وضرب مثالا على ذلك بأزمة المخرج سعيد مرزوق، مع الرقابة، والتدخلات السياسة في منع فيلمين له وهما (المذنبون، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه)، وأضاف أن "الصراع الحقيقي للرقابة مع السينما، بدأ بعدما تولى يوسف السباعي وزارة الثقافة قبل الحرب، إذ مُنعت 4 أفلام من العرض، هي "العصفور" و"زائر الفجر" و"التلاقي" و"جنون الشباب" و"الكرنك". وهنا ابتكرت الرقابة أداة الحذف من الأفلام بدلاً من منعها.
زائر الفجر
وقع "زائر الفجر" ضحية حذف عدد من مشاهده، التي تحتوي على صور من الفساد الإداري أو الأداء البوليس للدولة في فترة ما قبل النكسة.
وتبدأ أحداث الفيلم عندما تستقبل شرطة النجدة بلاغًا بمقتل صحفية يسارية بشقتها.. ثم ينتقل وكيل النيابة إلى مسرح الحادث ويحاول التوصل للقاتل.. ويأتي تقرير الطبيب الشرعي بأن الوفاة طبيعية نتيجة مرض الصحفية بالقلب.. وبالبحث حول ملابسات وفاتها تتسع دائرة الجريمة من كونها وفاة طبيعية إلى جريمة قتل معنوية في المقام الأول نتيجة للفساد الاجتماعي والقمع السياسي وملاحقة المعارضين وتصفيتهم إما جسديا أو معنويا.
الفيلم من ﺗﺄﻟﻴﻒ رفيق الصبان، وقصة وسيناريو وحوار ممدوح شكري، وقامت ببطولته ماجدة الخطيب، وعزت العلايلي، وشكري سرحان، ويوسف شعبان، وتحية كاريوكا، وزيزي مصطفى.
يرى عبد الجابر أن فيلم "زائر الفجر" تسبب في مقتل مخرجه، وأكد أن "الفيلم الذي أنتج عام 72 من القرن الماضي وعرض عام 75.. تسبب في مقتل المخرج ممدوح شكري، ليس بسبب فشله تجاريًا مع أن الفيلم فشلا تجاريا عندما عرض بعد 3 سنوات من إنتاجه ولكنه لو عرض في نفس السنة التي تم تصويره لكان حقق نجاحا باهرا.. لكن للأسف الفيلم عرض بعد ثلاث سنوات من إنتاجه مع العلم أن هذا الفيلم وكان حديث الوسط الثقافي والأدبي في مصر في ذلك الوقت".
وأضاف أن مخرجه ممدوح شكري أصيب بالاكتئاب لفترة، مما جعله يهمل في صحته فأصيب بمرض حاد — بالذبحة الصدرية — نقل على أثرها إلى مستشفى الحميات بالعباسية، حيث صعدت روحه إلى بارئها قبل أن يشهد التصريح بعرض فيلمه ولو مبتورا.
الفيلم أنتجته الفنانة ماجدة الخطيب، التي ضحت بكل ما تملكه من أموال من أجل إنتاج هذا الفيلم الذي يدخل ضمن قائمة المئة فيلم في تاريخ السينما المصرية.
فيلم زائر الفجر، هو فيلم سياسي مصري، تم إنتاجه في عام 1973، و هو من الأفلام التي منعتها الجهات السيادية أثناء فترة حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وتم منعه من العرض بعد أسبوع واحد من عرضه، بسبب احتوائه على بعض المشاهد التي تتهجم على النظام في ذلك الوقت، وبسبب الفترة التي كان يعرض فيها، حيث كانت تمر مصر حينها بأوقات عصيبة، و تذبذب في الوضع السياسي والاقتصادي أثناء تلك الفترة الرقابة الفنية في عصر السادات.
