وبدأت هذه المتغيرات بإعلان التركي تأجيل عمليته العسكرية في المنطقة ولم تنته في دخول الجيش العربي السوري مع مركز التنسيق الروسي إلى بلدة العريمة غرب منبج في الوقت الذي فيه كانت حشود كبيرة تابعة للفصائل المسلحة قد اتجهت نحو الحدود الإدارية لمدينة منبج استعداداً لإنسحاب القوات الأمريكية.
الحديث هنا يطول عن تسارع الأحداث والمواقف وطرق وأساليب التعاطي معها من قبل جميع الأطراف، زد على ذلك بات الطريق إلى دير الزور والميادين مسرحاً لمستجدات طارئة، فإلى الشرق، حيث مدينة البوكمال السورية الحدودية مع العراق، تكتمل صورة الحشود العسكرية التي يمضي الجيش السوري إلى إستكمالها مدعومة بقوارب عسكرية روسية، وفي ظل هذه المعمعة يتدخل الإسرائيلي بإعتداء جديد على دمشق.
— هل يأتي فعلا هذا الاعتداء خانة التشويش على الجيش الذي يستعد لدخول شرق الفرات أم أن أهدافاً أخرى وراءه؟.
— في أية خانة يمكن أن يأتي العدوان الإسرائيلي الجديد على سوريا؟
— هل تم خلط الحابل بالنابل كما يقال جراء انسحاب الأمريكي المفاجىء أم أن ما يجري هو بداية النهاية لتعقيدات كانت قد تشكلت في تلك المناطق، وأين تكمن عقدة الحل حالياً؟
— إلى أي حد يعطي وصول الجيش السوري وحليفه الروسي إلى هذه المناطق الدولة السورية القدرة على الإمساك بزمام الأمور ومنعها من التدهور نحو الأسوأ؟
— هل يتطلب من الدولة السورية اتباع استراتيجية جديدة لتجاوز أي فخ أرادت الولايات المتحدة رميها فيه، وماهي مرتكزات هذه الاستراتيجية المطلوبة في الظروف الحالية؟
— هل يمكن أن نقول أن قوات سوريا الديمقراطية بعدما تخلى عنها الجميع باتت أمام أمر واقع لامخرج منه نحو العودة إلى تحت سيادة الدولة الوطنية السورية، وإلى أي حد ضعف موقفهم لجهة الانفصال؟
— بالمجمل هذه التطورات الحاصلة إلى أي حد يمكنها أن تقرب من انطلاقة عملية التسوية في سوريا إذا ما تجاوزنا موضوع إدلب على الأقل في الوقت الراهن؟
حول العدوان الإسرائيلي الجديد على سوريا يقول المحلل السياسي وأستاذ الاقتصاد والعلاقات الدولية في جامعة طرطوس الدكتور ذو الفقار عبود:
"في الحقيقة العدوان الصهيوني على سوريا يوم أمس هو عدوان فاشل ميدانياً وعسكرياً وفي التحليل السياسي هو محاولة صهيونية فاشلة للمشاغلة والتشويش على الإستعدادات الجارية التي يقوم بها الجيش العربي السوري والحلفاء والقوى الرديفة لإعادة الإنتشار في مناطق منبج وشرق الفرات إستعداداً لإنسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وطبعاً هذا الإنسحاب يأتي في غير مصلحة الكيان الصهيوني وفي غير ما يشتهي، ما أزعج قادتهم وأرعبهم."
وتابع بقوله: "عودة مناطق منبج وشرق الفرات إلى سلطة الحكومة السورية بهذه الصورة يعني إزدياد قوة الدولة السورية وقدرتها على ردع ولجم أي عدوان صهيوني قادم، لاسيما أن الإعتداء الأخير فشل في تحقيق أهدافه، وتم التصدي لهذا العدوان ببسالة، حتى أن الصواريخ السورية وصلت إلى عمق الأراضي المحتلة في فلسطينين، وهذا بإعتراف المتحدث بإسم جيش الإحتلال الصهيوني أفيخاي أذرعي، إذا هذا العدوان لا قيمة له ولا أهمية له وفشل في تحقيق أي هدف من الأهداف التي أراد تحقيقها، هذا العدوان محاولة فاشلة من الكيان الصهيوني لأجل قلب الهزيمة إلى إنتصار ولو كان إنتصاراً معنوياً أو سياسياً، يريد وزراء الكيان الصهيوني التخلص من الأزمات والقضايا التي يواجهها وخاصة ملفات الفساد التي تلاحقه هو وحزبه وأعضاء حكومته ".
