وقالت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في العراق ليز غراند لوكالة "رويترز": بحسب التقدير الحالي، فستكلف إعادة إعمار شبكات المياه والمجاري والكهرباء وإعادة افتتاح المدارس والمستشفيات في الموصل، مبلغا يتجاوز التقديرات الأولية بأكثر من ضعفين".
عن هذا الموضوع، يقول يقول الدكتور أحمد الشريفي:
للحديث عن الخراب الذي أصاب مدينة الموصل لابد أن نتحدث عن المدينة التي هي بالأصل تحتوي على بنى تحتية متهالكة، كما أن البيوت في الساحل الأيمن قديمة بشكل كبير جداً، ويكاد يكون البناء فيها بناء عشوائي، ولذلك عندما انطلقت العمليات كنا في حينها نتحدث عن الأزقة الضيقة والبيوت القديمة التي كانت غير خاضعة للتخطيط العمراني، وعلى هذا الأساس كانت البنية التحتية في المدينة لا تحتمل أن تكون هناك معركة، خصوصا مع تنظيم داعش الذي بالغ كثيرا في عمليات التفخيخ والتفجير.
ما حصل في محيط جامع النوري، الذي أساسا كان جامعا قديما جدا، وهذا القدم ينعكس على المدينة التي تحيط فيه، فمعظم البيوت التي تحيط بهذا الجامع انهارت من جراء ارتدادات التفجير والصوت والعصف الذي أحدثه هذا التفجير كونه كان تفجيرا كبيرا جدا، فهذه الانهيارات هي التي أدت بشكل أو بآخر إلى انهيار البنية التحتية، فضلا على أن التنظيم كان عندما ينسحب من منطقة إلى منطقة أخرى يبالغ في تفخيخ البيوت والبعض منها فجرها متعمدا كونه يعتمد أسلوب الأرض المحروقة، وهذا يعني أن مسألة انهيار البنية التحتية لا تقع على عاتق قطاعات الجيش، وإن كانت هناك ضربات أدت بشكل ما إلى تدمير بعض البيوت التي تتمثل بعمليات إسكات قناصين أو تجمعات، ولكن السبب المباشر الذي أدى إلى هذا الدمار المباشر هو الأسلوب الذي اتبعه داعش باستخدامه الأرض المحروقة.
هناك قلق من مرحلة ما بعد تحرير الموصل، وهو قلق كبير جدا لعدة عوامل منها، أن الأسباب التي أدت إلى سقوط الموصل ما زالت قائمة، والأذرع التي كانت جسرا سهل دخول داعش والتمهيد لظهوره مازالت ايضا فاعلة في الميدان، لذلك من حيث المبدأ فإن القلق قائم، سواء لدى سكان الموصل أو لدى بقية المحافظات، ذلك أن استقرار الموصل يعني استقرار عموم العراق، فهل سنكون على ثقة في أن مرحلة ما بعد التحرير سنتمكن فيها من إعادة إعمار البنى التحتية ونعيد الأمن والاستقرار، أعتقد أن هذا مشروط بتوفر حكومة محلية على مستوى الأحداث، تقوم باستثمار المنجز، وتذهب باتجاه الإسراع في إعادة الحياة إلى الخدمات الأساسية على أقل تقدير، وإعادة الحياة إلى الخدمات ستشكل عنصر جذب للمدنيين الذين غادروا المدينة، وعودة هؤلاء المدنيين تشكل ضمانة بعد عودة التنظيم مرة أخرى إلى المدينة، لأنه قساوة التجربة شكلت حصانة لدى الرأي العام في كل المحافظات التي مر بها "داعش".
الآن المعطيات كلها تشير إلى أن الأزمات السياسية والمناكفات لا تطمئن، ودليلنا على ذلك ماحصل في الأنبار، حيث كنا نأمل في أن تكون هناك وحدة موقف في الحكومة المحلية في الأنبار من أجل الذهاب إلى الإعمار وإعادة الحياة الطبيعية إلى المدينة، لكنهم بدأوا في الصراعات فيما بينهم، وكلما دخلت أموال لإعادة الإعمار، سرعان ما تبدد عبر الفساد.
إعداد وتقديم: ضياء حسون