حيث جاء كسر الحصار نتيجة لعملية أطلق عليها اسم "إيسكرا" التي شنها الجيش الأحمر في لينينغراد وفولخوف التي التقت جنوبي بحيرة لادوغا لربط المدينة من جديد بباقي أراضي البلاد برا.
ولأول مرة في تاريخ الحروب، تم في لينيغراد فك حصار مدينة ضخمة باستخدام القوات من داخل وخارج المدينة في وقت واحد. حيث استخدم الجيش السوفيتي خلال ذلك 300 ألف عسكري وحوالي خمسة آلاف مدفع وأكثر من 600 دبابة و800 طائرة حربية.
وخسرت القوات السوفيتية خلال هذه العملية حوالي 34 ألف قتيل، لكنها بفضل هذه التضحيات حرمت العدو المبادرة الاستراتيجية على الجبهة الشمالية الغربية.
القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة الروسية قال في كلمة ألقاها بهذه المناسبة، إنه من واجب الجيل الحالي الحفاظ على حقيقة الأحداث التي عاشتها المدينة أثناء حصارها من قبل النازيين، وإنه من واجب الشعب الروسي أن ينقل لأبناء أحفاد المنتصرين الحقيقة البطولية كاملة عن حصار لينينغراد، وشعور الإعجاب بشرف وكرامة سكانها، وألمنا لسقوط مئات آلاف الضحايا.
وبهذه المناسبة نشرت وزارة الدفاع الروسية، مواداً وثائقية رفع عنها مؤخراً صفة السرية. وتشمل هذه المواد المنشورة وثائق مختلفة تروي قصة الجهود التي بذلتها قيادة الجيش الأحمر لفك الحصار عن العاصمة الشمالية للاتحاد السوفيتي. ومنها قائمة من مهمات استطلاعية وغيرها، نفذتها غواصتان صغيرتان نقلهما الأسطول الحربي الروسي من بحر البلطيق إلى بحيرة لادوغا شرقي لينينغراد.
اقرأ أيضا — ألمانيا تخصص 12 مليون يورو كتعويض عن حصار لينينغراد في الحرب العالمية الثانية
كما تكشف الملفات الملغاة سريتها أوامر صادرة عن قيادة جبهة لينينغراد لتنظيم فتح طريق الحياة عبر البحيرة نفسها التي ظلت طوال فترة الحصار ممرا وحيدا يربط المدينة المحاصرة بسائر الأراضي السوفيتية وتم عبره إمداد لينينغراد بالمواد الغذائية والأسلحة والوقود.
وخلّف الحصار أعدادا هائلة من الضحايا، تقدر بما يتراوح بين 600 ألف ومليون ونصف المليون شخص، مات 97% منهم جوعاً وبرداً.
الهند تترنح بين موسكو وواشنطن وبروكسل
يعتبر الخبراء العسكريون أن الهند تفضل حقاً أن تكون صديقة للروس والأمريكيين والأوروبيين، دون إقامة علاقات حصرية مع أي جهة. مع تأكيدها الالتزام بسياسة عدم الانحياز، بمعنى أنها تريد اتخاذ قراراتها دائماً بنفسها، وليس من منطلق التضامن مع أي مجموعة.
فيما يتعلق التعاون العسكري مع البلدان الأخرى وخاصة روسيا، يهم القيادة في الهند أن تكون هناك علاقات ثنائية خاصة تستند إلى الصداقة والثقة. في بعض الأحيان يكون هناك توتر. الهند، توسع قائمة شركائها في التعاون العسكري التقني، وشراء المنتجات، من إسرائيل والولايات المتحدة والدول الأوروبية.
والقيادة العسكرية في دلهي تقوم بذلك فعلا. فقد تم الإعلان عن بعض قرارات الشراء من الولايات المتحدة، وبعضها الآخر يناقش. أستطيع القول على وجه اليقين إن حكومة نارندرا مودي تدرك جيدا سيكولوجية القيادة الأمريكية الحالية. يحدد موقفها منك كم تشتري منها. كل سياسي أمريكي يسأل نفسه: ماذا فعلت الهند لي ولناخبيّ؟ وربما ينبغي على دلهي أن تتساءل في بعض الأحيان: ماذا فعلت واشنطن من أجلها؟
على الرغم من مطرقة العقوبات الأمريكية حسمت دلهي قرارها بعقد الصفقات ذات الصلة مع موسكو؛ بما فيها الصفقة التي تقدر بحوالي 5.43 مليار دولار، وهي إشارة واضحة متعددة الدلالات منها: عمق العلاقات الاستراتيجية بين روسيا والهند؛ وقدرة الهند على تحدي الضغوط الأمريكية ومقايضة هذه الضغوط في مرحلة تالية؛ علاوة على جدية نيودلهي في ردود فعلها الرافضة للضغوط الأمريكية عليها؛ حيث صرحت القيادات السياسية والعسكرية الهندية أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة بأنها لن تسمح لدولة ثالثة، وتقصد هنا الولايات المتحدة، بالتدخل في علاقاتها مع موسكو، وهي علامة واضحة إلى أنه عندما تتعلق المسألة بالأمن القومي الهندي فالهند مصممة على اتخاذ القرار بما يخدم مصلحتها القومية.
