وتضيف الصحيفة البريطانية أن إعادة تعيين الخطة ليس من المستغرب، ذلك لأن الإعلان عن مجموعة من الأهداف يمكن أن يكون وسيلة فعالة لحشد البيروقراطية الحكومية المعقدة، وكذلك إثبات جدية المواطنين في الداخل والمستثمرين الدوليين الذين شاهدوا رؤى الإصلاح الاقتصادي في دول الخليج تأتي وتذهب.
وتشير الصحيفة إلى أن الانتقال الآن إلى مجموعة أخرى من الأهداف التي لا تزال طموحة ولكنها أكثر قابلية للتحقيق، هو شيء جيد، كما أنه يشير إلى نية المملكة في البقاء على المسار الصحيح.
وتضيف الصحيفة أن التحدي الذي تواجهه المملكة العربية السعودية هو انخفاض أسعار النفط الذي يحد من مجال المناورة المالية. ويقدر صندوق النقد الدولي أن سعر النفط في المملكة العربية السعودية يعادل 84 دولارا للبرميل (سعر برميل برنت حاليا 53 دولارا). وتشهد المملكة عجزا كبيرا في المالية العامة، وتراجعت احتياطياتها الخارجية بنحو الثلث منذ نهاية عام 2014، إلى أقل من 500 مليار دولار. ويمكن أن تستمر في الاقتراض والاستفادة من احتياطياتها، ولكن احتمال "انخفاض أسعار النفط لفترة أطول" يعزز حتمية تقليص الثغرة المالية عن طريق خفض الإنفاق الحكومي أو زيادة الإيرادات الأخرى.
وتابعت الصحيفة بأن المعضلة التي تواجهها المملكة العربية السعودية تكمن في التدابير التقشفية الأكثر قسوة، فكلما زاد الأثر الانكماشي على الاقتصاد زادت التخفيضات الحادة في الإنفاق الحكومي. وقد خفض صندوق النقد الدولي مؤخرا توقعات النمو في الناتج المحلي الإجمالي إلى 0.1 بالمئة لعام 2017 و1.1 بالمئة لعام 2018.
وبحسب "فاينانشال تايمز" فإن خفض النفقات عن طريق تقليص الرواتب الحكومية وفرض ضرائب أو تقليص الإعانات يؤدي إلى مخاطر تولد ردود فعل شعبية عنيفة، في وقت حدوث انتقال كبير للسلطة في العائلة المالكة مع تصعيد محمد بن سلمان مؤخرا إلى منصب ولي العهد. وتضيف الصحيفة أنه تم بالفعل تقليص تدابير التقشف. وفي نيسان/ أبريل، انعكست قرارات الملك سلمان على أجور القطاع العام ومستحقاته المالية، وأعادت في حزيران/ يونيو الأجور التي كانت قد استقطعت من قبل. كما أخرت الحكومة إصلاحات الطاقة المخطط لها.
وتشكل ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة تحدياً إضافياً لبرنامج الإصلاح، إذ يبدو أن قدرة الأمريكيين على زيادة الإنتاج بسرعة وبأسعار أقل مما يتوقعه الكثيرون من شأنه أن يغطي على صعود النفط. ومن وجهة نظر سوق النفط، فإن الأخبار التي تفيد بأن السعوديين يعتزمون السير بوتيرة أبطأ في الإصلاح يزيد من الضغط لزيادة الإيرادات عن طريق الحفاظ على اتفاق توريد أوبك / وغير أوبك الحالي. كما أنه يعزز أهمية نجاح الاكتتاب العام الأولي لشركة "أرامكو" السعودية في عام 2018، وهو جزء أساسي من خطة الإصلاح الاقتصادي التي تهدف إلى جمع 100 مليار دولار لصندوق استثمار عام.
وتقول الصحيفة، إن المملكة العربية السعودية تكتسب أهمية هائلة، باعتبارها موردا للنفط من أجل الاستقرار في المنطقة. وتضيف أنه ينبغي دعم وتشجيع الجهود الجادة للحد من اعتمادها على عائدات النفط، والانفتاح على الاستثمار الأجنبي وتحرير مجتمعها. ومع ذلك، لا تزال التحديات هائلة، خاصة وأن عصر النفط الصخري يخفض أسعار النفط، كما أن الجهود الرامية إلى سد العجز المالي الناتج عن ذلك تبطئ الاقتصاد.