وتجمعت الحشود في العاصمة الخرطوم ومحيطها في أول احتجاجات منذ أن أنشأ البشير محاكم خاصة هذا الأسبوع بموجب حالة الطوارئ التي أعلنت لمواجهة موجة لم يسبق لها مثيل من الاحتجاجات التي تهدد حكمه المستمر منذ ثلاثة عقود.
وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع على نحو 400 محتج في السوق الكبير في أم درمان المدينة التي تقع في مواجهة الخرطوم على الضفة الأخرى من النيل. وهتف المحتجون ضد البشير قائلين "يسقط بس".
وقال شهود إن الشرطة تصدت أيضا لمئات آخرين من المتظاهرين بقنابل الغاز المسيل للدموع في حي ود نوباوي في أم درمان.
ويخرج المحتجون يوميا تقريبا منذ أن بدأت موجة الاحتجاجات يوم 19 ديسمبر/ كانون الأول بسبب ارتفاع أسعار الخبز، والتي تحولت إلى أكبر تحد يواجهه البشير.
وإضافة إلى الغاز المسيل للدموع استخدمت قوات الأمن أحيانا الذخيرة الحية. وتفيد الإحصاءات الرسمية بأن 33 شخصا على الأقل قتلوا بينهم ثلاثة من أفراد الأمن. ويعتقد المحتجون أن العدد الحقيقي للقتلى أكبر بكثير.
كان البشير، الذي تولى السلطة في عام 1989 بانقلاب عسكري، قد أعلن حالة الطوارئ في أرجاء البلاد يوم الجمعة وأقال حكام الولايات وعين بدلا منهم مسؤولين من الجيش والأجهزة الأمنية.
ويوم الاثنين، أصدر عددا كبيرا من الأوامر التي تحظر التجمعات العامة دون تصريح وتمنح الشرطة سلطات جديدة أشد صرامة. وتم تشكيل محاكم ونيابات طوارئ في كل ولاية سودانية يوم الثلاثاء.
وبات بمقدور قوات الأمن الآن تفتيش أي مبنى وفرض قيود على حركة الأشخاص ووسائل المواصلات العامة واعتقال من يشتبه باشتراكهم في جريمة تتصل بحالة الطوارئ والتحفظ على الأموال أو الممتلكات خلال فترة التحقيق.
قال تجمع المهنيين السودانيين، الذي يعد المنظم الرئيسي للاحتجاجات، في بيان أمس الأربعاء "خميس الغد هو يوم نوصّل فيه صوتنا واضحا لنظام الفساد والاستبداد بأن إرادة الشعب لن تنكسر أمام أي إجراءات".
وتظاهر نحو 250 شخصا في شارع الصحافة زلط، وهو أحد الشوارع الرئيسية بالعاصمة. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع بعد أن حاول عدد من المحتجين إغلاق الشوارع الجانبية بالحجارة والإطارات المشتعلة لمنع قوات الأمن من ملاحقتهم.
وهتف المحتجون "الثورة صوت الشعب" إلى جانب هتافات أخرى في حين رفع آخرون علم السودان. وأطلقت النساء الزغاريد في حين أطلقت بعض السيارات أبواقها في إشارة إلى دعمهن.
وقال شهود إن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع على نحو 250 متظاهرا في شارع الستين في شرق العاصمة الذي يعد منطقة راقية.
وواجهت الشرطة أيضا عشرات المحتجين في منطقة الديم الفقيرة بالخرطوم وفي حي شمبات في مدينة الخرطوم بحري بالغاز المسيل للدموع. وفي شمبات وقف أشخاص دقيقة حداد على ضحايا حادث قطار وقع بمصر أمس الأربعاء وأدى لمقتل 22 شخصا على الأقل.
وتجمع مئات المحتجين أيضا في عدة مناطق أخرى بالعاصمة مع اتساع رقعة الاحتجاجات.
ويلقي البشير باللوم في الاحتجاجات على "عملاء" أجانب وتحدى معارضيه للسعي إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع.
كان البشير قد دعا يوم الجمعة، وهو اليوم الذي أعلن فيه حالة الطوارئ، البرلمان لتأجيل تعديلات دستورية كانت تتيح له الترشح لفترة رئاسية جديدة في الانتخابات المزمعة عام 2020. لكنه لم يصل إلى حد الإعلان عن عدم ترشحه فيها.