نشرت صحيفة "الفايننشيال تايمز" البريطانية ما وصفته بـ"كواليس الصفقة السرية"، التي أدى فشلها إلى تداعيات خطيرة على الاقتصاد التركي.
وتابعت "سعى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بصورة شخصية على حل الخلافات مع تركيا، وتدخل من أجل تأمين الإفراج عن امرأة تركية محتجزة في إسرائيل، بتهمة غسل أموال إيرانية، حكم عليها بالسجن 32 شهرا، لتقضي باقي عقوبتها في تركيا حاليا".
ورفضت وزارة العدل الأمريكية التعليق على ذلك الأمر، الذي نقله مسؤول أمريكي مقرب من ترامب للصحيفة البريطانية، خلال إشارته إلى أن حملة الإفراج عن المرأة التركية، في إطار "صفقة تبادلية" لم تنفذها أنقرة.
ونقلت "الفايننشيال تايمز" عن مسؤولون أمريكيون قولهم: "كنا على أهبة الاستعداد لعودة برونسون، وبالفعل عاد جواز السفر للقس الأمريكي، وحصل هو وزوجته على تذاكر السفر ومغادرة تركيا".
وأضاف "لكن أردوغان في اللحظة الأخيرة والقس في المطار، أوقف الصفقة، وطالب الجانب الأمريكي بمزيد من التنازلات فيما يخص مسألة إعادة فتح الله غولن إلى أمريكا".
ويتهم أردوغان، غولن، الذي يترأس مؤسسة "خدمت" التي يتهمها الرئيس التركي بالتورط في الانقلاب الفاشل 2016، وإسقاط تحقيقات حول أحد البنوك التركية المتورطة في قضية غسل أموال مع إيران.
وقال مسؤول تركي بارز للصحيفة البريطانية: "مفاوضات آتيلا، المرأة التركية المحبوسة في إسرائيل كانت هامشية، فجوهر المفاوضات كان يتعلق بإسقاط الاتهامات والغرامات المفروضة على البنك التركي".
وتابع المصدر "اشترط أردوغان ضرورة أن تسقط أمريكا دون أي شروط مسبقة القضية برمتها قبل الإفراج عن القس الأمريكي".
وقالت صحيفة "الفايننشيال تايمز" إن المفاوضات السرية، وفقا لمعلومات ذكرتها 3 مصادر مختلفة مطلعة على المفاوضات، كان يتولاها من الجانب الأمريكي، ماثيو برايزا، الدبلوماسي الأمريكي السابق الذي يعيش في تركيا.
أما من الجانب التركي فكان يتولى المفاوضات إحسان أرسلان، السياسي التركي، الذي يوصف بأنه "كاتم أسرار" أردوغان، على حد قول الصحيفة.
وقالت الصحيفة "حاول المفاوض الأمريكي أن يدفع كاتم أسرار أردوغان لإقناعه بضرورة تليين لهجته قليلا تجاه أمريكا وتحديدا ضد ترامب".
وسعت الصحيفة للحصول على تعليق من أرسلان وبريزا، لكنهما رفضا التعليق أو نفي تلك التقارير.
وقالت المصادر:
أرسلان، رغم أنه كاتم أسرار أردوغان، إلا أنه كان ليس إلا واحدا من عدة قنوات ووسطاء خلفيين لتلك المفاوضات، التي كانت بعيدة عن القنوات الرسمية بين الحكومات.
وتابع "لكن التعنت التركي وجه أيضا بتعنت أمريكي، حيث أصر ترامب على ضرورة إطلاق سراح برونسون أولا قبل حل الأزمة".
وقال مسؤولون أمريكيون إن "العديد داخل الإدارة الأمريكية، باتوا يشعرون بالقلق من تسليط الضوء على برونسون فقط، وإمكانية عرقلته مستقبل المعتقلين الأمريكيين الآخرين في السجون التركية، ببساطة لأنهم ليسوا مسيحيين أنجيليين، ولن يستفيد منهم ترامب انتخابيا".
وصارت قضية برانسون، القس المنحدر من ولاية نورث كارولاينا، والذي عاش في تركيا 20 عاما، أحد أبرز نقاط الخلاف بين واشنطن وأنقرة، وكانت سببا في تفاقم أزمة الليرة.
وفقدت العملة التركية نحو 40% من قيمتها منذ بداية العام، بعدما ضاعف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الجمعة الماضي، الرسوم الجمركية على واردات الألمنيوم والصلب التركية، بعد أيام من فرض واشنطن عقوبات على وزيري العدل والداخلية التركيين، متذرعة بعدم الإفراج عن القس الأمريكي أندرو برانسون الذي يحاكم في تركيا بتهمة تتعلق بالإرهاب.
وردا على هذه الخطوة، دعا الرئيس التركي مواطني بلاده إلى دعم الليرة، واصفا العقوبات بأنها حرب اقتصادية، وهدد بالتخلي عن الدولار الأمريكي في التجارة مع دول أخرى.