وأوضح المفتاح، في مقابلة مع "سبوتنيك"، أن سياسة (نعم ولكن)، "تعني نعم للحرب على الإرهاب ولكن بالتنسيق مع الدولة السورية"، لافتاً إلى أن هذه السياسة "ضيقت السبل على من يريدون استهداف سوريا فهم خسروا الورقة الشعبية والحرب على الإرهاب وبعد هذا الصمود للقيادة السورية والشعب والجيش شعر حلفاؤنا أن سوريا دولة قوية وتدافع عن شرعية النظام الدستوري لأن هناك محاولة أمريكية لنسف عناصر بنيت خلال 60 عاما من احترام سيادة الدول وإرادة الشعوب وبالتالي إخراج فكرة الهيمنة من التداول".
وأضاف "هنا كان دور حلفائنا، فقد شعر "حزب الله" أنه مستهدف، وإيران التي تعي أن المؤامرة هي استهداف لمحور المقاومة، وكان هناك دور كبير لروسيا في خلق حالة من التوازن لأن العدوان كان عدوانا مركبا وجزء من مشروع لضرب المنطقة وكانت بوابته سوريا ليعاد ترتيب دولي يخدم مصلحة أمريكا عبر إعطائها الحق لإسقاط الأنظمة والتدخل بالدولة وتكرس سابقة في العلاقات الدولية تنسف من خلالها ميثاق الأمم المتحدة".
ولفت القيادي السوري إلى أن "الرئيس الأسد قدم في ديسمبر/ كانون الأول 2013، رؤية عبارة عن خارطة طريق للحل تكمن في الاتفاق على الإرهاب الذي لم يعد رواية سوريا وإنما رغبة شعبية وعالمية للقضاء على الإرهاب.. أي أن الصواب هو معالجة جذر المشكلة عندما يكون هناك حريق نطفئ الحريق ثم نصلح البيت.. أي أن المنطق الطبيعي يفترض أولوية الحرب على الإرهاب.. فمنطق الأشياء يقول إنه لا يمكن القيام بعملية انتخابية ديمقراطية إن لم يكن هناك عودة للاجئين والنازحين واستقرار وآلية واضحة. العقلانية ستحكم في المستقبل".
ونوّه المفتاح بالموقف الروسي والصيني. وقال إنه "لجم هذه الاندفاعة، ولم يقع تحت تأثير الضغط والإرهاب السياسي وأموال الخليج التي استثمرت بشكل قذر لشراء الذمم لذلك كان موقفهما أخلاقي ينسجم مع الشرعية الدولية ومصالحهما لأنهما يدركان أن فكرة الإرهاب استخدمت في السابق من أجل أجندة سياسية كما حدث في أفغانستان من استخدام الإسلام السياسي تحت عنوان مجاهدين من أجل طرد الاتحاد السوفييتي من أفغانستان وإحلال نظام عميل لأمريكا".
وأضاف "عمليا أدرك الروس أن المسألة كبيرة وغير مقتصرة على سوريا وإنما هو محاولة لجعل الإرهاب والإسلام قوة ضغط على الدول لابتزازها.. فحيث يتواجد الإسلام توجد هذه المسألة.. فهم لم يعمموا إسلام بلاد الشام المتسامح وإنما عمموا الإسلام الوهابي.. وبالتالي أصبح هذا الإسلام المتطرف أحد أسلحة أمريكا للتدخل في الدول تحت عنوان الخطر الإسلامي.. وهنا تدخل مسألة محاولة أمريكا في إيجاد عدو يعطيها فرصة لكي تتمدد.. وبالتالي هذه الشركة التي تدعى أمريكا مشاريعها تكمن في صناعة الحروب لأن آلة المال فيها والمعامل والمصانع تحتاج إلى حروب لكي تصرف منتوجاتها والدليل على ذلك أنه خلال الأربع سنوات الماضية زادت تجارة السلاح 8 % وأن تريليون و57 مليار كان حجم مبيع السلاح وكان نصيب العرب منها حوالي الثلث.. أي أن المال هو وراء فكرة الحرب".
وتابع المفتاح قائلاً "أصبح الإرهاب وسيلة لتحريك رأس المال الأمريكي.. وأصبح مرتبطا بالفكرة الأمريكية التي تقوم على تسويق السلاح والبترول والغاز".
وأضاف أن "الحرب على سوريا في عمقها هي اقتصادية بينما في ظاهرها صراعا دينيا وطائفيا، ووراء هذه الحرب تقف شركات، والرئيس ترامب يعبر عن أمريكا بشكل واضح اليوم على أنها شركة أمنية تريد حماية الدول مقابل المال أي بلاك ووتر تحت عنوان جديد أو أنها شركة تبحث عن استثمار وبالتالي هو يرفض لجوء المهاجرين إلى بلاده ويرفض وجود السلع الروسية والصينية في أمريكا أي أن الفكرة ذاتها أن أمريكا تصدر السلاح والمنتوجات ولا تستورد وفي نفس المنطق لا تتقبل وجود المهاجرين علما أن أمريكا قامت منذ البدء على فكرة المهاجرين. إذا منطق الشركة والمصلحة يتجاوز كل المنظومات التي طرحت.. أي أن موضوع اليوم هو صراع على قيادة العالم والتطرف أصبح أداته والإرهاب بات يعطي مفاتيح الدخول للمنطقة فالأمريكي اليوم يدخل سوريا تحت عنوان مكافحة الإرهاب والتركي أيضا تحت نفس العنوان وبالتالي أصبحت قصة الإرهاب ضرورة ومصلحة ومكافحته باتت العنوان الجديد للاستعمار".
وتُكمل الأزمة في سوريا، غداً الأربعاء 15 آذار/مارس 2017، عامها السادس، فيما كثير من المتغيرات الداخلية جرت على الصعيد الميداني بعد عودة مناطق واسعة من البلاد الى سيطرة الدولة السورية أهمها عدد من حقول النفط والغاز واستعادة الحياة في مدينة حلب التي تعد شريان الصناعة السورية والداعم الرئيسي للاقتصاد السوري.
هذا التطور الإيجابي الذي تشهده سوريا، يأتي فيما يواصل الجيش السوري، منذ نحو ست سنوات، قتالاً مريراً ضد العديد من المجموعات المسلحة المتطرفة ذات الولاءات المختلفة، أبرزها تنظيم" داعش" و "جبهة فتح الشام" [جبهة النصرة سابقاً]، وهما تنظيمان إرهابيان محظوران في روسيا وعدد من الدول.
وأدى القتال وفقا لآخر إحصائيات صادرة عن الأمم المتحدة إلى سقوط أكثر من 300 ألف ضحية وتشريد وتهجير ملايين السوريين داخلياً وإلى الدول المجاورة وأوروبا، فضلاً عن خسائر فادحة أصابت البنية التحتية وقطاعات الإنتاج في البلاد.