وتابع الكاتب "وبما أن لبنان لا تربطه اتفاقيات ثنائية بحرية مع قبرص، لم يكن بمقدوره استبعاد الاتفاق الثنائي المبرم بين إسرائيل والحكومة القبرصية، إلا أنه سجل اعتراضه عليه. وقد سعى الموفد الأمريكي فريدريك هوف في العام 2012 لإيجاد مخرج لهذه الأزمة، فرسم خطاً يحمل اسمه منح بموجبه لبنان 60 في المئة من البلوك 9، و40 في المئة لإسرائيل. إلا أن الرئيس بري رفض خط هوف باعتبار أنه يتجاوز أحكام القانون الدولي، الذي يقضي بعدم امكانية فصل الحدود البحرية عن الحدود البرية، فيما الحدود الجغرافية اللبنانية ثابتة منذ عام 1923، وقد تكرّست خطوطها عام 1949، كما أن ترسيم الحدود البحرية للبنان موجود لدى الأمم المتحدة، ولا جدال في شرعيته. وبالتالي، فإن رأس الناقورة هو نقطة الارتكاز الوحيدة التي يتم على أساسها حسم النقاط البرية والبحرية، ولا شرعية لأي اتفاق يمنح إسرائيل 400 كيلومتر مربع من البلوك 9 بدون وجه حق".
وفي المقابل، تمكنت إسرائيل من استخراج الموارد النفطية والغازية، وأبرمت مذكرات تفاهم مع العديد من الدول العربية والغربية، لاسيما الأردن ومصر، اللتين وقعتا معها مذكرات بقيمة 50 مليار دولار أمريكي لشراء الغاز الطبيعي. في حين أن شركة نوفاك الروسية وتوتال الفرنسية وإيني الإيطالية المتعاقدة مع لبنان، لم تتمكن بعد من البدء بعمليات التنقيب في لبنان، حيث من المرجح أن تبدأ هذه العمليات مطلع العام المقبل، على أن يتم استخراج النفط بعد سنوات عديدة.
وفي المقابل، نجد بأن موقف روسيا كان إلى جانب حقوق لبنان بالبلوك 9، لاسيما أن الشركات الروسية نوفاك وسيوزنفط من الشركات الفائزة بامتيازات التنقيب عن النفط واستخراجه في المنطقة، ولأن المصالح الروسية تتجه للاعتماد على الشرق الأوسط في مجال تطوير واستخراج ونقل الغاز والنفط، في ظل استمرار العقوبات الاقتصادية، وفي ظل مساعي الدول الأوروبية للتضييق عليها من خلال خفض استيراد الغاز منها، والتوجه للاعتماد على الطاقة المتجددة، وعلى مزيد من الكفاءة في ترشيد الاستخدام. ولذلك، نجد تزايد أعداد القوى البحرية الروسية في المنطقة، وارتفاع منسوب التوتر بين أمريكا وروسيا نتيجة التنافس على تقاسم النفوذ في المنطقة.
واستطرد الكاتب "ومن أجل تأكيد شرعية حقوق لبنان في البلوك 9، وللحؤول دون أي قرصنة لهذه الحقوق، يجب على الدولة اللبنانية أن تتوجه فوراً إلى رفع دعوى لدى محكمة العدل الدولية، التي تعنى بتفسير أية مسألة من مسائل القانون الدولي، وبالتحقق من أية واقعة من الوقائع إذا كانت تشكل خرقاً لالتزام دولي، وتفسر المعاهدات الدولية وتحدد نوع التعويض المترتب على خرق الالتزامات الدولية ومقداره. فالولاية الجبرية لهذه المحكمة تصبح ملزمة لإسرائيل، إذا ما قدّم لبنان تصريحاً بأنه يقر لهذه المحكمة بولايتها الإلزامية في جميع المنازعات القانونية التي تنشأ بينها وبين دول أخرى، الأمر الذي يسمح للمحكمة بإصدار أحكام إلزامية في النزاعات الدولية حتى في ظل رفض إسرائيل المثول أمامها".
وختم الكاتب أنه في "الآونة الأخيرة تمّ لجم تركيا من الحؤول دون منع الحكومة القبرصية من الاستفادة من مواردها النفطية في المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لها، ومن ثم نشأ إعلان نيقوسيا عام 2015 وكرّس أسس التعاون بين الدول في مجال ترسيم الحدود البحرية ومواجهة التوترات الجيوسياسية".