جدد رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، أمس الأربعاء، "استعداد الجيش لتوفير الظروف الآمنة التي تكفل للشعب حقّه في الانتخاب".
من جهتها أصدرت قوى معارضة جزائرية، بيانا تطالب فيه بإلغاء الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 أبريل/ نيسان المقبل، ودعت الجيش إلى تأمين البلاد، في ظل تصاعد المظاهرات الرافضة لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة.
وقالت المعارضة في بيانها إن "مطلب تأجيل الانتخابات تجاوزه الزمن، الآن نطالب بإلغاء الانتخابات".
وأضافت أن "على الجيش أن يكون محايدا، وإذا كانت الأغلبية رافضة لإجراء الانتخابات في موعدها، فإن على الجيش تأمين البلاد"، مشيرة إلى أن المشكلة في الجزائر تمثل في "عدم فعالية القانون".
ودعت المعارضة "كل المرشحين للانتخابات إلى الانسحاب والانضمام لحراك الشارع"، و"تشكيل لجنة تقوم بمهمة المفاوضات مع السلطة".
وأعربت زعيمة حزب العمال، لويزة حنون، عن رفضها للمواقف التي صدرت من بعض الدول بخصوص ما يجري في الجزائر قائلة "لا يحق للدولة الفرنسية والإدارة الأمريكية التدخل في الأزمة الجزائرية التي يجب أن تعالج بحلول جزائرية".
وأشاد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بالطابع السلمي للمسيرات الشعبية التي شهدتها البلاد مؤخرا، محذرا في الوقت ذاته، من اختراق التظاهرات وإشاعة الفوضى.
وقال بوتفليقة، في رسالة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، اليوم الخميس، "شاهدنا منذ أيام خروج عدد من مواطنينا ومواطناتنا في مختلف ربوع الوطن للتعبير عن آرائهم بطرق سلمية ووجدنا في ذلك ما يدعو للارتياح لنضج مواطنينا بما فيهم شبابنا وكذا لكون التعددية الديمقراطية التي ما فتئنا نناضل من أجلها باتت واقعا معيشا"، وذلك وفقا لـ"وكالة الأنباء الجزائرية".
وأضافت الوكالة الرسمية "غير أن رئيس الدولة دعا إلى الحذر والحيطة من "اختراق هذا التعبير السلمي من طرف أية فئة غادرة داخلية أو أجنبية التي، لا سمح الله، قد تؤدي إلى إثارة الفتنة وإشاعة الفوضى وما ينجر عنها من أزمات وويلات".
وتابع خزار "ما يحدث اليوم أيضا يوحي بأن الجزائر التي تنتظر الاستحقاق الانتخابي الرئاسي يوم 18 أبريل ليست بمعزل عن ما تعيشه دول الإقليم وليست منعزلة عن ما تعيشه بعض الدول من استهدافات أمنية تأتي تواكبا والاحتجاجات الشعبية وهو ما تأخذه الدولة الجزائرية بعين الاعتبار في التعامل والتكيف مع الاحتجاجات الشعبية السلمية التي تعيشها في الداخل والتروي في ردات الفعل في تصريحات مسؤوليها وخطابها السياسي الرسمي لتفويت الفرصة أمام أي جهة تريد استغلال الوضع وركوب موجة المظاهرات لاستهداف أمن واستقرار البلد وهو ما أكدته كل من رسالة رئيس الجمهورية والمرشح لعهدة جديدة في الانتخابات الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة وكذلك خطاب نائب وزير الدفاع ورئيس الأركان في الجيش الشعبي الوطني أحمد قايد صالح بالأمس في المدرسة العسكرية بشرشال واللذان أكدا في مجمل ما قالاه بأن الدولة الجزائرية بكل مؤسساتها تقف لجانب المطالب الشعبية والتحذير من بعض الجهات المتربصة بأمن الوطن وهو ما يعيه الشعب الجزائري جيدا والذي أكد على رفضه للتدخلات الخارجية خاصة بعد تصريح إحدى الجهات الحكومية الأمريكية بدعمها لحراك الشعب الجزائري وتحذيرها المبطن للسلطات الجزائرية بعدم مواجهة هذا الحراك".
وأضاف الباحث خزار "وقد جاءت ردة الفعل الشعبية في مستوى الوعي المنتظر حينما أجمعت بأن ما يحدث في الجزائر من مخاض سياسي هو شأن داخلي جزائري وسيتم رفض أي تدخل خارجي في الشأن الداخلي الجزائري.
وأردف "ويجدر بنا التنويه إلى أن الحراك الشعبي الجزائري المطالب بإصلاحات سياسية قبيل الانتخابات كان سلميا بالرغم من أن عددا لابأس به من أطياف الشعب الجزائري خرجت في هذا الحراك إلا أنها لم تشهد ليومنا هذا أي احتكاك مع الأسلاك الأمنية ولا أي أعمال شغب ولا استهداف للبنى التحتية للدولة وهو ما خلق حالة من الرضى لدى كل أطياف الشعب الجزائري ووجه رسالة للخارج أيضا أن هذا الحراك غير قابل للاختراق من أي جهة كانت وغير ملون بأي صبغة دينية ولا أيديولوجية ولا عرقية ولا غيرها بل هو حراك شعبي سلمي له مطالب محددة وواضحة ويهدف لخدمة الدولة والشعب والحفاظ على لحمة المجتمع الجزائري وهياكل الدولة وهذا النموذج الراقي لا يوجد حتى في بعض الدول التي تعتبر لدى البعض نماذج انسانية راقية ومتقدمة وقد شاهدنا ما حدث في فرنسا في احتجاجات ما يسمى بالسترات الصفراء حين اندلعت أعمال شغب واستهداف للهياكل العمومية هناك".
