بداية ما موقفكم من نتائج اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ الذي انعقد قبل أيام قليلة والذي استنكر التدخل الإيراني في المنطقة؟
البيان مرفوض تماماً، لأنه بعيد عن الواقع، ولم يتم عبر إشراك مصالح الآخرين.
ماذا تقصد بـ "إشراك مصالح الآخرين"؟
أولاً، حضور إيران في العراق له شرعية، فعندما قدمت إيران القوات لمكافحة الإرهاب في الأراضي العراقية، تم استئذان حكومة العراق المركزية المنتخبة من طرف الشعب العراقي للدخول لمكافحة الإرهاب في العراق. وذات الأمر حصل في سوريا التي سمح نظامها الشرعي بدخول مستشارين عسكريين لمساندة الجيش السوري، فحضورنا في البلدين له شرعية. وهذا ينفي صحة ما يتم الترويج له بأن إيران احتلت الأراضي العربية أو العواصم العربية أو أنها تتدخل في الشؤون العربية.
إن البيانات السياسية التي تصاغ بعد الاجتماعات التي تنعقد على المستوى العربي، تنظر إلى أن العلاقات مع إيران عدائية، وهذا غير صحيح، نحن في سياساتنا الخارجية لا ننظر الى العلاقات من مبدأ الربح والخسارة. وعلى سبيل المثال؛ نحن طوال 12 أو 13 سنة من المفاوضات التي دارت بين إيران والدول 5+1 كنّا دائماً نُصّر ونبلغ الجانب الآخر بأن المفاوضات إذا كانت على قاعدة (ربح — خسارة)، ربح لجانب الغرب وخسارة إلى جانب إيران؛ فلن تكون المفاوضات ناجحة، وعندما وصلنا الى المرحلة الأولى من حكومة فخامة الرئيس روحاني، أعلنا أننا نريد التركيز على ضرورة أن تكون المفاوضات على قاعدة (ربح — ربح) أي أن تقوم بالعدالة والانصاف. ونتجت الاتفاقية بين ايران والدول 5+1 بناء على هذا المبدأ، ومن هنا نحن ندعو الجانب العربي لمفاوضات إيجابية تقوم على قاعدة (ربح — ربح)
كيف تنظرون إلى عودة العلاقات السعودية والخليجية مع العراق، وهل يمكن أن تكون على حساب العلاقات مع إيران؟
إن السياسة الإيرانية والخارجية الإيرانية تشجع العلاقات الوطيدة مع كل دول الجوار، نحن نساند وندعم ونحمي العلاقات الموجودة العربية — العربية، وندعم العلاقات العراقية مع الجانب السعودي، وكذلك مع الأردن والخليج، لا يمكن أن نرفضها لأننا مستفيدون.
كيف تكونوا مستفيدين من هذه العلاقات؟
عندما تتوطد العلاقات مع كل دول الجوار، فإن دول الجوار لن تنظر لبعضها بعدائية. من هنا وعلى سبيل المثال عندما تتوطد العلاقات العراقية السعودية، سيطمئن الجانب العراقي إلى أن هذه الدولة الجارة لن تتلاعب في أمنه كما جرى في سوريا. وبالمحصلة نحن في إيران من صالحنا أن تبقى الدول في الإقليم مستقرة، ومن هنا يأتي إصرارنا على العلاقات الوطيدة بين العراق ودول الاقليم.
هنا نعود للمعادلة (رابح — رابح) التي تدعو أن تقوم عليها العلاقات العربية الإيرانية.
لأجل هذا السبب، نحن نعتقد أن إيران مستفيدة من توطيد العلاقات العراقية الأردنية، فبذلك سيتم تأمين حدود العراق والأردن، وكذلك الشأن بين العراق والسعودية وغيرها. في كثير من اللقاءات العراقية الإيرانية يتم الحديث عن موضوع العلاقات والجوار والإقليم ككل ونحن نساند هذه الفكرة، وندعم توجه العراق نحو الخليج.
