وأشار قرم إلى إمكانية استخدام العملة الروسية أو الصينية في عمليات التمويل، كما يمكن الاستفادة من تجربة كوبا أو روسيا أو إيران في مرحلة إعادة الإعمار.
وبين قرم لـ"سبوتنيك" على هامش مشاركته في المؤتمر الاقتصادي الأول بجامعة دمشق الذي أقامه تجمع "سورية الأم" تحت عنوان "نحو رؤية اقتصادية وطنية لسوريا المستقبل" أن "الدولة السورية برهنت على الصمود الخارق بمساعدة روسيا وإيران وحزب الله، وأمام الدولة السورية تحدي كبير في مرحلة إعادة الاعمار".
ولفت قرم إلى أن أغلب الدول العربية لا تنتج بل تستورد فقط كونها قائمة على الاقتصاد الريعي فالنفط شلّ جميع القدرات العربية للإنتاج وبالتالي أصبح توزيع الريع للمحسوبيات ولبناء القصور الفخمة وهنا يجب وضع قواعد صارمة والتوقف عن تصدير الكميات النفطية الضخمة إلى الخارج والتوجه إلى الإنتاج والتصنيع كونه يحتاج إلى الطاقة وبالتالي يجب عدم الإسراف في إشباع الحاجات الأوروبية الأمريكية.
وأوضح عبد الحليم فضل الله رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، والمشارك في المؤتمر أن النموذج التضامني التشاركي في لبنان حقق أهدافه كاملة وعلى رأس ذلك إعادة النسيج الاجتماعي إلى ما كان عليه قبل الحرب، ولا يمكن إغفال الدور الفعال للتعاون والثقة إذ يسجل لمشروع إعادة الإعمار الحالي نجاحه في تعبئة رأسمال اجتماعي من شأنه المساعدة على تخطي الصعوبات، وإن الدخول الجماهيري إلى نطاق العمل لا يقلل التكاليف فحسب بل يخلق قيم إعادة إعمار تسمح بالتغلب على الممانعة التقليدية التي تواجه برامج التطوير والتنمية.
وأكد المشارك الدكتور أشرف بيومي أستاذ الكيمياء الفيزيائية بجامعة الإسكندرية لـ"سبوتنيك" أن سياسات "الانفتاح" و"السلام" في مصر لم تؤد لا إلى الرخاء ولا إلى السلام فضحايا الظلم والفساد تفوق ضحايا المقاومة، ولهذا فإن سوريا المنتصرة تستطيع أن تقدم نموذجا خلاقا لنهضة عربية مستقلة معتمدة على الذات، وعندئذ نطمئن بأن دماء الشهداء لم تذهب سدى.
وأشار المشارك الدكتور أحمد السيد نجار من كلية الاقتصاد في جامعة القاهرة إلى أن سوريا تتجه لإحراز نصر نهائي وحاسم على كافة التنظيمات الإرهابية التي تم الزج بها من أربعة أركان الأرض في محاولة لتدمير الدولة ووحدة ترابها الوطني.
وأضاف النجار أن عملية إعادة إعمار سورية ستحدد مستقبل التنمية والعدالة والاستقرار المبني على التراضي وليس السيطرة في هذا البلد العربي الكبير، وهناك تجارب تاريخية غنية بشأن السياسات الاقتصادية التي يمكن أن يتم من خلالها إعادة إعمار أو بناء أي اقتصاد وربما تشكل التجارب الأوروبية الغربية والشرقية بعد الحرب العالمية الثانية، والتجارب الصينية والفيتنامية والكورية لإعادة بناء الاقتصاد الذي خربته الحروب خبرات بالغة الأهمية في هذا المجال دون إهمال أي عناصر تتعلق بخصوصية الوضع في سورية أو مستجدات البيئة الاقتصادية العالمية.
وتابع المشارك حديثه: لابد من الإشارة إلى تأثير طبيعة النظام الاقتصادي الدولي على فرص التعاون العالمي مع سوريا في إعادة الإعمار، فالمؤسسات الدولية لن تساند سوريا والبديل الاعتماد على الذات والتعاون مع الأصدقاء وفي ظل مثل هذا النظام الدولي ومؤسساته التابعة للولايات المتحدة وحلفائها على سوريا ألا تتوقع أي تعاون فعال من تلك المؤسسات في إعادة الإعمار وسيكون عليها بالتالي أن تستنهض المدخرات الموجودة لدى السوريين في الداخل والخارج للمشاركة في تمويل عمليات إعادة الإعمار بمختلف وسائل المشاركة التي ينبغي تنويعها بشكل مرن ومبدع وقادر على جذب أموال السوريين كاستثمارات مباشرة وغير مباشرة أو كمدخرات في وسائل ادخارية متنوعة وجذابة لاستخدامها أيضا في تمويل الاستثمارات.
كما أنها يمكنها أن تتعاون مع الدول الصديقة في عملية إعادة الإعمار، إذ ينبغي أن يتم إعطاء أولوية مطلقة للتعاون الاقتصادي واتفاقيات المشاركة والتعاملات التفضيلية في التجارة والاستثمارات وحتى السياحة مع البلدان التي ساندت سوريا في حربها ضد الإرهاب، وينبغي أن يتم أيضاً على أسس اقتصادية وبصورة تحقق المصالح السورية باعتبارها البوصلة التي ينبغي اتباعها في كل ما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية الدولية، ولحسن الحظ فإن الدول الصديقة لسوريا تتضمن دولا رئيسية مصدرة للاستثمارات مثل روسيا والصين.
ولفت الدكتور محمود العرق رئيس تجمع "سورية الأم" المنظم لورشة العمل إلى أن سوريا تعرضت خلال السنوات السبع الماضية لأحداث كارثية منذ إطلاق ما روج له بالربيع العربي وتضليل القنوات الإعلامية الموظفة ببث الشعارات التعبوية، والذي تسبب بدمار أغلب المدن والمساكن وتشريد النسبة العظمى من المواطنين، ودمار البنى التحتية، "طرقات- شبكات مياه- شبكات كهرباء" بنسب متفاوتة وكبيرة، ودمار أغلب المنشآت الحيوية "السياحية والخدمية" وكذلك العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا وغيرها.
وبين العرق لـ"سبوتنيك" ضرورة تطوير الإمكانيات الاقتصادية المحلية بكافة الاتجاهات بدلاً من الاعتماد على الدول الخارجية، وإيجاد أنظمة اقتصادية تعمل للجميع، حيث بات واضحاً وجلياً طمع بعض الدول المجاورة والبعيدة بثروات سوريا الاقتصادية.
وأشار العرق إلى أن البرنامج يضم 32 ورقة بحث تم إعدادها من قبل التجمع الذي يضم الكثير من الباحثين في مجال الاقتصاد من سوريا ولبنان ومصر والجزائر والعراق.