واحدة من أبرز المناصرات للمرأة حول العالم، صاحبة قضية استثنائية ومحورية في زماننا المعاصر، إنها تشيماماندا نغوزي أديتشي (1977م)، الروائية النيجيرية التي تعد من أبرز الأسماء الأفريقية الشابة التي استطاعت أن تحقق نجاحا باهرا في الكتابة باللغة الإنجليزية.
فازت تشيماماندا بالعديد من الجوائز والمنح المرموقة، كما لاقت مؤلفاتها استحسانا واسعا لدى النقاد والأدباء العالميين، فضلا عن أنها واحدة من الأصوات الأدبية الأفريقية ذائعة الصيت، إذ تُرجمت أعمالها إلى ثلاثين لغة عالمية حتى الآن.
حازت الروائية النيجيرية تشيماماندا نجوزي أديتشي على جائزة PEN Pinter للعام 2018، وهي من الكاتبات المناصرات للحركة النسوية في نيجيريا، ولها محاضرة شهيرة في ذلك عام 2013 بعنوان "يجب علينا جميعًا أن نصبح نسويين" (We Should All Be Feminists). pic.twitter.com/2jd6NViyzk
— فراس حج محمد (@feras_omar) June 16, 2018
"علينا جميعا أن نصبح نسويين"
رصيد أديتشي من الأعمال الأدبية، يضم ثلاث روايات ومجموعة قصصية واحدة، فهي ليست كاتبة سرد فحسب، بل متحدثة بارزة في العديد من المؤتمرات والمحاضرات العالمية التي تُعنى بقضايا المرأة.
إذ صدر لها مؤخرا باللغة العربية عن دار "روايات" التابعة لـ"مجموعة كلمات" كتابا تحت عنوان "علينا جميعا أن نصبح نسويين" عرضت فيه خطابها الاستثنائي الذي ألقته على ضيوف أحد مؤتمرات "تيد إكس" الشهيرة في العام 2013، وكان محور الحديث خلاله (إفريقيا وقضاياها).
تتناول أديتشي في خطابها القضية النسوية، وتتطرق إلى العوائق التي تحول بين المرأة وبين حقوقها ومطالبها حول العالم، إذ نجحت من خلال لغة بسيطة وقوية أن تستعرض أبرز القضايا التي تواجهها المرأة من أفريقيا ومختلف ثقافات العالم.
تدور فكرة الخطاب حول صديق طفولة يدعى "أوكولوما" الذي وصفته بخفّة الظل والذكاء، دائم الابتسامة، والذي كان ينتعل أحذية رعاة البقر ذات الأطراف المدببة، وهنا تبدأ رحلتها مع علاقة الصداقة التي جمعتها مع الصبي اللّماح، وبين نظرته لها ووصفه اياها بالـ"نسويّة" بعد أن اكتشف هذا الأمر من خلال نقاش دار بينهما عندما كانت في الرابعة عشرة من عمرها، لتتناول في الخطاب رحيله في حادثة سقوط طائرة في جنوب إفريقيا عام 2005.
"النسوية الأفريقية السعيدة"
تصف أديتشي تلك اللحظة بأنها فتحت أمامها آفاقا جديدة، فوصف صديقها أوكولوما لها بالنسوية أيقظ ذهنها على قضايا المرأة سيما وأنها في القارة الإفريقية عانت من ظروف صعبة حيث كانت تعنّف من قبل الرجل وليس لها مكان فاعل في المجتمع، فتشكّلت لديها الرؤية بأن تكون ذات صوت يدافع عن من لا صوت لها، وتخوض في الأحداث الثقافية والمعرفية العالمية دورا استثنائيا في الدفاع المرأة.
تحكي أديتشي في خطابها، تطور علاقاتها مع الحركة النسوية بعد وصف أوكولوما لها، فتقول: "بعد بضع سنوات، كتبت رواية عن رجل يضرب زوجته لكن قصته لا تنتهي بشكل سعيد. وبينما كنت أروج للرواية في نيجيريا، أخبرني صحفي، رجل حسن النية أنه يريد نصحي. أخبرني أن الناس يصفون روايتي بالنسوية وكانت نصيحته لي.. أنه لا ينبغي أن أصف نفسي بالنسوية لأن الناشطات النسويات هن نساء غير سعيدات لأنه لا يمكنهن العثور على أزواج. لذا قررت أن أدعو نفسي "بالنسوية السعيدة.".
تضيف: "ثم أخبرتني امرأة أكاديمية نيجيرية أن الحركة بالنسوية ليست من ثقافتنا، أنها شيء "غير أفريقي".
لذا قررت أن أسمي نفسي "بالنسوية الأفريقية السعيدة"، وعند نقطة ما كنت تلك النسوية الأفريقية السعيدة غير الكارهة للرجال والمحبة لملمع الشفاه والتي ترتدي الكعب العالي لنفسها وليس للرجال.
عزيزتي هاجر.. مانيفستو النسوية للمبتدئين
تواصل أديتشي اشتغالها على قضايا المرأة وحقوقها، فإلى جانب خطابها الشهير، تعرض أفكارها في كتاب صدر مؤخرا بالعربية أيضا عن "روايات" تحت عنوان "عزيزتي هاجر أو مانفيستو نسويّ" خمسة عشر مقترحا في رسالة كتبتها ردا على رسالة لواحدة من صديقات طفولتها، طلبت منها أن تعلمها كيفية تربية ابنتها لتصبح نسوية، والذي وصف لاحقا بأنه دليل النسوية للمبتدئين.
إذ تكشف أديتشي عن نصائح مدعمة بمعلومات حول الطرق السليمة التي تمكن الابنة من النمو قوية وذات قدرة على الاستقلالية بقرارها وشخصيتها.
كتب تشيماماندا نغوزي أديتشي الآن متوفرة باللغة العربية لأول مرة عن طريق (روايات للنشر) ومتوفرة في #معرض_الشارقه_الدولي_للكتاب pic.twitter.com/4pcStio3t2
— Bodour Al Qasimi (@Bodour) November 7, 2018
أديتشي فتحت من خلال كتابها الصغير نقاشات محببة عن الملابس والمكياج والنسويّة، حيث عملت على فضح خرافة أن المرأة لا مكان لها سوى البيت، وأن الرجل يمتلك زمام الأمور كلها، فالكتاب استطاع أن يتعمق في أسس العلاقات التي وصفتها المؤلفة بأنها غير عادلة في القرن الحادي والعشرين سواء كانت حول القضايا الاجتماعية والسياسية أو غيرها من الروابط التي تجمع المرأة والرجل.
تطرقت أديتشي خلال النصائح إلى تدعيم ثقة الفتاة بنفسها من خلال الإيمان بذاتها باعتبارها شخصا كاملا وقدمت نماذج ريادية من النساء الصحفيات والمبدعات وغيرهن ممن خضن غمار الحياة بصعوبة، كما تطرقت في النصائح إلى أسس المساواة بين الرجل والمرأة، وحذرت من مفاهيم كالنسوية "المخففة" التي تعتبرها فكرة مشروطة للمساواة بين الجنسين أي الدعوة بأن تكون المرأة إما مؤمنة بالنسوية أو لا.
وكشفت أديتشي في النصائح أهمية التعليم والثقافة للمرأة، وضرورة القراءة والتعلّم من كل ما تمر به المرأة خلال الحياة اليومية والعملية، إلى جانب الدعوة إلى الاستقلالية في كل ما تقوم به المرأة، إضافة إلى ضرورة فرض حضورها وهويتها أمام الجميع.