"زائر الفجر" كان البداية الحقيقية في السينما للدكتور رفيق الصبان، حيث ظهرت موهبته ككاتب وناقد وسيناريست سوري واسمه الحقيقي محمد رفيق الصبان عمل لفترة أستاذاً لمادة السيناريو في معهد السينما، وكتب أكثر من 25 فيلمًا سينمائيًا، وأكثر من 16 مسلسلاً وحصل على وسام الفنون والآداب الفرنسي بدرجة فارس. ثم توالت أعماله المثيرة للجدل داخل المجتمع منها (قطة على نار، وليلة ساخنة، والباحثات عن الحرية).
إصابة مخرجه ممدوح شكري بالاكتئاب لفترة، مما جعله يهمل في صحته فأصيب بمرض حاد — بالاكتئاب والذبحة الصدرية- نقل على أثره إلى مستشفى الحميات بالعباسية، حيث صعدت روحه إلى بارئها قبل أن يشهد التصريح بعرض فيلمه ولو مبتورا.
المذنبون
بعد أزمة "زائر الفجر" جاءت أزمة فيلم "المذنبون" لسعيد مرزوق، الذي تعرضت مشاهده للحذف — أثناء عرضه — أكثر من مرة، فبالرغم من أن الفيلم فاز بجائزة وزارة الثقافة كأحسن فيلم مصري عرض في العام 1976، إلا أن الوزارة نفسها أحالت 15 شخصًا من العاملين والعاملات في الرقابة للنيابة الإدارية بسبب موافقتهم على عرضه وتصديره، ووصلت الاتهامات التي وجهت للمتهمين حد اتهامهم بالخيانة العظمى، بحسب ما قال عبد الجابر.
وتتلخص أحداث الفيلم حول جريمة قتل تكون ضحيتها الممثلة (سناء كامل)، والتحقيقات التي تطول كل من له صلة بالقتيلة، ابتداءً من خطيبها الذي أبلغ عن وقوع الجريمة أصلًا، وكذلك كافة الشخوص الذين كانت الممثلة سناء كامل على صلة بهم، حتى تصل التحقيقات كذلك إلى علاقاتها المتفرعة بعدة شخوص بارزين ونافذين في السلطة.
البريء
يعتبر فيلم "البريء" من أكثر الأفلام المصرية إثارةً للجدل، فالفيلم الذي تم إنتاجه عام 1986 وقام ببطولة أحمد زكي، ومحمود عبد العزيز، وجميل راتب، وممدوح عبد العليم، ناقش قضايا حسّاسة كمفهوم الطاعة العسكرية في الحياة النّظامية والعسكرية، وفكرة تناقضها مع مصلحة الوطن، وفكرة الجلاد كصنيعة السلطة والّذي يتحوّل إلى النّقيض فيثور على صانعيه، ويصل حتّى القضاء عليهم.
وواجه الفيلم صعوباتٍ عديدة بداية من رفض وزارة الدّفاع عرضه بعد أن اتهم أحد الأشخاص العاملين على الفيلم بتصويره في داخل إحدى المعتقلات الحقيقية، ما يُعتبر إفشاء لسرّ عسكري، بالإضافة لاعتراض وزارة الدّاخلية بحجة أن الممثلين يرتدون ذات الملابس الّذي يرتديها جنود وضبّاط الأمن المركزي.
تمّ حذف بعض المشاهد من قبل الرّقابة الّتي أصرّت على تغيير نهايته لتنتهي بصراخ مجنّدٍ بريء وساذج، يقوم بدوره الممثّل الراحل أحمد زكي، في وجه رؤسائه في المعتقل بدلًا من النّهاية الأصلية الّتي يفتح فيها المجند النّار على رؤسائه، و يُقتل بعدها من قبل مجنّد آخر؛ ممّا أدّى إلى لتصوير نهاتين للفيلم لم تُعرض النهاية الأصلية إلّا على بعض القنوات الفضائية.
ولكن في 2005، سمح وزير الثّقافة المصري حينها بعرض النّسخة الأصلية للفيلم على شاشة السينما في افتتاح مهرجان السينما القومي، أي بعد 19 عامًا من إنتاج الفيلم.