إليكم نص الحوار:
برز التغير الحقيقي في العلاقات الأردنية — السورية في الشهور الأخيرة، والسبب الرئيسي في التغير هو تغير موازين القوى على الأرض الذي انعكس بدوره على التغير في مواقف بعض الدول، إذ أن بعض الدول ارتبكت نتيجة الخلافات الموجودة بينها، مثل قطر والسعودية، كما أن أمريكا لم تعد مهتمة ببرنامج دعم المعارضة، أي أن كل عوامل الضغط على الأردن تراجعت، لذا بدأ الأردن يشعر أنه يستطيع أن يتجه نحو مصلحته أكثر.
لكن إذا لم نذهب بعيداً، في وقت قريب كان للأردن تصريحات شديدة ضد سوريا، قبل حوالي أربعة أشهر تحدث الناطق باسم الحكومة الأردنية عن التدخل في العمق السوري، وقبل عدة أشهر تم الترحيب بقصف مطار الشعيرات من قبل الجانب الأردني.
بلغة أدق، الموقف الأردني لم يكن إيجابياً حتى فترة قريبة، لكن هذا الموقف تغير بفعل التطورات على الأرض السورية، لكن في النهاية نجد أن التطور في هذا الموقف هو لمصلحة هذين الشعبين، لأننا نحن نؤمن أن الأردن هي امتداد لسوريا، كما أن سوريا هي امتداد للأردن، والشعب السوري والأردني لا يفصلهما إلا خط في الرمل، وهذا الخط هو صناعة خارجية لا يعبر عن إرادة الشعبين.
في أي المجالات والمستويات ثمة تواصل بين البلدين، وفي أيها يوجد انقطاع؟
الانقطاع موجود منذ بداية الأزمة السورية، متمثلا في إغلاق للحدود بين البلدين، كانت هنالك جماعات مسلحة على الحدود الأردنية السورية، تدعمها دول الخليج، بالإضافة إلى تمرير كمية كبيرة من السلاح إلى الأرض السورية عبر الحدود الأردنية.
نحن نتكلم عن الماضي، لكن في الوقت الحاضر نحن نرحب بكل التصريحات الإيجابية التي صدرت عن الأردن، ونتلقاها بإيجابية أيضاً.
ما دمنا نتحدث عن الوقت الحاضر، الآن على أي المستويات يتم التواصل بين البلدين؟
إذا كان هنالك تواصل، فهو قليل جداً، وهو تواصل ليس على المستوى المطلوب بين البلدين، فالتواصل هو على المستوى الأمني، وليس السياسي، لكن هنالك تصريحات سياسية إيجابية، وهنالك كتاب ومحللون سياسيون أردنيون تغيرت لهجتهم حيال سوريا بنحو إيجابي، يعني مصطلح قوات الأسد غاب وحلّ مكانه مصطلح الجيش العربي السوري، مع العلم أنه ذات الجيش الذي يقاتل منذ بدء الأزمة حتى اليوم، لذلك نحن نقول أن المعركة على الأرض السورية هي التي فرضت مفردات جديدة، لكن نحن نرحب بالجميع والأردن مرحب بها أولاً.
هل ننتظر نقاشات تجمع البلدين بهدف تسمية سفير أردني في سوريا، وسفير سوري في الأردن؟
أظن أن الأردن لديها سفراء في سوريا أكثر مما تتوقع، وسوريا لديها سفراء في الأردن أكثر من المتوقع. العلاقات بين البلدين هي أكثر من موضوع سفير، لكن بالتأكيد هذا الشكل البروتوكولي نتمنى أن نراه، أستمع إلى إشاعات من أصدقاء أردنيين لسوريا أن هنالك أسماء مرشحة في الأردن لمنصب السفير، لكن بالتأكيد عندما يكون هنالك نية بتعيين سفير أردني في سوريا ستتعامل الدولة السوريا بإيجابية مع الموضوع. نحن نطمح إلى أن تكون علاقاتنا مع الأردن، إيجابية واستراتيجية، ولا نريد في سوريا أن نبقى في خانة تفَهُّم الدور الأردني باستمرار، فتضغط أمريكا عليها في قادم الأيام، فتكون الأردن خاصرة ضعيفة لسوريا، نحن لا نريد ذلك.
