وأشار المحللان إلى أن السعودية والإمارات تدعمان تشكيل قوة عسكرية مشتركة في الساحل الأفريقي، لمواجهة النفوذ الإيراني في غرب أفريقيا، التي ستضم 5 دول أفريقية، وهي "موريتانيا، ومالي، والنيجر، وبوركينافاسو، وتشاد"، للتعاون الإقليمي بشأن القضايا السياسية والأمنية.
وبالفعل خصصت السعودية 118 مليون دولار، فيما قدمت الإمارات 35 مليون دولار لتمويل القوة العسكرية المشتركة، كما وعدت أبوظبي بإنشاء "مدرسة حرب" في موريتانيا لتدريب القوات الموريتانية المشاركة في تلك القوة.
وأشار رئيس المكتب الدولي لوكالة "مهر" في مقاله إلى أن تلك القوة، ستسمح للسعودية بأن تحصل على دعم أقوى للتحالف الذي يود ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، أن يكون رأس حربة لمكافحة الإرهاب الإسلامي، وأن يثبت قدرته على قيادة المعركة، التي تستهدف تخطيط طويل الأمد لمواجهة النفوذ الإيراني حول العالم.
الوجود الإيراني
وتطرق التقرير إلى الوجود الإيراني في أفريقيا، الذي أشار إلى أنه يرجع إلى ثمانينيات القرن الماضي، خلال فترة الحرب الباردة، حينما كانت طهران مهتمة بنشر الفكر الشيعي في غرب أفريقيا، خلال المبادرات الثقافية والاقتصادية والدبلوماسية والإعلامية.
وقال إن طهران نفذت مئات المشاريع الاقتصادية في دول أفريقية، مثل السنغال وغامبيا ومالي وسيراليون وبنين ونيجيريا وغانا، وكان معظم المسؤولين ورؤساء إيران يضعون على قمة جدول أعمالهم زيارات إلى دول أفريقية عديدة.
وسمح ذلك لإيران بالخروج من العزلة الدولية المفروضة عليها، بسبب برنامجها النووي، ووفرت لها إمكانية الوصول إلى المواد الخام، مثل اليورانيوم، وفتح أسواق جديدة لطهران.
ولكن أنشطة إيران النافذة في غرب أفريقيا، باتت تثير مخاوف واسعة لدى السلطات السعودية والإماراتية، خاصة بعد صعود ابن سلمان إلى ولاية العهد.
وبدأت فعليا السعودية في تدشين حملة كبرى من الاستثمارات في القطاعين العام والخاص بمنطقة غرب أفريقيا والساحل الأفريقي.
وسعت السلطات السعودية كذلك إلى أن يمتد تأثيرها إلى المجال الديني، والقول لهيران نيا، بحيث تغير من تركيبة المسلمين الموجودين في تلك المناطق، حيث أن نسبة 78% منهم يتبعون الصوفية، فيما تسعى السلطات إلى تغييرها إلى الثقافة السعودية السلفية، وكذلك دحض أي وجود شيعي في تلك الدول.
وبالفعل، بدأت تدشن تحالفات سياسية وعسكرية مع موريتانيا والسنغال، ثم ليبيا وتشاد، وسافر رئيسا السنغال وموريتانيا إلى الرياض في أبريل/نيسان 2015، كما التزمت السنغال بإرسال مئات الجنود في عملية "عاصفة الحزم" بقيادة السعودية في اليمن.
حقيقة التحالف
من جانبه، قال سعد بن عمر، رئيس مركز "القرن العربي" للدراسات السياسية في الرياض، في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك" إن الأصح هنا الحديث عن "تنافس وليس صراع" على تحقيق النفوذ السياسي والمصالح في غرب أفريقيا.
ولكن بن عمر يرى أن الدولة الفرنسية "الأقوى" في الغرب الأفريقي، بدأ يظهر خلل في السياسة الخارجية بها، ما جعل هناك دول عديدة مثل السعودية وإيران، وهناك أيضا الصين، يتعاظم نفوذها في تلك المنطقة.
وتابع:
"التنافس الإيراني السعودي، ناجم عن أن طهران تبذل جهد كبير لتقوية ومد نفوذها الاقتصادي بشكل خاص إلى الغرب الأفريقي، بعدما خسرت الشرق الأفريقي، بفضل سياسات السعودية، التي أخرجتها من 4 دول تقريبا من الشرق الأفريقي".
وأشار إلى أن أبرز تلك الدول، التي أنهت السعودية أي نفوذ إيراني بها، هي: "السودان، وإرتريا، وجيبوتي"، كما سعت طهران لأن تمد نفوذها عن طريق محاولة نشر المذهب الشيعي في السنغال ونيجيريا، مضيفا "لذلك التنافس قائم".
وأوضح أن "التنافس في أفريقيا فردي، فلا يوجد أي تحالفات بين السعودية ومصر والإمارات، بل كل دولة تعمل فرادى لتحقيق مصالحها".
وأردف:
"التحالف بالمعنى الحقيقي لا يمكن أن يوجد إلا على الأرض، مثل ما يحدث في اليمن، قد يكون هناك تنسيق ما بين الدول الثلاث لكن لا يرتقي إلى صيغة التحالف الكامل".
واستطرد "النفوذ السعودي في أفريقيا ليس أمرا جديد، بل هو بادئ منذ عام 1973، وتمتع باحترام وبنفوذ اقتصادي إسلامي في الغرب الأفريقي، وكان الملك فيصل هو من بدأ بمد اليد إلى هذه المنطقة".
وتحدث عن أن هناك 3 دول لديها علاقات مميزة مع أفريقيا، وهي السعودية ومصر والجزائر، لكن يبقى الدور السعودي والمصري هو الدوران الرئيسيان في القارة الأفريقية، مضيفا "الإيرانيون هم الجدد على القارة لا السعوديين".