رفضت الجزائر طلبا أمريكيا بإرسال عناصر من البحرية (المارينز) لتأمين سفارتها بالعاصمة الجزائر ، تحسبا لأي تهديد بعد قرار الرئيس دونالد ترامب الإعتراف بمدينة القدس المحتلة عاصمة للكيان الإسرائيلي ، وكانت الجزائر بعد هذ القرار قد عبرت عن إجماع رسمي وشعبي ضد قرار ترامب وبدأت التحركات لإتخاذ إجراءات لجهة هذا التطور ولعل أهم رد للجزائر على الولايات المتحدة كان رفض هذا الطلب خاصة أن الجزائر لم تقبل يوماً ما بعد الإستقلال تواجد أي قوات أجنبية على أرضها بالرغم من كل الظروف التي تعرضت لها.
تاريخياً معروف عن الجزائر أنها بلد عربي وقف مع قضايا المنطقة العربية ككل وخاصة القضية الفلسطينية ، لكن في ظل هذ التطور وفي إطار العنجهية الأمريكية التي تريد أن تستثمر كل شيء لصالحها حتى أخطاءها لابد من الإضاءة على هذا الموقف لعله يكون فاتحة لمواقف أخرى لم تتجرأ عليها دول أخرى مقيدة بالسياسة الأمريكية .
ومن هنا تتبادر إلى الذهن مجموعة من التساؤلات:
هل يمكن أن يؤدي الرفض الجزائري إلى تصعيد في العلاقة الجزائرية الأمريكية التي هي بالأصل ليست في أحسن أحوالها ؟
هل تستطيع الجزائر الدخول في مواجهة مع الولايات المتحدة التي يعطيها القانون الدولي الحق في حماية ممتلكاتها الدبلوماسية في أي بلد بغض النظر عن الهدف المبيت من قبل أمريكا ؟
مالذي يمكن أن ننتظره من الولايات المتحدة التي لم تكن متعودة أبداً على رفض مثل هذا الأمر وغيره من قبل دول المنطقة ؟
هل من دول عربية قد تحذو حذو الجزائر وتتخذ مواقف رادعة لسلوكيات الولايات المتحدة الرعناء تجاه القضية الفلسطينية تحديداً وإستثمارها لتحقيق أهداف أخرى في المنطقة ؟
بهذا الخصوص إستضفنا في حلقة اليوم الباحث في جامعة الجزائر الثالثة ، ونائب مدير الدولي للدراسات الامنية والجيوسياسية صهيب خزّار
يقول السيد خزّار بهذا الصدد:
بإعتقادي يمكن أن يصّعد الخلاف لكن لن يصل إلى درجة من الخلاف الجذري بين البلدين وأن الجزائر إن صح التعبير على علاقة حسنة إلى حد ما مع الولايات المتحدة إن صح التعبير لذا من المستبعد التصّعيد في الوقت الراهن، وبطبيعة الحال الجزائر مستهدفة من قبل ونحن نذكر مرحلة مايسمى بالعشرية السوداء حينما عاشت الجزائر الأحداث الأمنية التي إستهدف فيها الداخل الجزائري أمنياً وإستهدفت البنى التحتية ، وهذا ما يذكرنا بما مايجري مع سورية حالياً وهو دفع الجزائر للثمن والفاتورة جراء موقفها من دعم القضية الفلسطينية والقضايا العادلة لشعوب العالم والتي كانت فيها الولايات المتحدة الأمريكية طرفاً معادياً للشعوب والدول.
وأردف خزّار:
الآن الجزائر تواجه تحدياً أمنيا على حدودها مع ليبيا ، وكما هو كان متعارف عليه ومن خلال التهديدات الموجهة للجزائر التي رفضت التدخل في الشؤون الداخلية لسورية منذ بداية الأحداث في هذا البلد العربي ، لهذا من المكن أن تستعمل الولايات المتحدة ليبيا كعمبر للإرهابين إلى الجزائر ، هذا كإعتبتار أولي ، والإعتبار الثاني هو في أن تخلق الولايات المتحدة الأمريكية أحداثاً في الداخل الجزائري تكون ذات طابع إثني أو عرقي وهذا متوقع بشكل كبير نتيجة للتجارب السابقة للمشاكل التي تضعف الدول من داخلها ، سعياً من الولايات المتحدة إلى زعزعة إستقرار هذه الدول، الدولة الجزائرية تعول على الدعامة الأساسية لإستقرارها وهو الجيش الوطني الذي يتوزع في كل المناطق الحدودية للدول التي تعاني من عدم الإستقرار الداخلي حالياً ، أما فيما يخص الداخل الجزائري فالدولة الجزائرية تؤمن كل الظروف والحريات لكل العرقيات وتتعامل مع المواطن الجزائري على أساس وطني وليس على أساس عرقي أو مناطقي ، هذه تعتبر إحترازات للدولة الجزائرية لمواجهة أي تهديد مستقبلي في داخلها وعلى محيطها الإقليمي .
وأضاف خزّار:
فيما يخص القضية الفلسطينية بشكل عام كانت الجزائر تعول على المواقف الدولية في المؤسسات الدولية وهذا أقصى مايمكن أن تفعله الدولة الجزائرية ، والدولة الجزائرية ترغب دائما حل القضية الفلسطينية كما يريد الشعب الفلسطيني بعيداً عن الإحراجات التي يمكن أن تتعرض لها في المؤسسات الدولية، وتريد أن تحل القضية الفلسطينية وفق القوانين الدولية ووفق المعتقد الجزائري لحل القضية الفلسطينية وإنصاف الشعب الفلسطيني.
وختم خزّار:
أنا برأي الوضع قد لايتطور أكثر من ذلك وسط ماتعيشه الأمة العربية من خذلان عربي بشكل عام للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية ، خاصة أن سورية تعيش أزمة والجيش السوري دعم القضية الفلسطينية والقيادة السورية كانت ومازالت داعمة للقضية الفلسطينية ، لكن سورية ملتهية بترتيب وضعها الداخلي وغياب هذا الصوت العربي القوي الداعم للقضية الفلسطينية يؤثر على الوسط العربي حالياً وخاصة أن السعودية الآن تتريث الموقف العربي وتسعى إلى جذب دول العالم العربي لتمشي معها في نفس الجادة لكن إذا ما شهدنا أن الوضع تطور وأن الدول العربية أو المحيط الإقليمي قد أجمع على مواجهة مباشرة فالجزائر ستكون حاضرة كما كانت حاضر ة من قبل بقوة وبإعتراف العدو الصهيوني بجيشها وبقدراتها العسكرية بشكل منقطع النظير والشعب الجزائري كلّه سيكون مستعداً لخوض هذه الحرب دون خوف، طبعاً في حال حصل تطور دراماتيكي في ظل هذه الظروف وخاصة ما نراه من سياسات بعض الدول العربية وتحديداً السعودية ،نحن علمنا أن محمد بن سلمان قد إستدعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليبلغه القرار الأمريكي بهذ الخصوص ، الولايات المتحدة لاتبلغ عن مشاريعها بشكل مباشر فهي لها أيديها في المنطقة ومن خلالهم تنقل رسائلها وتنفذ مشاريعها.
التفاصيل في التسجيل الصوتي المرفق.
إعداد وتقديم نواف إبراهيم