سبوتنيك: علقت في وقت سابق على حسابك الخاص على الفيس بوك، بأن مركز نصيب الحدودي لن يعود للعمل إلا تحت سيطرة الجيش العربي السوري، ورفع العلم السوري عليه هي مسألة وقت فقط، إلى أين وصلت المباحثات والتفاهمات بما يخص معبر نصيب، متى سنشهد هذه اللحظة؟
خلال الفترة الماضية قمت بتسليم الخارجية الأردنية أكثر من سبع مذكرات لفتح المعبر، نُعلم الجانب الأردني فيه رغبتنا بفتح معبر نصيب، لكن وحسب كلام رئيس الوزراء الأردني السابق قال "سنشاور حلفاؤنا لأنهم لا يسمحون لنا"، موضوع إغلاق معبر نصيب لم يكن بناء على إرادة أردنية، وقبل إغلاق المعبر كانت تسيطر عليه جبهة النصرة وكانت الأردن تصدر عبر جبهة النصرة لمدة سنتين، وهذا الكلام قاله لي أحد المسؤولين الأردنيين.
لكن عندما بدأ الحديث عن الكتائب الشيعية والمليشيات الشيعية، ويجب إبعادها، بدأت الضغوطات، وهنا أريد التعليق على أن ما هو داخل حدودنا إنما هو أراضٍ سورية تحت السيادة السورية ولا نسمح لأحد بالتدخل بالشأن الداخلي السوري، والدول الموجودة على الأرض ممن استدعتهم الدولة السورية هم أصدقاء لها، ومن جاءوا ضد رغبة الدولة السوريا هم أعداء الدولة السورية.
كيف يمكننا توصيف العلاقات الأردنية — السورية بناء على كلامك تحديداً وأن الأردن يتحفظ على وجود قوات تابعة للجيش الإيراني وقوات من حزب الله قريبة من الحدود الأردنية في الجانب السوري؟
نحن نقدر لأهلنا في الأردن كرم الضيافة التي ليست غريبة عليهم والمحبة والاحترام اللذين قوبلنا بهما نقدرهما تماماً، لكن نحن نقول ضمن التحديات من حقنا تشكيل موازين القوى التي ندافع فيها عن أنفسنا، ونحن لولا اعتمادنا على أصدقائنا في الفترة الماضية ما كنا سنحمي الأرض السورية، كنا نتمنى أن نجد شعوباً عربية تساندنا في حربنا ضد داعش، لكن للأسف نحن بدلاً من ذلك وجدنا دولاً عربية تساعد المسلحين في سوريا، فاعتمدنا على أصدقاء كان من بينهم دول عدوها الأساسي هو إسرائيل.
ما هي وجهة نظر سوريا بمطالبات دول عربية لها بتطبيق الديمقراطية؟
من جاء إلى سوريا بعناوين الديمقراطية ليطبقها أولا في بلده، لتطبقها قطر في دولتها والسعودية، فكلاهما ليستا منابر للديمقراطية حتى تعلم سوريا الديمقراطية، نحن نؤمن أن عدونا الأساسي هو إسرائيل، سنقاومه لأنه محتل لأرضنا ولفلسطين.
قريباً جداً، لأن الرغبة السورية تحولت إلى إرادة أردنية كذلك، فالأردنيون يريدون فتح المعبر وتحدثوا عن ذلك. لأن العوامل الضاغطة على الأردن سابقاً انتهت.
