يبدو أنه بفعل الانتصارات والإنجازات الفعلية التي يحققها الجيش السوري وحلفاؤه على الأرض تحقق الكثير من القوة في الموقف والتقدم لصالح الدولة السورية، وهذا ما شهدناه فيما يخص محيط العاصمة دمشق وتحرير ريفي حمص وحماه دون معارك تذكر من خلال المصالحات ودخول الدولة إلى هذه المناطق، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، لاحظنا الانسياب الٌإقليمي والدولي وحتى على صعيد وفد المعارضة المسلحة في أستانا لجهة المواقف المستجدة من قبلهم ولو بالتصريحات المبهمة.
يتضح أن فرنسا تسعى لأجل تحقيق تواجد لها على الأرض السورية ليكون بوابة تفاوض من خلال إنشاء قاعدة عسكرية لها في مدينة الطبقة في المنطقة الشمالية من سورية والتي تدور عليها حرب إقليمية دولية غير معلنة للسيطرة عليها وعلى موقعها الجيوسياسي وثرواتها الطبيعية الممتدة إلى كل الشمال السوري من كل أطرافه الغربية والشرقية والجنوبية والشالية.
في هذا السياق في تصريح لها قالت اليوم المتحدثة بإسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا:
"لفتنا الانتباه إلى صمت الإدارة الأمريكية حول وضع آلاف المسلحين الإرهابيين الأجانب، الذين تم اعتقالهم من قبل التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة و"قوات سوريا الديمقراطية" الكردية" وأشارت إلى أن فرضية استحالة تنسيق إجراءات التسليم مع دول المسلحين ومعايير المساعدة القانونية تبدو غير مقنعة على الإطلاق ، ولفتت زاخاروفا الانتباه إلى أن روسيا ترى مخاطر إحياء "خلافة داعش" في مناطق ما خلف الفرات في سوريا بالتواطؤ مع الولايات المتحدة.
وأضافت: "على خلفية إعلان الرئيس ترامب عن الإنسحاب الأمريكي من سوريا في القريب العاجل، بدأت مخاطر إحياء "خلافة داعش" تلوح في الأفق في مناطق ما خلف الفرات على النموذج العراقي، بعد الإنسحاب السريع للقوات الأمريكية في عام 2011، ما ساهم في إنشاء داعش".
من هنا لابد من الإجابة على عدد كبير من التساؤلات وأهمها:
الأهداف التركية والأمريكية معلنة وغير مخفية ، لكن ماهي أهداف الفرنسي من محاولة إنشاء قاعدة عسكرية في الشمال السوري ؟
هل هي أهداف إقتصادية مموهة أو محمية بتواجد عسكري يفضح تبادل الأدوار بين دول ما يسمى بالتحالف الدولي ؟
مصالح التركي والأمريكي والفرنسي هل يمكن أن تتلاقى على الأرض السورية ، وتحت أي مسوغات بما أنه يوجد هناك خلافات حادة ثنائية وثلاثية بين هذه الأطراف حول طريقة التعامل مع الوضع الناشىء في سورية ؟
كيف ستتعامل الدولة السورية مع هذه المستجدات ، وإلى أي حد يمكن أن يؤتمن أي طرف منهم بالإستناد على التوافقات مع الطرف الروسي والتي لم تتم أصلاً إلا مع التركي الذي خذلها مرات عديدة ؟
تصريحات الخارجية الروسية اليوم على لسان زخاروفا ، هل هي رسائل مبطنة للفرنسي أو لأي من الأطراف التي قد تأخذ مكان الأمريكي بعد إنسحابه من سورية وخاصة لناحية الحديث عن إعادة إنتاج "خلافة" تنظيم داعش الإرهابي ؟
بهذا الخصوص يقول الخبير في قضايا التوازن الإستراتيجي والإقتصاد العسكري اللواء الدكتور سهيل يونس
"الواقع السوري واقع معقد جداً ، يجب النظر إليه من خلال ثلاث مستويات ، المستوى الدولي والإقليمي والمحلي ، وأي صراع يجب أن يؤخذ بأبعاده الثلاثة التي ذكرناها حتى يمكن فهم تفاصيله وخاصة في المستوى المحلي والإقليمي ، والصراع سواء أكان دولي أو محلي فهو مترابط ببعضه البعض فأي حدث على المستوى الدولي سوف ينعكس على المستويين المحلي والإقليمي والعكس صحيح ، وحتى الآن في سورية لم تتبلور على المستوى الشعبي آفاق الصراع الحقيقة في المستوى الدولي وإنعكاساته على المستوى المحلي ، ولذلك نحن نخطىء في تقييم أدوار الأشخاص ، الصراع على المستوى الدولي بين محورين ، والعالم يشهد حالياً نهاية مرحلة القطب الواحد لأن الولايات المتحدة خسرت موقعها الدولي ، وهي تحاول بشتى الوسائل إعادة السيطرة على العالم بطرق وأساليب رخيصة وتافهة".
وأشار اللواء يونس إلى أن
وأردف اللواء يونس
"الإطار العام واضح ، أمريكا تحاول الحفاظ على مكانتها في العالم، وبالتالي إنحسار الدور الأمريكي في إطار الحلف الأطلسي وفي إطار العالم الغربي الرأسمالي هو إعادة تدوير الأدوار ، فالدور الفرنسي هو مهمة جديدة من القطب الدولي للحفاظ على مصالح القطب بالكامل ، ولايمكن النظر إليه في الإطار المستقل إطلاقا ولكنه في إطار السياسة الأمريكية في المنطة ،وفي حال النظر إليه في إطار الخصوصية العامة فهو له خصوصية محدودة، أما في الإطار العام فالدور الفرنسي هو دور جديد بعد خسارة الغرب لمواقعهم وإستراتيجيتهم في المنطقة ونلاحظ حاليا إنسحاب الدور الأمريكي لأنه هذا الأمر مدمر للحلف ومدمر لحلفاء الولايات المتحدة ، وبالتالي نشهد حالياً تغيير الأدور في إطار الإستراتيجية العامة الواحدة وهي محاولة الحفاظ على مصالح الغرب في المنطقة بطرق جديدة منها هذه الأساليب في الصراع كداعش والتفجيرات وغيرها ".
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم