وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية أعلنت في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 بدء عملية "قادمون يا نينوى" لتحرير الموصل، وكانت من قبلها استعادة السيطرة على تكريت، وبيجي، إلا أن الحويجة ظلت تحت سيطرة التنظيم الإرهابي، حتى الآن. منذ بدأت العمليات شنت قوات البيشمركة التابعة لإقليم كردستان العراق، 3 عمليات عسكرية كبرى لتحرير أجزاء من محافظة كركوك الاستراتيجية من سيطرة التنظيم، إلا أنها لم تتمكن من تحرير قضاء الحويجة.
آخر نقاط البيشمركة
اتجهت مراسلة "سبوتنيك" إلى آخر نقاط البيشمركة الواقعة على تخوم قضاء الحويجة، وتحديدا أقصى جنوب قضاء دبز، التابع لمحافظة كركوك، حيث ترابط قوات حزب "باك" (حزب الحرية الكردستاني) الكردية، التي أوكلت لها البيشمركة مهمة تأمين حدود المنطقة.
يقول كاك حسين يازدانبانا قائد قوات وحدة "باك" التابعة للبيشمركة إن "النقطة التي نقف فيها حررت في أذار/ مارس 2015، من سيطرة "داعش""، متابعا أن "قواته باتت على مقربة من مسلحي التنظيم الإرهابي في عدة قرى ونواحٍ جنوب قرية تل الورد، بطول نحو 44 كيلومترا".
خلف ساتر ترابي وقف كاك حسين ليشير لنا إلى حوض الحويجة الواقع تحت سيطرة التنظيم، قائلا: "قرية كبيبة أمامنا، وبها ترتفع راية كبيرة للتنظيم، لتدل على وجود أمير كبير للتنظيم في المنطقة".
عملت قوات "باك" الكردية على تطهير الطريق الترابي أمام آخر نقاطها، فعناصر التنظيم يعمدون كل ليلة على زرع عبوات ناسفة، وألغام أرضية، لإعاقة تقدم قوات البيشمركة، بعد إحكامها السيطرة على سلسلة جبال باتيوة، شمال الحويجة.
يقول كاك حسين: "حوض الحويجة أمامنا يتكون من قضاء الحويجة، و4 نواحٍ، ونحو 500 قرية، وجميعها تحت سيطرة التنظيم الإرهابي"، مضيفا: "المسافة بين قوات البيشمركة المتمركزة هنا والدواعش أمامنا على اليمين واليسار، بين كيلومتر ونصف إلى 3 كيلومترات".
لم نعرف من يحاصر من، فقوات حزب "باك" أو "الحرية لكردستان"، في المنطقة، والتي تقدر بالمئات فقط، تقف لمحاذاة شريط طويل على مساحات صحراوية يسيطر عليها التنظيم، والأهم أن عناصره يعرفونها جيدا، لدرجة تمكنهم من اختراق صفوف البيشمركة، لشن هجمات في كركوك.
بحسب كاك حسين فإن "أن مجموعات داعش لا تستطيع شن هجمات ضدنا، فتحركاتهم باتت مرصودة من قبل الاستخبارات، والطيران الحربي"، مستدركا بالقول: "باتوا يتبعون أسلوبا جديدا في الهجوم من خلال مجموعات صغيرة، فيتمكنون من التخفي، والوصول لشن هجمات انتحارية وإرهابية داخل كركوك، ودبز، والقرى المحيطة".
أهمية استراتيجية
تحسم سلسلة جبال باتيوة الاستراتيجية مصير جنوب كركوك بالكامل، فالسيطرة عليها كفيلة بتفوق عسكري كبير، إلا أنها أيضا ذات أهمية استراتيجية من نواحٍ أخرى، فهي عائمة على ثروة هائلة من النفط.