ولا يختلف الأمر كثيراً في روسيا الاتحادية، التي تعلق بدورها أهمية بالغة على علاقاتها مع نيودلهي والسوق الهندية الضخمة، التي تعتمد عليها في إنعاش الاقتصاد الروسي بالمليارات من العملة الأجنبية؛ علاوة على خلق فرص العمل، التي تعتمد بشكل أساسي على الصفقات العسكرية مع دولة كبرى في مشترياتها من الأسلحة والعتاد العسكري مثل الهند.
الأقمار الاصطناعية العسكرية الأمريكية تحت مجهر الأسلحة الروسية
أطلقت مركبة ديلتا 4 الأمريكية الثقيلة قمراً استكشافياً أخر في المدار القطبي الإهليلجي. وبحسب تقدير الخبراء العسكريين فإن الحديث يدور عن مركبة فضائية سرية يطلق عليها اسم "كي هول" وتعني ثقب الباب والمزودة بمعدات الكترونية بصرية تبلغ قيمتها حوالي 2 مليار دولار وهي مخصصة لمسح وتصوير سطح الأرض والبث مباشرة بما في ذلك الأراضي الروسية لصالح وزارة الدفاع الأمريكية.
حتى الآن من غير المعروف ما إذا كان هذا القمر الاصطناعي جزءاً من المنظومة الأمريكية الدفاعية المضادة للصواريخ، والتي تم الحديث عنها في الاستراتيجية الأمريكية الجديدة. لكن وفقاً لمصادر عسكرية هناك حالياً أربعة أقمار اصطناعية من طراز كي اتش-11 في المجموعة المدارية الأمريكية، ومن الواضح أن هذه الأقمار يرافقها وحدات تابعة للقوات الجوية الفضائية الروسية. ومن غير المستبعد أنه في حال وجود خطر عسكري على البلاد سيتم تدميرها من قبل الصواريخ المضادة للأقمار الاصطناعية التي بدأت مهمتها القتالية في نهاية العام الماضي.
ليست هناك معلومات مفصلة حول هذا المشروع، إلا أن وزارة الدفاع الأمريكية كانت قد أكدت أنه في إطار المشروع يتم تطوير منظومة تعمل على مرحلتين مضادة للصواريخ بعيدة المدى. وهذا النوع من الصواريخ يمكن أن يصبح جزءاً من النظام الدفاع الصاروخي الجديد أ-235، الذي يتم تصميمه في روسيا بالإضافة إلى المنظومة أ-135 المنتشرة منذ القرن الماضي حول موسكو.
لكن ما يميز المنظومة الجديدة هو أن صواريخ نودول المتنقلة يمكن أن تتمركز في أي مكان على الأراضي الروسية لتغطية المناطق الاستراتيجية المهمة للبلاد. ومن الواضح أن اختبار هذه الصواريخ سوف يجري ليس في ميدان بليسيتسك الواقع في منطقة أرخانغيلسك، وإنما في القواعد العسكرية والمنصات الفضائية الأخرى.
الأوساط العسكرية المطلعة تؤكد بأن ما تم نشره من معلومات عن المنظومة الروسية تزامن مع توقيع استراتيجية تطوير نظام الدفاع الصاروخي الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخراً، والتي تعتبر ذريعة للخطوات الجديدة التي اتخذتها الولايات المتحدة من أجل تعزيز دفاعها الصاروخي.
الحجة أن البنتاغون ليس لديه الآن سلاح يدافع عنه ضد الصواريخ الروسية المضادة للأقمار الاصطناعية. وبحسب وزارة الدفاع الروسية فإن هذه الاستراتيجية الجديدة تعطي الضوء الأخضر لإمكانية نشر أنظمة دفاع صاروخية في الفضاء مصممة لتدمير أنواع مختلفة من الصواريخ في مرحلة الإطلاق. وهذا ما لا ينكره البنتاغون والخبراء العسكريون الأمريكيون.
الفضاء الخارجي بات منطقة للعمليات العسكرية مثله مثل العمليات التي تجري على الأرض وفي الجو وفي البحر ضمن استراتيجية الولايات المتحدة الفضائية الوطنية. والولايات المتحدة تخطط لنشر عناصر وأجهزة استشعار خاصة بمنظومة الدفاع الصاروخي في الفضاء من أجل الكشف ومراقبة التهديدات الناجمة عن المركبات فرط صوتية وغيرها من الأهداف المعقدة الأخرى، وكذلك من أجل اعتراض الصواريخ في مرحلة الإطلاق أو التحليق.
الأمريكيون تأخروا بمسألة وضع الخطط التي ترمي لتعزيز منظومة الدفاع الصاروخي لبلادهم وكذلك إنشاء قيادة قوات فضائية، في إشارة إلى أن الأمريكيين سيتورطون في جولة جديدة من سباق التسلح مع إدراكهم بأنهم أصبحوا تحت مجهر الأسلحة الروسية المضادة للصواريخ وغيرها من الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية.
ربما تتمكن وكالة داربا من تصميم أسلحة جديدة، لكن التفوق العسكري الكبير في عالمنا المعاصر هو ضرب من الجنون، وقد أثبت ذلك برنامج حرب النجوم الذي وضعه الرئيس ريغان. وبالتالي ينبغي الجلوس إلى طاولة المفاوضات والاتفاق حول مسألة الحد من التسلح، على الرغم من أن جميع الأطراف تدرك بأن الولايات المتحدة مستعدة لسيناريو مخالف.
إعداد وتقديم: نوفل كلثوم