وأضاف الكاتب "لكي نكون واضحين، لم تكن المملكة العربية السعودية تمول بشكل مباشر المنظمات الإرهابية، وبالتأكيد ليس في الدول الغربية. ومع ذلك، فإن ما حدث منذ سنوات عديدة هو أن مجموعة من المعتقدات "الوهابية" التي قدمتها المملكة العربية السعودية أدت إلى تطرف معياري".
وتابع "هذه المعتقدات تخلق نظرة "غير ليبرالية"، وغير متسامحة ومعادية للغرب وتروج لعقلية يجعل الأتباع أكثر عرضة لخطاب الجماعات العنيفة. لذلك، حتى عندما سعت عدة حكومات أوروبية رائدة إلى تعزيز التسامح والمساواة بين الجنسين، كان هناك تمويل لا هوادة فيه يتدفق إلى بلدانها من أجل تعزيز التعصب والتحريض على الكراهية".
وأضاف "من خلال تقديم منح دراسية ومكافآت سخية، سافر جيل من الشخصيات الدينية الإسلامية من الدول الغربية إلى المملكة العربية السعودية لتدريبهم على أيديولوجية وهابية في مؤسسات مثل الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة. ومن بين خريجيها أبو أسامة الذهبي، الذي كان يخطب في المساجد البريطانية، وعزز فكرة "الحرب المقدسة" وقتل الرجال مثليي الجنس و"المرتدين". وبالمثل، دعا الشيخ عبد الله الفيصل، الذي حضر في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، إلى إبادة "غير المؤمنين. كما زار رجال الدين السعوديون الغرب لتقديم نفس الرسالة. ومنهم رجل الدين محمد العريفي الذي قال إن "المسلمين ليس لهم حياة من دون الجهاد"، وهو المبدأ المرتبط بعدد من مجندي "داعش" من بريطانيا".
وأضاف ويلسون في مقاله "كان للترويج للنصوص المتطرف طريقة أخرى تنتشر بها الفلسفة الوهابية في المجتمعات الإسلامية في بريطانيا وأوروبا. فقد نشرت العديد من "أسوأ" الكتب المتوفرة في المساجد البريطانية من قبل وكالات تتبع المملكة العربية السعودية. ومما يبعث على الانزعاج بشكل خاص التقرير الذي أعد عام 2010 من قبل هيئة الإذاعة البريطانية وقال إن حوالي 5000 طفل في بريطانيا كانوا يدرسون المناهج الدراسية الرسمية في المملكة العربية السعودية، التي اشتملت على حكم "قطع أيدي اللصوص". وهذه الكتب متطرفة لدرجة أنه في عام 2014 تم اعتمادها ككتب مدرسية من قبل "داعش".
ويقول الكاتب إنه " في مواجهة هذا الدعم المالي السعودي الواسع، غالبا ما تغرق أصوات المسلمين التقدمية والمعتدلة في البلدان الغربية في مجتمعاتهم وأماكن عبادتهم. لا يمكن للدوائر التقدمية الوليدة التي تحاول تطوير نهج أكثر تحررا في الثقافة الإسلامية أن تأمل أن تتطابق مع الدعم الذي تلقته الرؤية الوهابية السلفية للدين".
ويضيف "في كانون الأول / ديسمبر الماضي، خلص تقرير تم تسريبه من وكالات الاستخبارات الألمانية إلى أن المؤسسات الخيرية المرتبطة بحكومات المملكة العربية السعودية وقطر والكويت كانت تمول الجماعات السلفية المتطرفة والأنشطة في ألمانيا منذ سنوات. وتفيد التقارير أن التحقيق كشف عن "استراتيجية طويلة الأمد لممارسة النفوذ". إن الجمعية العالمية للشباب الإسلامي، التي لها صلات بالأسرة المالكة السعودية، هي واحدة من أبرز المؤسسات المتهمة بتمويل التطرف، ولكن التحقيق الألماني يدعي أيضا أن رابطة العالم الإسلامي في المملكة العربية السعودية، فضلا عن جمعية إحياء التراث الإسلامي الكويتية هي الأخرى تقوم بذلك".
وأشار ويلسون إلى أن "هذا الجهد لتغيير طابع ومزاج العقيدة الإسلامية في الغرب له آثار عميقة على اندماج المجتمعات الإسلامية في المجتمعات الأوروبية. في السنوات الأخيرة، كانت هناك دلائل على أن المجتمعات المسلمة ذات الأصول الآسيوية قد بدأت في تبني الممارسات الأكثر صرامة في الإسلام العربي. وبحسب المراسلات الدبلوماسية المزعومة التي نشرها "ويكيليكس" في عام 2011، أشار مسؤولون أميركيون زاروا بريطانيا في عام 2007 إلى أن مجتمع الغوجاراتية الهندية في ليستر، وقعت تحت تأثير الوهابية، وأصبحوا "أكثر السكان الإسلاميين تحفظا" في أي مكان في أوروبا".
وأضاف "إن مسألة التكامل والتماسك المجتمعي تعلقان في أذهان القادة الأوروبيين. وردد العديد من القادة الأوروبيين إعلان المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في خطابها في بوتسدام عام 2010، بأن التعددية الثقافية في ألمانيا قد فشلت. وفي كانون الأول / ديسمبر، نشرت الحكومة البريطانية عرضاً أطلق إنذارا بشأن الكيفية التي يؤدي بها الفشل المتزايد في الاندماج فيما بين بعض طوائف الأقليات إلى تفاقم عدم المساواة، ولا سيما الإضرار بالمرأة".
وتابع "كلما تقدمت هذه النسخة السعودية من الإسلام في أوروبا، كلما ازدادت العزلة والإقصاء. ولعل البلد الأوروبي الذي أخذ هذه المسألة على محمل الجد هو النمسا. وفي عام 2015، سنت فيينا تشريعات منعت التمويل الأجنبي للمساجد والأئمة. وكان وزير الخارجية النمساوي، سيباستيان كورز، صريحا حول هذا الهدف: "أرادت الحكومة وقف بعض الدول الإسلامية من ممارسة النفوذ المالي" لإعطاء الإسلام الفرصة للتطوير بحرية داخل مجتمعنا وبما يتماشى مع قيمنا الأوروبية المشتركة".
ويختم ويلسون مقاله قائلاً "إن تمويل التطرف في الغرب ليس بأي حال من الأحوال ظاهرة سعودية. وقد لعبت قطر وإيران أجزاء حاسمة أيضاً. إن إلقاء الأضواء الدولية على تمويل قطر للتطرف والإرهاب طال انتظاره، ولكن لا ينبغي أن يصرف الانتباه عن نشر السعوديين المعتقدات التي تؤدي إلى "الكراهية المتجذرة". وبالنظر إلى التهديد المتواصل للإرهاب الإسلامي، يجب على الحكومات الغربية أن تسأل حلفائها السعوديين أسئلة صعبة حول دعمهم لهذه الأيديولوجية السامة".