وتطرق هاشم إلى أن آخر ما في جعبة أردوغان كان التوغل بقواته مجدداً في عدة مناطق من الأراضي السورية، "وكأن على الجيش التركي أن يدفع مجاناً ثمن تجارب فاشلة لا تجد من يُحاسب عليها، وكأن على عملية درع الفرات أن تتكرر عبثاً طالما أنه ليس هناك من يمتلك الشجاعة اللازمة لوضع خطوط واضحة بين النصر والهزيمة عسكرياً وسياسياً".
واعتبر الكاتب أن الأنكى من ذلك أن استرجالات أردوغان التوسعية باتت تمتد لتصل قطر، بعد العراق وسوريا، ولو أنها اقتصرت على أبعاد رمزية لا أكثر، وأنها استرجالات تقدّم نفسها كعنصر تأزيم وتعقيد إضافيين بدل أن تلعب دور الخافض للتوتر أو عامل التهدئة.
وقال الكاتب:
يُحبط حاكم أنقرة، رهانات الرئيس بوتين الذي خمّن طويلاً أن بوسعه إعادة تأهيل أحد الخارجين عن المألوف، إلى شخصية بنّاءة وإيجابية، تحت ضغط اعتبارات وتحديات أمنية وسياسية وضعت تركيا في مهب العواصف الاستراتيجية التي تضرب الشرق الأوسط وأوروبا والغرب كاملاً."
وأضاف: يتعامى الرئيس التركي، الذي تستبد به الأوهام لعودة السلطنة، عن حقيقة الدروس المستفادة من تجربة سبع سنوات من التعاطي مع "ثورات الربيع العربي"، التي أراد أن يكون "مركز تحكّم وسيطرة" لها. على حد قول الكاتب.
أضاع أردوغان كل الحدود الفاصلة بين رجل السياسة المسؤول المفترض تحلّيه بالمسؤولية وبين الداعية الشعبوي على مذبح "الرسالة" الملهمة التي أوكلتها له "العناية" الإلهية الأمريكية — التي لا تأتي، ولن تأتي، كما يبدو — في الشرق الأوسط.
واعتبر الكاتب أن أردوغان اليوم يعلق أنظاره على شفاه ترامب مترقّباً نهوض "المعجزة" مرة أخرى، وسوف يواصل الانتظار والترقّب طالما أنه يرفض رؤية تركيا تنحدر ببطء إلى هاوية الضياع الاستراتيجي الذي يؤسس له ترامب عامداً متعمّداً في الشرق الأوسط.
وقال: لكن ما على أردوغان أن يدركه هو أن سوريا اليوم في نهاية نفق الأزمة، وأنها في خانة المنتصرين، وأن ما يمكن أن نشهده من تطورات ومستجدات جانبية ميدانية — على شاكلة توغل القوات التركية شمال حلب — لا يعدو كونه هامشاً جديداً سرعان ما سيتلاشى في خضم الانجازات الرئيسية على مسرح المعركة الشاملة ضد "داعش" و"النصرة" وأخواتهما، ولن يسع أية تطورات من هذا النوع، مهما كانت مفاجئة وغير متوقعة، أن تخدم، أو تدعم، في المحصلة، أية طروحات أو اقتراحات حلول أمريكية، ذلك أن الديناميكية المركزية الدافعة للحل باتت، عملياً، بأيدي الجيش العربي السوري وقواه الرديفة وحلفائه على الأرض، شاء بعضهم أم أبى!.
وختم بالقول: ضربة أخرى مجانية سوف تسجّل في رصيد أخطاء أردوغان. ولكن الجديد هو أن سوريا في نهاية مرحلة، بمعنى أن الأخطاء لن تشطب بتقادم الوقت، ولن تكون بلا عقاب، هذه المرة!