في النهاية لا يمكننا العيش في هذ ه المنطقة ونحن نقيم الجدران بيننا. إننا في دول الإقليم لدينا قواسم مشتركة تزيد نسبتها على 90% بينما الاختلافات لا تتجاوز 10%.. لأي سبب سوف نصر على الحروب أو على الاختلافات!
كيف تقيمون العلاقات الأردنية الإيرانية؟
نحن للأسف الشديد مع المملكة الأردنية الهاشمية علاقاتنا ليست على المستوى المطلوب، فبعد الأزمة التي حصلت بين إيران والمملكة العربية السعودية والقطيعة بين البلدين وإغلاق السفارات بين البلدين، استدعت الأردن سفيرها من طهران، لكن ايران لم تتخذ خطوة في المقابل. صحيح أن هنالك خلافات بين إيران والأردن لكن نحن مع الأردن في كثير من الأحيان لدينا نقاط مشتركة أكثر من نقاط الخلاف الموجودة.
ما هي أبرز القواسم المشتركة بين الأردن وإيران؟
بداية، نحن لا ننكر الخلافات وتحديداً في السياسات الخارجية لكلا البلدين، لكن علينا طرحها على طاولة البحث والنقاش وان نسمع بعضنا البعض، ونعزز جانب العلاقات الاقتصادية، حتى لو لم تكن العلاقات السياسية على المستوى المطلوب.
فمثلا بين ايران والامارات لا يوجد سفراء، المستوى الدبلوماسي الموجود على مستوى القائم بالأعمال، لكن مستوى العلاقات الاقتصادية موجودة المستثمرين الإيرانيين موجودين في الامارات وهنالك طيران مباشر ورحلات مباشرة واستثمارات وحجم التبادل التجاري الموجود بين البلدين فوق 10 مليار دولار. فلماذا نسمح للخلافات أن تترك اثرها على جميع المجالات الأخرى؛ السياحية والثقافية والاقتصادية. حتى في مجال المشورة البينية في المجالات الأمنية، لو كان للاردن أي تساؤل حول الحدود الشمالية نحن على استعداد، لماذا لا تكون الأبواب مفتوحة؟
كيف يمكن أن يكون هنالك مجالات مفتوحة والحكومة الأردنية تعلن خشيتها ورفضها لوجود المليشيات الشيعية على الحدود الشمالية؟
إيران كانت منذ البداية في الاتفاق الذي حصل بين تركيا وإيران وروسيا وتأسيس مسار أستانا، وايران كانت مشاركة في هذا الموضوع بالحل السياسي داخل سوريا. لقد ساندنا الفكرة الساعية لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، وعندما تم الاتفاق الثلاثي بين الأردن وأمريكا وروسيا على الحدود الجنوبية لسورية نحن دعمنا هذه الفكرة لأنها كانت ضمن مسار أستانا. فما دامت ايران جزء من استانا وتحترم اتفاقاته وتدعم الفكرة كيف لها أن تكون تهديداً على الحدود!
لكن نحن أعلنا أن وجودنا على الحدود السورية بسبب خشيتنا ورفضنا لوجود الجانب الإسرائيلي على الحدود السورية، أو إمكانية سيطرته على مناطق سورية.
قلت في وقت سابق بأنكم كنتم مع فكرة الإصلاح السياسي في سوريا حتى قبل الأزمة، اليوم كيف ترون أفق الحل السياسي في سوريا؟
أولاً لا بد من النظر إلى الأزمة السورية على أن الهدف منها هو ضرب جبهة الممانعة والمقاومة، والظرف قبل الأزمة الظرف كان مختلفاً عنه بعد الازمة، المهم الآن هو إنهاء الأزمة، وعودة سوريا سالمة موحدة ونظامها وجيشها موجودان، والمهم إعادة اللاجئين الى بلادهم والاطمئنان إلى عدم التدخل في الشؤون السورية أو ضرب الأراضي السورية وعندما تبدأ مرحلة إعادة الإعمار والبناء لا بد ان تبدأ مرحلة تقرير المصير للشعب السوري، وهو الذي يقرر مصيره فقط.
