وأضاف الكاتب أن الإدارة الأمريكية صممت استراتيجيتها الجديدة للشرق الأوسط، وفي قلبها منع إيران من تحقيق السيادة في المنطقة، وتهدف واشنطن من وراء تنازلاتها في سورية، إلى تحقيق توافق مع الروس يؤدي إلى جرهم بعيداً عن الإيرانيين، وفي بلاد الرافدين حيث يقترب موعد الانتخابات البرلمانية، يعمل الأمريكيون على تقوية القوى المؤيدة لهم، وإضعاف وتهميش التيارات المقربة من طهران.
من وجهة نظر الكاتب، أن السعودية فقدت أي منفذ للتدخل بأدوات عسكرية في الشأن السوري، إذ لم يعد بإمكان الرياض إرسال السلاح والأموال إلى المجموعات المسلحة في شمال أو جنوب سورية، كما كان عليه الحال في السابق، انطلاقاً من تركيا أو الأردن، لأن هاتين الدولتين نسجتا اتفاقات وتفاهمات مع روسيا قضت بالتوقف عن توفير الدعم والسلاح للمجموعات المسلحة في مقابل إطلاق عملية أستانا بالنسبة للأولى، ومسار عمان الذي يقوده خبراء روس وأردنيون وأمريكيون، بالنسبة للثانية.
وأكد الكاتب أن السعوديين بدورهم، مضوا قدماً في مسار جديد مع الروس أسست له الوساطة المصرية، والرعاية الأمريكية غير المباشرة، كما أطلقت السعودية وساطة ما بين مجموعات المعارضة السورية السياسية لدفعها إلى اتفاق مشترك بخصوص مفاوضات جنيف يكون متطابقاً مع متطلبات القرار 2254، وهذه الوساطة السعودية نالت رضا الجانب الروسي والجانب الأمريكي أيضاً، إن لم يكن تكليفهما، ومؤخراً، كشفت السلطات السعودية عن دعمها لخطط التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، لإعادة الأمن والاستقرار إلى الرقة، في مرحلة ما بعد تنظيم "داعش".
وأردف الكاتب أن طموحات السعودية في سورية تقلصت إلى مجرد آمال صغيرة، فقدت القوى العراقية المؤيدة للسعودية تأثيرها هناك سواء على الصعيد العسكري أو السياسي، لذلك، انحصرت خيارات السياسة السعودية حيال العراق في الامتثال لنصائح إدارة ترامب عبر توفير أعلى درجات الدعم السياسي والمالي لحكومة حيدر العبادي، بما يمكنه من تحدي مجموعات "الحشد الشعبي" المتحالفة مع إيران.
وقال الكردي إن "الأمريكيين يتخوفون من انعكاسات نجاح إيران في سورية، على الأوضاع في العراق ونفوذهم هناك، أما السعوديون فهم يعلمون أن الوقت يضيق أمامهم للتعامل مع مخاطر بروز السيادة الإيرانية في "الهلال الخصيب" على الأوضاع في الخليج واليمن، إذ إن انتهاء الحرب في العراق وسورية، سيحرر الإيرانيين ويدفعهم لتركيز مزيد من الموارد على المشكلة اليمنية، حيث ما يزال حلفاء السعوديين يقاتلون هناك للعام الثالث على التوالي، كذلك يتخوف الإسرائيليون من وصول الحرب السورية إلى نهايتها وتداعيات ذلك على ميزان القوى في جنوب لبنان".
وأشار الكاتب إلى أن إدارة ترامب بنت استراتيجيتها للشرق الأوسط، على تكثيف الضغوط الاقتصادية على إيران بذريعة برنامجها الصاروخي، وتهديدها بمراجعة الاتفاق الدولي بخصوص برنامجها النووي، بالترافق مع استهداف حلفائها على الأرض، تحديداً في العراق ولبنان واليمن، وترتكز ستراتيجية واشنطن على ثلاثة أعمدة هي:
الوجود العسكري الأمريكي والغربي غربي العراق وشرقي سورية والذي يهدف إلى محاصرة مجموعات "الحشد الشعبي" وكبح الإيرانيين.
الإسرائيليون الذين سيتعاملون مع "حزب الله" في لبنان.
السعودية وتحالفها العربي والإسلامي حيث يقاتلون للتخلص من "الحوثيين" في اليمن.
وختم الكاتب أن السعودية تلعب دوراً أولاً ضمن هذه الاستراتيجية وفي كل مواطنها، فهي تتولى التخطيط للنقلة الجديدة في الصراع اليمني، وتنسج علاقات الصداقة مع العبادي في العراق، وتساهم في إغراء الروس للابتعاد عن الإيرانيين في سورية، كما لعبت دوراً كبيراً في استقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية، ومن ثم "تعرية" "حزب الله" وحلفائه في لبنان، وأخيراً، كانت المحرك وراء حشد الدول العربية والغربية من أجل رفع ملفي "تدخلات" إيران وبرنامجها للصواريخ البالستية إلى مجلس الأمن الدولي.