نواكشوط — سبوتنيك. كانت المرأة الموريتانية قد قطعت أشواطاً متقدمة في مجال المشاركة السياسية، حيث انتقلت نسبة النساء في البرلمان من 2% عام 2005 إلى 19% عام 2015، كما وصلت المرأة الموريتانية الى اعلى المناصب السياسية حيث أنهن لم تغبن عن التشكيلة الوزارية منذ 18 سنة، ووصلت نسبتهن في بعض الحكومات الى الثلث، وحملت اثنتين منهن حقيبة وزارة الخارجية.
وقد استطاعت المرأة الموريتانية أن تشغل جميع مراكز صنع القرار حيث شغلت منصب سفير ومحافظ وأمين عام وزارة ورئيس حزب ورئيس محكمة، علاوة على ترشحها لمنصب رئيس الجمهورية وولوجها بقوة قطاع الشرطة والجيش.
وتوجد حاليا ضمن تشكيلة السلك الديبلوماسي سفيرتان) فرنسا ايطاليا (وفي وزارة الداخلية محافظتان، وفي القضاء رئيستا محكمتين، وهناك 7 رئيسات أحزاب من بين 98 حزبا سياسيا في البلاد.
ويرى الخبراء أن نجاحات المرأة على المستوى السياسي ووصولها لدوائر صنع القرار انعكس إيجابا على المكانة الاقتصادية والاجتماعية للمرأة وساعد على تحرير طاقاتها وتحقيق المساواة والاستقلال الذاتي للمرأة في تنفيذ السياسات والاستراتيجيات.
إلا أن تمثيل النساء في اللوائح الانتخابية الحالية اثار حفيظة الكثير من المدافعين عن حقوق المرأة والمنظمات النسائية حيث لم تترأس النساء سوى 50 لائحة من أصل 1590 لائحة انتخابية تتنافس على 219 مجلسا بلديا.
وفي الوقت الذي كان الجميع ينتظر ان تتحسن المشاركة السياسية للنساء بهدف رفع حضورهن كما ونوعا في مواقع القرار، جاءت تشكيلة اللوائح الانتخابية التي قدمتها الأحزاب التي ستخوض معركة الانتخابات البلدية والتشريعية ومجالس الولايات، ظالمة للمرأة حيث سجلت ضعفا على مستوى تمثيل النساء في هذه اللوائح.
وقالت خديجة بنت سيد أحمد الناه، وهي ناشطة سياسية في تصريح خاص لوكالة "سبوتنيك"، إن "تمثيل النساء كان ضعيفا جدا رغم ما حققته المرأة سياسيا ورغم أنها أصبحت تمثل نسبة (52%) من الناخبين"، وأضافت "الأحزاب لم تحترم نصوصها الداخلية وما سبق ان اتفقت عليه وخضعت لضغوط القوى القبلية والعشائرية التي تقدم المرشحين على المرشحات وتدعى ان اختيار النساء سيؤثر على فرص الحزب في النجاح بالانتخابات".
وأوضحت بنت سيد حمد الناه أن بعض الأحزاب ترى ان ترشيح النساء في اللوائح الوطنية التي تعرف منافسة شديدة، لا يخدم فرصها الانتخابية وسيؤثر حتما على فرص نجاحها باعتبار ان الناخبين لايزالون يفضلون انتخاب الرجال وتصدرهم للوائح الانتخابية.
واتهمت فعاليات نسائية الأحزاب بالالتفاف على القانون النظامي المتعلق بترقية المرأة في الترشح الانتخابي، ودعت الى محاربة العقليات والصور النمطية التي يرسمها المجتمع للمرأة والتي تمنع مشاركة واسعة للنساء في الحياة السياسية.
وقال الباحث السياسي محمد محمود ولد سيدي، في تصريح لوكالة "سبوتنيك"، إن "إشكالية التمثيل السياسي للنساء تطرح عادة في المناسبات الانتخابية مما يولد نوعا من الارتجال بسبب قصر المدة الزمنية الضرورية لرفع تمثيلية النساء في الترشيحات الانتخابية في اللوائح الوطنية التي يتنافسن فيها مع الرجال".
وأشار الى ان النساء يشكلن خزانا انتخابيا كبيرا ومحركا للعملية الانتخابية بفضل نشاطهن ومشاركتهن الواسعة كداعمات ومنتخبات، لذلك فهن يطمح لأكثر ما يمنح لهن قانون "الكوتا" النسوية.
وقال ان "الإرادة السياسية للأحزاب الموريتانية باشراك النساء في العملية الانتخابية تبقى مرهونة بعدة عوامل اجتماعية وثقافية وسياسية" ودعا النساء الى المنافسة في اللوائح الوطنية بالاعتماد على القدرة والكفاءة، ومواجهة رفض بعض الأحزاب مشاركة المرأة في المناصب القيادة الحزبية بالاصرار والعزيمة على تحقيق نتائج افضل.
وتستعد موريتانيا لإجراء انتخابات تشريعية وبلدية السبت القادم، هي الأولى منذ اعتماد نظام المجالس الجهوية وتعديل الدستور الذي ألغى مجلس الشيوخ، كما انها الأولى بعد عودة المعارضة الى المشاركة الانتخابية بعد سنوات من المقاطعة وعدم الاعتراف بنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز بسبب الانقلاب الذي قام به عام 2008 وسيطرته منذ ذلك الوقت على مقاليد الحكم في البلاد.
ويشارك في الانتخابات 98 حزبا سياسيا، ثمانون منها يشكلون أحزاب الموالاة، وتتميز هذه الاستحقاقات بمشاركة 1590 لائحة انتخابية تتنافس على 219 مجلسا بلديا و161 لائحة تتنافس على 13 مجلسا اقليميا وأكثر من خمسة آلاف مرشح يتنافسون على 157 مقعدا برلمانيا.