تعيش سورية حالياً ظروفا متقلبة اقتصادياً بفعل الحرب القائمة عليها منذ ست سنوات، استطاعت سورية خلالها أن تحافظ إلى درجة كبيرعلى كيانها الاقتصادي من الانهيار رغم الاهتزازات الكبيرة التي عانتها بفعل الحصار الاقتصادي الممارس عليها منذ بداية الأزمة، وعنينا هنا بالظرف المتقلبة، التحولات الإيجابية الحالية نحو إعادة الإعمار وانبعاث الصناعة السورية من جديد في مجالات عدة منها صناعة أو تجميع السيارات، رغم الضغوط الحاصلة، والتي انعكست على الحياة العامة للشعب وخاصة في قطاع الطاقة الذي يعتبر عماد الكثير من الصناعات ومرافق الحياة اليومية للشعب السوري، وفي حقيقة الأمر برزت أزمة الطاقة في سورية بشكل كبير جداً أعطى صورة غير واقعية عن حقائق مايجري، ما جعل شرائح كثيرة من الشعب السوري تعبر عن نقمتها وتتهم الحكومة تارة بالتقصير، والحلفاء تارة أخرى في التأخر بالدعم، ومرة ثالثة توجه أصابع الاتهام إلى ما سمتهم تجار الأزمة الذين في حقيقة الأمر موجودون في أي بلد تعيش مثل هذه الظروف، لكن الذي يحصل ليس هو إلا انعكاسات هذه الحرب والحصار الذي منع تقديم الدعم للشعب السوري ولعل بعض الأخطاء تكمن في عدم إيضاح الصورة أمام عامة الشعب لأسباب قد تكون مطلوبة في مثل هذا الظرف، أو غياب المسؤولية ربما عند بعض الجهات أو المسؤولين في تجاوز مثل هذا الظرف.
يقول ضيف حلقة اليوم، الدكتور فادي عياش، إنه هناك حرمان من مصادر الطاقة وهناك عمليات تدمير لمنع إعادة تشغيل مصادر الطاقة لاحقاً، ثم الكلف الباهظة جدا للبدائل المتاحة من خلال الاستيراد، طبعا لو كان الاستيراد متاحاً، بشكل بسيط لدينا من الإمكانات والموارد ماهو كاف لتعويض هذا النقص، لكن جاءت العقوبات الاقتصادية الممنهجة التي تعد أشد وطأة من الحرب العسكرية، وهذه العقوبات أدت إلى زيادة أعباء وتكاليف وصعوبة الحصول على بدائل.
وفيما يخص دور الحلفاء الذين يتساءل البعض عن دورهم كونهم كبار منتجي النفط والغاز في العالم لماذا لا يقدمون من الدعم ما يحتاجه الشعب؟ للأمانة نقول أن كل حلفاءنا قدموا كل ما يستطيعون ولكن يجب أن ندرك أن الاقتصاد العالمي محكم، والطاقة تحديداً هي أحد أهم مفاتيح التحكم في الاقتصاد العالمي، وهي محكمة بشكل تام، وهناك صعوبة لوجستية بالغة في تأمين النواقل القادرة على تأمين الشحنات البديلة، والعقوبات الظالمة أحادية الجانب تعيق وتصعب الأمر أيضاً، وبالنسبة للحلفاء، مثلاً روسيا لا يمكن أن تتخطى القانون الدولي ولو كان ظالماً لأنها مجبرة على تطبيق نظام القانون الدولي وتحتاج أيضاً إلى تأمين نقل هذه الشحنات وإيصالها، وهنا يجب أن نؤكد أن عملية التامين عملية دقيقة جداً وعقود التأمين أيضاً مسيطر عليها، وإذا ما كان هناك من سيغامر ويزودك بالطاقة فكيف سوف يؤمن على النواقل، هذا عدا عن أسلوب تأمين المقابل ودفع تكاليف المادة المنقولة، والأزمات التي تحدث في سورية هو نقص في الإمداد وليس في المصادر، وهناك عدة سفن كانت تنقل النفط تم منع تمريرها أكثر من مرة وتمت مصادرتها كان بعضها يريد عبر قناة السويس ولم يسمح لها، ومؤخراً تمت مصادرة ست ناقلات نفط تحت شعار تطبيق القانون الدولي لأنك تحت الحصار، وهناك أسباب أخرى كتجار الأزمة من ضعاف النفوس، وطريقة التعامل مع الأزمة من قبل بعض المسؤلين في توصيف وشرح مبررات التقصير أو قطع الإمدادات، ولكن الأهم أن ندرك هنا أنه لابد من أن يكون هناك مجال ووسيلة لوضع المواطن السوري في صورة الواقع وفي حقيقة الأزمة في هذا المجال أو ذاك، حتى يكون المواطن على علم بالصعوبات والمشاكل التي تعيق تأمين إحتياجاته.
وهنا قد تطرح أسئلة عديدة منها:
ماهي المقومات الفعلية لصمود الاقتصاد السوري؟
هذا التطور نحو السير في إعادة الإعمار وإحياء الصناعة السورية هل يعني أن الحرب بدأت تضع أوزارها في سورية؟
وهل توفرت بالفعل الظروف اللازمة لبدء مثل هذه المشاريع وعملية الإعمار وإحياء الصناعات وعلى أي أسس في ظل ظروف اقتصادية صعبة؟
ماهي الأسباب الحقيقية وراء أزمة الطاقة في سورية ومن يقف ورائها؟
لماذا لم يساعد الحلفاء الشعب السوري على تأمين حاجته من هذه المادة الأساسية؟
ماهو المطلوب من الحكومة السورية لسد هذه الحاجة وأين تكمن مواضع التقصير إن وجدت فعلاً؟
وأسئلة أخرى نتابع مناقشتها مع كبير المستشارين الاقتصاديين في المجلس السوري الأوروبي الدكتور فادي عياش
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم