وأضاف الكاتب إلياس: وصل بوتين سوريا ووطأ أرضها في أول زيارة لرئيس دولة غربية عظمى منذ إعلان الحرب على سوريا، أعلن النصر من أرض سوريا وبرفقة رئيسها، واستعرض على رأس وفد عسكري إنجازات القوات الروسية في سوريا، وأمر بسحبها بما يتناسب مع متطلبات المرحلة الجديدة في البلاد، وكما كنا نقول دائما فإن القوات الروسية كما أتت إلى سوريا عام 2015، فإنها تعود بالطريقة ذاتها والسلاسة والسرعة بناء على تقدير القياديتين السياسية والعسكرية في كلا البلدين الحليفين.
ولفت الكاتب السوري إلى أن بوتين الذي ساهمت بلاده في الجهد العسكري لمقاومة أعداء الدولة السورية، يعود اليوم من بوابة السلام في سوريا ومن أرض سوريا، وهو ما يتوافق مع دعوة الدولة السورية ورؤيتها للحوار والمصالحة التي يجب أن تتم وتجري وتختتم وتتوج في سوريا بين السوريين أنفسهم.
وفي دلالات زيارة بوتين المهمة يمكن الإشارة إلى الآتي:
أولا، الرئيس الروسي الذي أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية في بلاده أراد في مرحلة ما بعد إعلان النصر للجيش الروسي في أحد أكبر وأهم مهامه الخارجية منذ عقود، أن يقول إن لا التزاما روسيا طويل الأمد على طريقة أفغانستان، بل إن ما جرى هو مهمة ناجحة لقوات بلاده بأقل الخسائر الممكنة، أعادت الوجه المشرق لروسيا كقوة عظمى قادرة على الإيفاء بوعودها، وضمنت عودة الجنود الروس إلى ذويهم.
ثانيا، وجه الرئيس الروسي رسالةً إلى الولايات المتحدة باتجاهين: الأول، أن القوات في سوريا بطريقة غير شرعية، والتي تعتبرها الحكومة السورية بمنزلة الاحتلال ومنها القوات الأمريكية، هذه القوات عليها أن تنسحب مع نهاية الحرب على تنظيم "داعش" الإرهابي الذي يشكل مركز عمل التحالف الأمريكي في سوريا والعراق.
وهذا طبعا يحمل في طياته رسالة موجهة للقوات الخاصة الغربية الأخرى كافة، وفي مقدمها القوات البريطانية والفرنسية التي تعمل مع الأكراد في سوريا وبعض الميليشيات المسلحة في جنوبي سوريا.
والثاني، أن الرئيس الروسي كان واضحا بأن "الإرهابيين سيلقون ما لم يعهدوه من قبل" إن استغلوا أي فراغ قد يتركه انسحاب القوات الروسية الإضافية من سوريا، وفي هذا رسالة موجهة إلى مشغل أذرع الإرهاب في سوريا كافة وهو البيت الأبيض، فالحسم سيكون شاملا إن تم الاستمرار في سياسة فرض المطالب التعجيزية وعرقلة الحل السياسي في سوريا.
وتابع الكاتب الياس: المرحلة اليوم هي للسياسة في سوريا، وبهذا المعنى فإننا أمام حل يجب أن يتم الإسراع في الاتفاق عليه، وهذا الحل لا يمكن أن يستند إلى فرضية قدرة القوات الروسية على ضبط مصالح حلفائها في سورية ميدانيا، بل إن الأمر يجب أن يتم في سياق اتفاق سلام سوري سوري ترعاه الأمم المتحدة وتوافق عليه القوى الإقليمية وتضمن تنفيذه والالتزام به كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وختم الكاتب بالقول: الجمهورية العربية السورية دولة ذات سيادة، ودولة مؤسسات على الجميع التعامل معها على هذا الأساس، ومن ثم فإن طريق دمشق التي تنفض عنها الإرهاب أصبح سالكا وعنوانه قصر الشعب.