ورقات عمل من المثقفين والأدباء السعوديين والعرب، وشارك في مناقشتها 28 أديباً ومفكراً سعودياً وعربياً ومستشرقاً.
وجاءت الدورة الحادية عشر1995، مميزة عن سابقاتها بإقامة أكبر ندوة فكرية حول الإسلام والغرب، شارك فيها مفكرون من الغرب ممن عرفوا بالطرح الموضوعي العلمي، يقابلهم عدد من مفكري الإسلام وعلمائه، وشهدت الدورة 12 تطوراً لدور المرأة، حيث لم يقتصر الأمر على مشاركة المرآة التراثية والفلكلورية خلال هذا المهرجان، بل تطور دورها حتى أصبح لها نشاط ثقافي تشرف عليه وتعده اللجنة الثقافية في المهرجان شمل الندوات والمحاضرات المختلفة.
أما الدورة 14 عام 1998، فكانت حدث استثناثي، حيث تزامنت فعاليات المهرجان مع الذكرى المئوية لتأسيس المملكة على يد الملك عبد العزيز وتمحورت كل نشاطات المهرجان.. وكانت آخر دورات المهرجان "الدورة 32، العام الحالي 2017".
وتتلخص أهم أهداف مهرجان "الجنادرية" في التأكيد على القيم الدينية والاجتماعية التي تمتد جذورها في أعماق التاريخ للبطولات الإسلامية، لاسترجاع العادات والتقاليد الحميدة التي حث عليها الدين الإسلامي الحنيف، وإيجاد صيغة للتلاحم بين الموروث الشعبي بجميع جوانبه وبين الإنجازات الحضارية والعمل على إزالة الحواجز الوهمية بين الإبداع الأدبي والفني وبين الموروث الشعبي وتشجيع اكتشاف التراث الشعبي، وبلورته في أعمال أدبية وفنية ناجحة والتعهد بحفظه من الضياع وحمايته من الإهمال.
بجانب تشجيع دراسة التراث للإستفادة من كنوز الإيجابيات كالصبر وتحمل المسئولية والاعتماد على الذات والبحث في وسائل الاستغلال الأمثل لمصادر البيئة المختلفة، مع رصد المتغيرات السريعة التي واكبت التقدم العلمي عالمياً ومحلياً وأثر ذلك على الحياة من خلال المعارض والحرف التي توفر أسلوباً مميزاً للمقارنة الموضعية.
إلى جانب العمل على التعريف بالموروث الشعبي، بواسطة تمثيل الأدوار الأولية، والاعتماد على المحسوس، حتى تكون الصورة أوضح وأعمق، وإعطاء صورة حيّة عن الماضي خلال معاينة ثقافية وفنية.
بالإضافة إلى تجديد التراث الثقافي والفكري والذي هو شاهد على أصالة هذه المنطقة ووفرة عطائها وخصوبة منبتها وعمقها الحضاري، فقد كانت المنطقة وما زالت زاخرة بالأدب والأدباء وأئمة الدين ورواد الفكر والعلم.
تقرير: أحمد بدر