يقول كاك حسين إن "أي جيش يسيطر على هذه الجبال، تفوق على كل المنطقة، فجبال باتيوة مثل حزام يطوق كركوك، وقضاء دبز"، موضحا: "الجبل الآن منقسم قسمين، نصف تحت سيطرة داعش، والنصف الآخر محرر تسيطر عليه البيشمركة".وأكد القيادي الكردي أن "شراسة المعارك في هذه المنطقة تدل على مدى أهميتها بالنسبة لداعش، ولنا أيضا"، موضحا: "بعد أشهر من سيطرة التنظيم على الحويجة وما حولها، اندلعت معارك بقيادتنا في جبال باتيوة باسم عقرب 1، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، وتمكنا من تحرير النقاط وفقا للمخطط الذي أعددناه".
وأوضح كاك حسين أن "عملية عقرب 2 في أذار/ مارس 2015 التي انتصرنا فيها، استردت أراضي قرى ملة عبدالله، إلا أن الدواعش لازالوا يتحصنون في جبال، ويحفرون أنفاقا تحت الأرض، ليتمكنوا من اختراق صفوفنا"، مبينا أنهم بذلك يستطيعون الدخول لقضاء كركوك، والدبز، وبالتالي لم يعد يفصلهم عن أول نقطة عبور لأربيل سوى كيلومترات معدودة.
وأضاف كاك حسين: "هذه المنطقة الكامل نفطية، فهناك عشرات الآبار، وشركات النفط، والمصافي، وبسيطرتنا على هذه الجبال تمكنا من الحفاظ على المنشآت النفطية، وكذلك ساكني قضاء كركوك".وأكد القيادي الكردي أن "المناطق المقابلة لنقاط البيشمركة باتت خالية من المدنيين، ولم يعد يخرج منها نازحون نحونا"، موضحا: "كنا نستقبل آلاف النازحين منذ حررنا هذه البقعة في 2015، بمعدل يصل إلى 1000 مدني يوميا، وكنا ننقلهم بعد التفتيش والتحقق منهم إلى مخيمات النزوح في كركوك".
وأضاف كاك حسين: "لم يعد يخرج إلينا مدنيون، كل من بقي في القرى المقابلة دواعش"، لافتا إلى أن قوات "باك" تفرض سيطرة أمنية واستخباراتية على المنطقة بالكامل.
وكان محافظ كركوك نجم الدين كريم، قد قال لـ"سبوتنيك" إن "كركوك استقبلت أكثر من 700 ألف نازح منذ استولى التنظيم الإرهابي على قضاء الحويجة، ومناطق جنوب غربي المحافظة منتصف عام 2014".
لن نتخلى عن باتيوة
يستكمل كاك حسين حديثه، قائلا: "الاستفتاء لتقرير مصير شعبنا، حق أصيل، ومستمد من الأمم المتحدة، وهو حق طبيعي"، موضحا: "إعطاء هذا الحق لأهل كردستان، فهذا مبدأ ضد الحرب، ويخدم كل ساكني كردستان من كرد، وعرب، بالإضافة إلى الأقليات الدينية".
وأضاف قائد قوات "باك" الكردية المتاخمة للحويجة، أن "هذه المنطقة كانت ضمن خطة سايكس بيكو، وخلال التسعين سنة الماضية تسببت هذه المعاهدة بمعاناة كبيرة لنا كشعب كردي".
ولفت كاك حسين إلى أنه خلال الحرب ضد "داعش" استطاعت قوات البيشمركة تحرير هذه المنطقة، وشنت عمليات "عقرب 1، و2، و3"، قائلا: "نحن مصرون على تحريرها بالكامل، ولن نترك مترا واحدا منها". وشدد كاك حسين على أن "كركوك بالكامل كردية، وسنشارك جميعا في الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان، وسنقف أمام أي قوة كانت، سواء "داعش"، أم "الحشد الشعبي"، إذا أرادوا التجاوز على حقوقنا، وأرضنا، وعرضنا".