من جهته اعتبر الدكتور الخبير والباحث في العلوم الجيوسياسية سومر صالح بحديثه مع وكالة "سبوتنيك" أن "جذور هذه الأحداث غير المسبوقة منذ العام 1962 في تاريخ الجزائر، تعود العام 2018 لأسباب اقتصادية واجتماعية أكثر منها سياسية، كالتهميش الاقتصادي والاجتماعي الحضري، ومعدلات البطالة، لذلك هي أقرب ما تكون لردة فعل على سياسات الحقبة الماضية".
وتساءل الدكتور صالح "هل هذه المظاهرات هي شبيهة لأحداث خريف العرب واستمرارا لها، أم هي مشروع جديد في المنطقة يستهدفها، أم هي نواة "ثورة" شعبية على سياسات حكومية.. والحقيقة أن الإجابة على هذه التساؤل ليس أمرا سهلا، كما لا يغيب الموقف الجزائري من الأزمة السورية.. ومن جهة أخرى، وبعد أحداث فنزويلا يتضح تماما أن الولايات المتحدة انتقلت للسيطرة بشكل مباشر على مناطق جيوسياسية جديدة تمكنها من التحكم بالنفط وأسعار.
وتابع الدكتور صالح "بالنتيجة تقاطع العوامل الداخلية للاحتجاج والتظاهر، مع لحظة تاريخية في دور الجزائر الإقليمي، وثرواته في جيوبوليتيكيا الصراع الدولي، قد يدخل الجزائر في نفق الصراع الأهلي، سيما أن الذاكرة الجزائرية القريبة كانت قد شهدت أحداثا "إرهابية" بين العام (1992-2002) ضمن العشرية السوداء، حيث قامت تنظيمات متشددة بارتكاب مذابح في هذا البلد العربي..
وختم الخبير "تطور الأوضاع بالجزائر رهن بالسياسات القادمة للحكومة الجزائرية في استيعاب ما يجري من جهة، دون أن نغفل أن هنالك دائما من هو مستعد لإغراق الشعوب والدول في فوضى الحروب والفتن تنفيذا لأجنداته وهنا الحديث عن دول خارجية.. ونأمل ألا تغرق الجزائر في دوامة العنف وهذا يتطلب وعيا إضافيا للشعب الجزائري —وهو متوفر بالوعي الجمعي الجزائري المعاصر- في منع اختراق حراكه الاجتماعي سواء عبر الفضاءات الرقمية أو على الأرض.
وأضاف غطروف "كذلك فإن للجزائر هيكلية قيادية وطنية وواعية، وهي كفيلة بأن تعبر بالجزائر نحو الاستقرار مجددا، وإفشال كل محاولات ضرب هذا الاستقرار، كما أنها قادرة على أن تحقق لشعبها ما يصبو أليه. وما يدعم رأينا في ذلك، أنها طالما كانت في صلب قضايا وطنها وأمتها العربية ، وطالما جسدت ذلك من خلال عدة جوانب، كان أهمها الوقوف مع سوريا ومناصرتها في حربها ضد الإرهاب والحصار، رغم كل الضغوط التي تعرضت لها. إضافة لموقفها الواضح والصريح من القضية الفلسطينية، ومن رفضها المطلق لكل سياسات التطبيع والمطبعين مع إسرائيل، ودعمها لحق الشعب الفلسطيني بأرضه.
يذكر أن الجيش الجزائري أعلن في وقت سابق من شهر يناير/ كانون الثاني موقفه من الانتخابات الرئاسية في الجزائر، المقرر لها أن تجرى في 18 أبريل/ نيسان المقبل، حيث أكد رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، إن الجيش جاهز "لإرساء موجبات الأمن عبر كامل التراب الوطني"، حسب وكالة الأنباء الجزائرية، وتابع صالح أن الجيش يعمل على السماح للمواطنين بأداء واجبهم وحقهم الانتخابي "في ظروف عادية وطبيعية".
وكان مئات المحامين متشحين بأرديتهم السوداء قد خرجوا إلى شوارع وسط العاصمة الجزائرية اليوم الخميس لمطالبة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالتنحي عن منصبه بعد 20 عاما في السلطة، لتكتسب أكبر احتجاجات تشهدها البلاد منذ انتفاضات الربيع العربي عام 2011 مزيدا من الزخم.
وردد المحامون هتاف "الشعب يريد إسقاط النظام" بينما ردد آخرون هتاف "جمهورية لا ملكية".
من جهته رفض المجلس الدستوري الجزائري، اليوم الخميس، استلام رسالة من اتحاد المحامين الجزائريين، تطعن في دستورية ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة.