نتابع وإياكم اليوم التطورات الحاصلة في المشهد السوري إنطلاقاً من المتغيرات الإقليمية والدولية، على الصعيد السياسي نبدأ بها بقمة جامعة الدول العربية التي لم تقدم أي شيء إيجابي يخدم حل المسألة السورية، ولكن بنفس الوقت كان حضور سورية هادئاً إلى حد ما في كلمات المشاركين، ولم نشهد التعاطي الحاد الذي شهدناه في قمم سابقة تجاه الحكومة السورية، التي رفع علمها في قاعة القمة. إقليمياً إذا ما تحدثنا عن تركيا نرى أن التصريحات التركية بانتهاء عملية "درع الفرات" تزامنت مع تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، بأن مصير الرئيس السوري بشار الأسد يقرره الشعب السوري، وعلى الجهة الأخرى يتلاقى هذا التصريح مع تصريح مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، بأن الأولوية الأمريكية بالنسبة للقضية السورية لم تعد إسقاط الرئيس بشار الأسد.
هذا عدا عن الامتعاض الذي عبرت عنه بعض الوفود المعارضة تجاه ديمستورا واتهامه بعدم المسؤولية، غير ذلك كان واضحاً التجهم على وجوه ممثلي وفد الهيئة العليا للمفاوضات حيث عبرت الهيئة في وقت سابق عن أن شرط رحيل الأسد أساسي ولن يتخلوا عنه.
كيف يمكن لنا أن نقرأ التطورات الحالية انطلاقاً من التصريحات المهمة للدولة الراعية لعملية الحل السياسي في سورية وخاصة روسيا والولايات المتحدة؟
ما هو المغزى من تصريحات وزير الخارجية الأمريكي حول الرئيس بشار الأسد تحديداً من تركيا التي بذلت كل ما في استطاعتها حتى تسقط الحكومة السورية؟
هل عجزت هذه الأطراف أمام الصمود السوري بدعم الحلفاء الذين لا تخلوا علاقاتهم من المشاكل مع نفس الدول المتداخلة في القضية السورية؟
هل هناك صفقات تم التوافق عليها بين روسيا وأمريكا وتركيا وإيران، وما هي خفاياها أن كان ذلك حدث بالفعل؟
وماهو الثمن الذي يدفعه هذا الطرف أو ذاك لتقديم الحل السياسي في سورية على المصالح والخلافات القائمة؟
يقول الدكتور طالب زيفا بهذا الصدد:
هناك بالفعل تطورات تستحق أن تذكر بما يتعلق بموقف الحكومة التركية التي تحدثت عن إنتهاء عملية درع الفرات وتحقيق أهدافها ، وهذا جاء بالتزامن مع ماصدر ورشح عن الإدارة الأمريكية بخصوص الرئيس بشار الأسد ، يبدو أن هناك تغير دراماتيكي أو تكتيكي في السياسة الأمريكية بناء على هذه التصريحات حول همهم في حل القضية السورية بشكل سياسي وتحقيق السلام.
وأردف الدكتور زيفا قائلاً: عندما يأتي هذا التصريح في هذا الوقت بالذات نستطيع أن نقول أن هناك تملص تركي ربما من أستانة وإيذانا بفشل جنيف من خلال إصرار وفد الرياض على هذا الشرط ، يعني أن تركيا كانت تحاول الضغط على الإيراني والروسي والأمريكي تحت ذريعة التخوف من فلتان المجموعات المسلحة التي ضمنتها ، ما قد يكون مقدمة لعودة التدخل في سورية والقيام بعمليات جديدة ، عندما يأتي هذا الإرهاب الذي تم توظيفه من أفغانستان إلى العراق ومنها إلى سورية ويصبح خطراً يهدد الغرب المتشظي والولايات المتحدة ، يصبح من المفروض عليهم التفكير ملياً في مخرج ما.
أما محمد الروسان عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية فقد قال:
أولا يجب أن نعرف أن الموقف التركي مازال غير ثابت والسوريين والإيرانيين والروس يعرفون حقيقة الموقف التركي ، ولكن يريدون أن يحصلوا على أي شي لصالح الإستقرار في سورية ، والجانب الأمريكي يمارس إستراتيجيات الإرتباك حيث يغير مواقفه السياسية بين الفينة والأخرى ، وتصريحات وزير الخارجية الأمريكي حول أن مصير الرئيس السوري يقرره الشعب السوري ، ولحقه تصريح نيكي هيلي بنفس التوجه ، هذه التصريحات يجب أن لاتأخذنا ، ونشعر بالإرتياح بل لابد من المزيد من الإستعداد ، ولغة الميدان السوري وإنجازات الجيش العربي السوري وحلفائه الأيراني والروسي وحزب الله هي الطاغية الآن.
وأردف الروسان قائلاً: أنا أقول أن ثمة تنافس في الداخل السوري بين الحلفاء الروسي والإيرلني ، فالروسي يريد أن يكون النفوذ الإيراني مضوبطاً و ليس متوسعا ، ولا أقول النفوذ الروسي لأنه في النهاية لا أحد يعرف كيف تفكر دمشق وكلهم بطبيعة الحال ضمن المستوى السوري ، وهذه التصريحات لاقيمة سياسية لها لأن الإنتصار السوري هو الذي جعل الأمريكي يذهب نحو هذا الأتجاه ، ويجب أن لانطمئن للأمريكي ، ولا أن نراهن على هذه التصريحات ، أو نشعر بالتفاؤل وخاصة على الجبهة الجنوبية فهو يريد أن تكون في الجنوب منطقة آمنة تمتد من الجنوب السوري الى الرقة تقريبا.
هم لايريدون القضاء على داعش لأن داعش يؤمن أجندة رائعة جدا للأمريكي في سورية ، وفي المنطقة وخاصة بعد إعادة تاهيل داعش لتوجيهه إلى غرب أسيا وشمال غرب أسيا ، لتحضيره فيما بعد الى أسيا الوسطى ، ولدى روسيا أيضا في منطقة القوقاز ، خاصة وأن الروسي يعلم أن التركي هو مخفر متقدم لحلف الناتو في آىسيا الوسطى الحدائق الخلفية السابقة للإتحاد السوفييتي.
وختم الروسان بالقول:
في المحصلة إنجازات الجيش العربي السوري في الميدان بالتعاون الروسي الإيراني و"حزب الله" استطاعت أن تجعل من الرئيس الأسد العقدة والحل ، بمعنى أنه لا يمكن الوصول إلى محاربة الإرهاب والقضاء عليه من دون الرئيس الأسد، ولا يمكن الوصول إلى حل سياسي بدون الرئيس بشار الأسد، إذا بالفعل الرئيس بشار الأسد هو العقدة والحل معاً ولا مجال للحل بدونه.
إعداد وتقديم: نواف إيراهيم