ذات المكان الذي صمد مرات كثيرة أمام مفخخات الإرهاب وأعماله الغادرة، غنى شاب وسيم برفقة عازفين على الغيتار والأورغ الكهربائي، لجمهور من العائلات والباعة بكل حفاوة صفقوا وبعثوا ابتساماتهم إلى العالم، من وسط سوق بعقوبة مركز محافظة ديالى، شمال شرقي بغداد.
وغطت مراسلة "سبوتنيك" في العراق، الحفل الموسيقي الأول من نوعه، الذي أقامه فريق ناشط عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حديثا، في محافظة ديالى تحديداً في ساحة الأمير علي خريسان وسط بعقوبة المدينة التي تبعد عن بغداد نحو 50 كم.
وتحدثت إحدى منظمات الحفل الموسيقي، وهي أيضا عضو في فريق "diala talks"، الشابة أسماء صالح، في حديث لمراسلتنا، عن الحدث، قائلة "عملنا هذا الحفل، لنلتقي بجمهورنا ومتابعينا، والابتعاد عن مواقع التواصل الاجتماعي، والالتقاء بهم في الشارع، وكي نثبت للعالم والمحافظات العراقية الأخرى، أن ديالى بعيدة كل البعد عن العنف والطائفية وليس فيها قتل أو إرهاب".
وأضافت، أن الناس تجمعوا حول محور واحد ولغة واحدة يفهمها الكل دون صعوبة، وهي اللغة الأسمى والأولى عالميا هي السلام، ونحن رسالتنا واضحة مفادها "السلام لا غير".
من ناحيته، أخبرنا الشاب معتصم ضياء ناشط مدني، وهو أيضا من منظمي الحفل الموسيقي، معبرا "الموسيقى اليوم صارت عنوان ثان للتعايش، نرى كل الناس موجودين في السوق ومن مختلف الأجناس — النساء والأطفال والرجال ، مختلف الفئات العمرية دلالة واضح على وجود الكثير من الأدوات التي نستطيع التعايش بها لاسيما الموسيقى واليوم جمعتنا".
وأكمل ضياء "نستطيع الابتعاد عن موضوعات الطائفية، بأدوات بإمكاننا أن نسخرها، وسخرنا الموسيقى لأجل الحب والسلام، والتعايش السلمي".وبدت ملامح الفرح ترسم تأثيرها على وجوه الحاضرين، عبر الموسيقى والأغاني التي غناها المطرب الشاب بطرب، ما بين الفصحى، والمقتبسة من مطربين عراقيين وعرب وخليجيين، وأشهر الأغاني التي غنيت وهي الأقرب لقلوب العراقيين وأحبها إليهم أغنية — كلنا العراق — للمطرب حسين الجسمي.
ووصف الشاب حسين الخزرجي، وهو أحد الحاضرين، الحفل بالجميل جداً، في تصريح لمراسلتنا، منوها إلى أن تفاعل الجمهور كان قوي جداً، لاسيما وأن إقامته في سوق بعقوبة التفاته هامة يتفاعل معها الناس عبر لغة السلام والموسيقى والأغاني الجميلة التي اختيرت وهذا يعكس الواقع الثقافي لديالى.
وتشارك وفاء زاهد، وهي من بين الحاضرات أيضاً، الشاب حسين الرأي نفسه في التعبير عن شعورها وإقامة الحفل، وقالت "الحفل ممتع جداً، وشهد استقطاب وحضور أكثر من 200 شخص، والأجواء كانت لطيفة جداً، وأعاد روح النشاط والحيوية في ديالى، ونتمنى في القادم أفضل، وأفضل".
وترى زاهد، أن الحفل دل على التعايش والتماسك الاجتماعي، بين أفراد الفريق، هدفه جمع الناس من مختلف الطوائف والمناطق لتعزيز التماسك الموجود في ديالى.
وعن الأجواء، صرح لنا الشاب علي محمد، من الحاضرين، واصفا إياها بالراقية، محدداً ما ميز الحفل أنه في وسط بعقوبة — في مكان عام وليس مغلق، أثبت أن في ديالى حياة وتعايش سلمي بنفس الوقت كانت جميع الأطياف حاضرة دون تفرقة أو أن هذا من طائفة وأخر من غيرها.
وأعتبر محمد، أن الحفل، غير من نفسية الحضور، والنظرة الموجودة على أنه لا توجد حياة أو متعة في المحافظة.
تجمع محافظة ديالى تحت أشجار البرتقال الحلو المذاق الأطيب الذي لا تشتهر به غيرها في العراق، مختلف المكونات والأديان، وطالما صمدت أمام هجمات الإرهاب الذي هزم ودحر على يد القوات العراقية طيلة أعوام من القتال والصبر والتضحيات.