يمكن الجزم بشكل تام بأن قرار معركة الغوطة الشرقية هو قرار مشترك بين دمشق وحلفائها الاستراتيجيين طالما أنهم يتشاركون في العمليات العسكرية ضد التنظيمات المتطرفة منذ سنوات حسب حديث صقر، وأضاف قائلاً: "إن عمليةً بهذا الحجم والثقل السياسي والعسكري وبالبعدين الإقليمي والدولي كمعركة الغوطة ستكون حكماً متخذةً بقرار استراتيجي بين الحلفاء، كما حدث في معركة الأحياء الشرقية لمدينة حلب، إذ احتاجت الأخيرة لقرار مشترك بين الحلفاء، تكفّلت موسكو حينها بالسجال السياسي والاشتباك الإقليمي والدولي كما فعلت طهران أيضاً ذلك لتأمين القبول الدولي حتى لا يتم التشويش على العملية العسكرية، وتجنيبها قدر الإمكان أية أضرار سياسية".
وأكد: "هذا الأمر ربما ينسحب على الغوطة الشرقية نظراً لثقلها العسكري والجغرافي وأهميتها في قلب مسار الحرب على سوريا، وبالتالي تحتاج إلى تنسيق سياسي بالإضافة إلى القرار العسكري المتخذ فهي ستكون من أم المعارك في عام 2018 و واحدة من أقوى المكاسرات السياسية والعسكرية استناداً إلى الحجم الإقليمي والدولي الفاعل في الغوطة الشرقية، حيث كانت تركيا هي عامل الضغط الإقليمي في معركة شرق حلب ولكن سوريا وحلفاؤها سيواجهون السعودية في الغوطة الشرقية لأن جيش الإسلام هو من أهم الأذرع السعودية الموجودة في سوريا على مستوى التنظيمات التكفيرية المتطرفة، وهذا ما سيعطي المعركة صفةً سياسية قبل أن تحمل الصفة العسكرية".
ويرى صقر أنّ: "تركيا كانت تمتلك مقدرةً على التأثير في معركة أحياء حلب أكثر من مقدرة السعودية اليوم على التأثير في معركة الغوطة الشرقية سياسياً وليس ميدانياً، فالسعودية ليست في وضعها السابق، إذ إن الحرب على اليمن تضغط على حكام السعودية كما مسألة ترتيب البيت الداخلي وانتقال الحكم فضلاً عن الخلافات الكبيرة الأخيرة بين الأمراء وخلاف السعودية مع دولة الإمارات، فكل ذلك يؤثّر على قدرة السعودية في المناورة فيما يخص الغوطة الشرقية".
وستتضمن معركة الغوطة في مرحلة ما من مراحلها معركة تسوية ومفاوضات سياسية وهذا أمر طبيعي ولا بد أن يحصل كما حصل في أحياء حلب الشرقية ومناطق أخرى حسب حديث صقر، وأشار إلى أنّ "المعركة بالعموم صعبة من جانبها العسكري نظراً لأعداد المسلحين الكبيرة داخل الغوطة، فربما يوجد أكثر من خمسة وعشرين ألف مقاتل بين "جيش الإسلام" و"النصرة" و"أحرار الشام" و"فيلق الرحمن" إضافة لفصائل صغيرة تدور في فلك تلك التنظيمات الكبرى، إضافةً إلى وجود جغرافيا واسعة وبكل تأكيد لم تصل لمستوى أحياء شرق حلب لكنها بيئة قتالية شرسة مقبوضٌ عليها منذ سنوات من تلك التنظيمات التكفيرية"، مؤكداً أنّ "الجيش السوري استطاع وحلفاءه أن يحرزوا النصر في معارك مشابهة ولا تقل صعوبة عنها مثل دير الزور والشرق السوري وحلب وإدلب أخيراً".