وهل حقاً ثمة مباحثات دائمة بين الأردن وسوريا وأمريكا وروسيا، حول معبر نصيب؟
أستطيع أن أقول أن الموضوع شبه منتهي، والعامل المعطل الوحيد على الموضوع هو العامل الإسرائيلي، لأن إسرائيل تريد أن تضغط بما يحفظ مصالحها، فهي تطمع بوجود مناطق آمنة في الجنوب السوري وقد اعتمدوا لتحقيق ذلك على جماعة جبهة النصرة في القنيطرة، وجيش خالد بن الوليد، لكن الشعب الأردني يدرك تماماً أن مصلحته مع الانفتاح الاقتصادي مع العراق وسوريا.
كيف ترون حجم التبادل التجاري بين الأردن وسوريا في المستقبل؟
سيرتفع سريعاً، لأن ما يجمعنا كثير.
ما هو تقييمكم لاتفاق عمان، وما نتج عنه من وقف إطلاق النار في منطقة خفض التوتر في الجنوب السوري؟
بعض الدول هي التي عارضت اتفاق أستانا، وطلبت من الجماعات القريبة منها عدم الذهاب إلى أستانا، والكتائب المسلحة في الجنوب السوري هي آخر من شارك في عملية أستانا، حتى جاء القرار الأمريكي بالتخلي عن المعارضة وتوقيف برنامج دعمها، لذلك بعض الأمور حصلت كتحصيل حاصل، الأرض السورية هي التي تفرض التغيير في كل شيء.
يكثر الحديث الآن عن إعادة إعمار سوريا، وهنالك دول عربية وعالمية ستشارك بذلك، كيف تنظرون لعملية وخطط إعادة الإعمار؟
نحن عندما نريد البدء بالإعمار، نحن لا نريد أن يوقفنا شيء، وحتى يتم ذلك يجب أن نعتمد على دول حرة ومستقلة، سنتعامل مع الدول التي أثبتت أنها لا تتعامل مع الدول التي تخضع للهيمنة الأمريكية، لذلك أنا أستند إلى كلام سيادة الرئيس بشار الأسد، عندما تحدث عن موضوع الإعمار قائلاً "نحن نريد أن نتجه شرقاً"، ويقصد سيادة الرئيس أننا لا نريد أن تشارك دول معينة بموضوع الإعمار ثم تأتي ضغوط عليها، فتتوقف. نحن نريد دول مستقلة لنتعامل معها. نحن نريد أن تكون علاقاتنا استراتيجية وأن تكون الدول حرة في إقامة العلاقات، نتحدث بشكل عام هنا، نحن نريد أن تكون العلاقات استراتيجية ومستقلة أن تكون مبنية على المصالح المشتركة، كي لا تتعرض لانتكاسات.
هل هنالك خطط ليكون للمستثمر السوري دور في إعمار بلده؟
بالتأكيد الأولوية للمستثمر السوري، لكن حجم الدمار الذي تعرضت له سوريا يتطلب المضي في حالة الإعمار بشكل أسرع، فلن نعتمد فقط على المستثمر السوري، بل سيكون بالإضافة إليه دول صديقة عربية وغير عربية.
كيف تعلقون على مخرجات أستانا 6؟
بعض الدول التي ذهبت لأستانا لم تذهب خدمة لسوريا، بل لأن مصالحهم باتت مع الحل السياسي الذي فرضته دماء الشهداء من الجيش العربي السوري ودماء الأصدقاء الذين دعموا سوريا.
هل الحكومة السورية مستعدة للجلوس مباشرة مع المعارضة إذا شكلت وفدا موحدا في محادثات جنيف المقبلة؟
قرار الحكومة السورية هو أننا لن نوفر جهداً في التقدم نحو الاتجاه السلمي ووقف إراقة الدماء، يعني مجرد حضورنا في جنيف وأستانا هو رغبة في حقن الدم السوري، كل من ندم وأراد أن يبدأ من جديد هو فرد مُرَحب به.
سبوتنيك: متى ستنعقد محادثات جنيف القادمة؟
جنيف ينعقد كل يوم على الأرض السورية.