ومن صلبا تقدمت قوات أخرى من الجيش نحو قرى أبو حنايا أبو حبيلات والحردانة وأم ميل وجميع نقاط خط البترول مع تل تبارة الديبة شرقي ناحية بري الشرقي، وأوقعت قتلى وجرحى في صفوف تنظيم "داعش"، وبهذه السيطرة يكون قد أنتهى وجود تنظيم "داعش" بريف السلمية، بعد سلسلة عمليات عسكرية نفذتها وحدات الجيش السوري خطوة بخطوة مدعوماً بقوات رديفة ضمن اشتباكات عنيفة جرت ضد تنظيم "داعش" الإرهابي.
الجيش اعتمد في عملياته على عنصر المباغتة والهجمات القوية المترافقة مع عمليات تمهيد عنيفة، بالإضافة لتقسيم منطقة ريف السلمية الشرقي إلى خمسة محاور حوصر "داعش" حينها بأكثر من جيب، أفضى ذلك بالسيطرة على ناحية عقيربات، التي كانت تعد مركز ثقل تنظيم "داعش" في بادية حماة، فبعد سيطرة الجيش السوري عليها أصبح التنظيم بين فكي كماشة، وبدأت القوات بالعمل على تقليص المسافة يوماً بعد اَخر بغية التقاء وحدات الجيش المتقدمة من ريف السلمية مع القوات المتقدمة من ريف جب الجراح شمال شرق حمص، وهذا ما حصل في اليوم الرابع من شهر أكتوبر/تشرين الأول، شطر الجيش هذا الجيب بدءا من جهة السلمية مجبراً من تبقى من عناصر "داعش" على الانسحاب نحو جبال البلعاس والقرى المحيطة بها في ريف حمص.
قال أحد القادة الميدانين: "إن معركة ريف السلمية لم تكن بالسهلة، فالتنظيم كان متحصن بشكل جيد ومتين منذ 6 سنوات، وعلى الرغم من ذلك لم يكن الأمر عائقا أمام العملية واسعة الأهداف"، حيث تحول تركيز العمليات بداية الأمر على إتمام السيطرة على طريق أثريا-الرقة، بما يؤمن مرونة في خطوط الامداد للجيش، وبالتالي إطباق الحصار على مواقع "داعش" شرق وجنوب طريق أثريا خناصر وإنهاء تهديدها المتكرر لطرق حلب الوحيد، من الواضح أن سلسلة المعارك الأخيرة للجيش السوري في ريف حماه الشرقي بالسيطرة على عقيربات ما هي إلا هدف من سلسلة أهداف استراتيجية، كجزء من خطة ورؤية أكبر، لتغير الواقع العام لطبيعة المعركة في البادية الحموية.
وشدد المصدر على أن المعارك كانت محتدمة وبفعل الإحاطة والتطويق الجيد لجيوب "داعش" انكسر التنظيم الإرهابي، وكافة القوات كانت جاهزة لأية أوامر ربما تصدر بصورة مفاجئة، لافتاً إلى مشاركة سلاح الطيران الروسي الفاعلة في عملية تحرير ريف السلمية، وتنفيذه لضربات موجعة ضد مقرات "داعش"، أسفرت عن انهيار وتخبط في صفوف تلك المجاميع الإرهابية.
والواضح أن خطط القادة الميدانيين في الجيش اتجهت بالمنحى الإيجابي، فالخريطة العملياتية والتكتيكية والاستراتيجية وتبادل الأدوار والانتقال من خطة إلى أخرى، والتكيف مع ظروف المعركة بسلاسة ملحوظة، هذه التغيرات التي أدارتها القيادة العسكرية الميدانية للجيش السوري بحرفية حنكة ملحوظة، بساحات المعارك في المناطق المذكورة أعلاه أثمرت بعمليات نوعية وخاطفة، عن ضرب الخطوط الهجومية الأولى للمجاميع المسلحة، مما ساهم بشكل أو بآخر بشل قدرت هذه المجاميع الإرهابية على الصمود في وجه قوات الجيش السوري.
فلم يعد هناك تواجد لـ"داعش" ولا شيء يعكر صفو الحياة في مدينة السلمية، تلك المدينة التي عانت الكثير من جرائم التنظيم الإرهابي وهجماته الغادرة التي أدت لارتكاب مجازر بحق أبناء قرية المبعوجة وعقارب الصافية، واستشهاد طفل لم يكن يعلم أن نهايته ستكون بقذيفة غادرة، الجيش الذي وعد بتأمين سلامة المواطنين صدق بوعده ورسم خارطة جديدة بدماء شهدائه.