فوفقا للمحللين السياسيين، لقد أظهرت السنوات الماضية أن الأطروحات التي طرحها بوتين في خطابه لم تفقد أهميتها، وأن العديد من الاتجاهات السلبية، التي حذر منها الرئيس الروسي قبل عشر سنوات، بدأت تتضخم.
صدارة القوة على القانون
من خطاب فلاديمير بوتين في عام 2007: "إننا اليوم نشاهد استخدام القوة العسكرية في العلاقات الدولية، القوة التي تغرق العالم في هوة الصراعات الدائمة، الواحد تلو الآخر، نحن نشهد ازدراء متزايدا للمبادئ الأساسية للقانون الدولي".
لقد قال هذه الكلمات قبل بدء "الربيع العربي" الذي تدخلت فيه قوى خارجية بما في ذلك تدخلا عسكريا. وأبرز الأمثلة الحروب الأهلية في ليبيا وسوريا، حيث أصبح التدخل العسكري الأجنبي مفتوحا وعلى نطاق واسع.
ونذكر بيوغوسلافيا والعراق، إذ حذر بوتين في "خطاب ميونيخ" من أنه إذا استمر هذا الاتجاه، ففي نهاية المطاف سوف يصبح قاعدة لأكثر من مرة، وستستخدم القوة ليس فقط الولايات المتحدة. وهذا ما حدث.
سباق تسلح جديد:
من خطاب فلاديمير بوتين في عام 2007: "لا أحد يشعر بالأمان، لأن لا أحد يستطيع الاستناد على القانون الدولي، وهذه السياسة هي، بطبيعة الحال، المحفز لسباق التسلح!"…
نمت الميزانية العسكرية الأمريكية خلال أعوام 2006-2016 من 527 مليار دولار إلى 607 مليار دولار. وظلت ميزانية الناتو مستقرة لفترة طويلة، لكنها ارتفعت في العام الماضي أيضا.
كما ارتفع الإنفاق على الدفاع الروسي بشكل كبير (اعتمد في عام 2010 برنامج لتسليح الدولة، ووضع لمدة عشر سنوات، بميزانية تبلغ حوالي 20 تريليون روبل).
الرؤوس الحربية النووية من أجل "اليوم الأسود"
من خطاب فلاديمير بوتين في عام 2007: "إن الخطر المحتمل لزعزعة العلاقات الدولية مرتبط بركود واضح في العمل على نزع السلاح. اتفقنا مع الولايات المتحدة على الحد من الترسانات النووية. وتعتزم روسيا الالتزام، ونأمل أن يفعل شركاؤنا نفس الشيء بكل شفافية وأن لا يتركون، احتياطا للـ"اليوم الأسود"، المئات من الرؤوس الحربية النووية".
"حرب النجوم" في القرن الحادي والعشرين
من خطاب فلاديمير بوتين في عام 2007: "حرب النجوم"، كما هو معروف، لم تعد ضربا من الخيال بل حقيقة واقعية…إن عسكرة الفضاء الخارجي يمكن أن يكون لها عواقب لا يمكن التنبؤ بها للمجتمع الدولي — ولن تكون عواقبها أقل من عواقب بداية العصر النووي… اليوم، أود أن أحيطكم علما بأننا قمنا بإعداد مشروع معاهدة بشأن منع نشر الأسلحة في الفضاء الخارجي".
في الوقت الحاضر، القانون الدولي لا يعلق، وحتى لا يحظر، نشر الأسلحة في الفضاء الخارجي. في عام 2014، بمبادرة من روسيا والصين، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قانونا "بشأن عدم نشر الأسلحة في الفضاء." وصوت أكثر من 124 بلدا لصالح القانون، وصوتت ضده— الولايات المتحدة وإسرائيل وجورجيا وأوكرانيا.
موقف موسكو بسيط وواضح، حظر نشر أي سلاح في الفضاء. ولكن حتى الآن لم يكن هناك حظر، والولايات المتحدة وروسيا تطور مثل هذه الأسلحة.
ضد من موجهة الدرع الصاروخية الأمريكية؟
من خطاب فلاديمير بوتين في عام 2007: "نحن قلقون من خطط نشر الدرع الصاروخية في أوروبا، في الواقع لا يوجد لدى الدول التي تسمى "مضطربة" صواريخ بمدى نحو 5-8 آلاف كيلومتر تهدد أوروبا، ولن تظهر في المستقبل".
وقد صرح الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما مرارا أن نشر الدرع الصاروخية الأمريكية في أوروبا، هي لمنع إيران تطوير أسلحة نووية.
وقال: "إذا لم يكن هناك أي أسلحة نووية عند إيران — لن يكون هناك درع صاروخية أمريكية في أوروبا". ولكن إيران تخلت رسميا عن الأسلحة النووية، بينما عملية بناء نظام الدفاع الصاروخي في أوروبا لم تتوقف".
توسع حلف شمال الأطلسي
من خطاب فلاديمير بوتين في عام 2007: "أعتقد من الواضح — أنه لا يوجد علاقة بين عملية توسع الناتو، وتحديث الحلف لذاته و ضمان أمن أوروبا، على العكس تماما، هذا استفزاز خطير يقلل من مستوى الثقة المتبادلة، ولدينا الحق في أن نسأل: ضد من هذا التوسع؟".
وقد توسعت منظمة حلف شمال الأطلسي مرتين: في عام 1999، وانضمت للتحالف بولندا، وجمهورية التشيك، والمجر، وفي عام 2004 — سبع دول أخرى.
بعد ميونيخ، العملية لم تتوقف عند هذا الحد: في عام 2009، انضمت إلى منظمة حلف شمال الأطلسي، ألبانيا وكرواتيا. واليوم، أصبحت المفاوضات بشأن انضمام الجبل الأسود إلى الحلف في المرحلة النهائية.
وفي الوقت نفسه، منظمة حلف شمال الأطلسي لا تتوسع فقط، بل وتجري عمليات عسكرية بنشاط على حدود روسيا.