أما بما يخص قرار الأمريكي بالإنسحاب من سوريا وارتداداته على الوضع العام والبلابل التي طرأت يقول الدكتور عبوود:
"قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسحب قواته العاملة في سوريا سوف يعجل من حل الوضع العالق في شمال وشمال شرق سوريا لجهة دخول قوات الجيش العربي السوري إلى هذه المناطق وتحريرها والقضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي والذي لم تتمكن القوات الأميركية ولا ما تسمى قوات سوريا الديمقراطية من هزيمته، كما صرح الأصدقاء الروس أن الإنسحاب الأميركي سوف يمثل بداية الإنفراج في حل سياسي ويعجل من تشكيل اللجنة الدستورية التي ستشكل برعاية أممية."
بالنسبة للمتغيرات الناشئة ومكمن عقدة الحل القائمة في تلك المنطقة يقول الدكتور عبود: "عقدة الحل تكمن في الفصائل الكردية الإنفصالية التي تبدل ولاءاتها على قاعدة الحلم الإنفصالي وتشكيل دويلة غير مقبولة لا سورياً ولا إقليمياً، فهي تارة تحتمي بالإحتلال الأمريكي وتارة تطلب التدخل الفرنسي، ولا تتعلم من تجارب التاريخ والجغرافية والسياسة وتترك نفسها لتكون أداة وورقة ضغط سياسية في أيدي الدول المتربصة بالوطن السوري مع أن المصلحة الحقيقية للفصائل الكردية هي في التنسيق مع الحكومة السورية والجيش العربي السوري".
فيما يخص ضرورة إتباع الدولة السورية إستراتيجية جديدة تتجاوز فيها أي فخ أرادت الولايات المتحدة رميها فيه، والمرتكزات اللازمة لهذه الإستراتيجية المطلوبة في الظروف الحالية يرى الدكتور عبود:
"القيادة السورية كانت دائما تتبع إستراتيجيات إستباقية من أجل منع الإستراتيجيات الأمريكية من تحقيق أهدافها، وكان واضحاً منذ البداية أن الذرائع التي قدمتها الإدارة الأمريكية لتبرير إنسحابها من سوريا هي ذرائع واهية، من قبيل تمكن القوات الأمريكية من هزيمة تنظيم "داعش" الإرهابي حيث في الواقع لايزال هذا التنظيم موجود في المنطقة ويقاتل ما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية.
في الواقع قد تكون هناك سيناريوهات أمريكية يراد منها خلط الأوراق وإيجاد أفخاخ للدولة السورية فيما يتعلق بمستقبل بالمنطقة التي سينسحب منها الأمريكيون، فقد يكون هناك مثلاً فخاً أو خطة سرية أمريكية تركية لتحل القوات التركية محل القوات الأمريكية وخاصة أن تركيا تتحدث دائما عن إتفاقية لوزان لعام 1923 وأنها تسعى لإستعادة المناطق التي تنازلت عنها في هذه الإتفاقية وضرب المناطق التي يتواجد فيها الفصائل الكردية مثل منبج وعفرين، ولكن هذا السيناريو تم إجهاضه من قبل الحكومة السورية والقيادة السورية من خلال إنتشار الجيش العربي السوري بمحيط منبج والتحضير لعملية في شرق الفرات.
وقد يكون هناك سيناريو أو فخ آخر لإرسال مرتزقة عرب إلى هذه المنطقة لتحل محل القوات الأمريكية المنسحبة وتقديم الدعم المالي والعسكري لما يسمى بقوات سورية الديمقراطية، وأعتقد ن هذاذذهذا السيناريو لن ينجح لأنه سيحارب من كل دول المنطقة أنه سيفشل لأنه سيكون محارباً من قبل كل دول الإقليم.
أما السيناريو الثالث أو الفخ الثالث فإنه قد تكون الولايات المتحدة الأمريكية تحضر له وهو الإعتداء على إيران، وطبعا الدولة السورية وضعت إستراتيجية متكاملة مع الحلفاء لمواجهة أي تحديات قادمة ".
التفاصيل في التسجيل الصوتي المرفق.
إعداد وتقديم نواف إبراهيم