هل ستشارك إيران في إعادة إعمار سوريا والعراق؟
طبعاً، وأود الإشارة إلى أن إعادة الإعمار يجب أن تكون بيد حكومتي البلدين في سورية والعراق، هاتان الحكومتان هما من تدعوان الأطراف المعنية. ونحن لا نرفض مشاركة كل اللاعبين الإقليميين والدوليين، من الضروري أن يشارك الجميع في حل الكارثة الحاصلة في سوريا والعراق.
في المستقبل هل ثمة صراع محتمل بين السعودية وإيران بصورة مباشرة؟
لا أتصور ذلك، أبداً، ولا يمكننا تصور حرب من طرف إسرائيل على إيران، لقد انتهينا من موضوع الحروب ضد ايران كاملة أنا أقصد أن حرب أميركا وإسرائيل ودول الإقليم ضد إيران أصبحت من الماضي، لأن ايران إبان الثورة الإسلامية كان جيشها منهاراً، والحرس الثوري كان في بداية ولادته، لكن إيران حاليا تمتلك قدرات دفاعية، وأريد التركيز على أن جيش إيران هو جيش دفاع وامتلاك الصواريخ هو دفاعي بالدرجة الأولى وليس هجومي.
وإذا نظرنا إلى تاريخ إيران خلال 400 سنة فسنجد أن إيران لم تعتد على أي بلد من بلدان الجوار. بل إنها بلد متعاطف مع كل بلدان الجوار وينظر إلى ممتلكات التنمية البشرية والاقتصادية والتقنية التي حققها طوال الأربعة عقود الماضية منذ بداية الثورة الإسلامية حتى الآن، على أنها يمكن أن تكون مشتركة ولمصلحة الجميع.
من هنا أدعو لبدء الحوار وتأسيس نادٍ اقتصادي مشترك مع العرب، وإنه سيكون طريقاً لإزالة كل المعوقات الموجودة، ومن ثم نصون أمننا الإقليمي المشترك، لأن أمن إيران من أمن باقي الدول العربية والعكس صحيح. وما دون ذلك ستكون خسارتنا كبيرة.
منذ بداية تعييني سفيرا لإيران في الأردن تفاوضت مع الجانب الأردني بهذا الموضوع، وعرضت فكرة إقامة سكة حديدية مشتركة، وتاريخياً كانت هذه السكة موجودة وتمتد من تركيا إلى جدة في زمن السلطان عبد الحميد الثاني. وحتى تتحقق فكرة النادي الاقتصادي المشترك، قلت لا بد أن تكون هذه السكة الحديدية. وقد تم وصل هذه السكة من إيران وحتى جنوب العراق في نهاية عام 2016، وقلت لو امتدت السكة من العراق إلى الأنبار لتصل الأردن ومن ثم العقبة وحتى المدينة المنورة وجدة، فإن مليون سائح ديني من دول تركيا والعراق وإيران سيستفيد من هذا الخط.
هل هنالك خلاف مستقبلي بين إيران وروسيا بما يخص الأكراد؟
أريد تأكيد أن الروس دائما مصرون على وحدة الأراضي العراقية، وهذا يتنافى مع فكرة انفصال الأكراد. أما في سوريا فالموقف الروسي واضح من وحدة الأراضي السورية وعدم تقسيمها، فكيف يمكن القول إن هنالك خلافًا روسيًا إيرانيًا مؤجلًا حول الأكراد؟ واليوم في أستانا المنعقد بين تركيا وايران والروس سوف يكون الملف الكردي الموجود في سورية على الطاولة. وبما يخص ملف أكراد العراق، لم يساند أحد انفصال الأكراد عدا إسرائيل ودول أخرى في الإقليم.
ونحن لدينا تواصل مع الجانب الكردي وتربطنا علاقات طيبة مع أكراد إيرانيين وعراقيين وننظر اليهم كمدافعين عن امن الوطن. وخلاصة القول أنه تم اغلاق ملف الازمة الكردية واصبح خلف ظهرنا وهذا كان خسارة لإسرائيل ومن دعم قضية الانفصال الكردي.