أطلق النجاح غير المتوقع للعلاج جولة جديدة من الجدال حول علاج محتمل لفيروس نقص المناعة البشرية، فمنذ عام 2008، يحاول العلماء تكرار العلاج الذي شُفي على إثره تيموثى براون المعروف في الدوائر الطبية بإسم "مريض برلين" من فيروس نقص المناعة البشرية، بحسب تقرير مجلة Nature البريطانية.
An HIV-positive man in Britain has now become the second known adult in the world to be cured of the virus after receiving a bone marrow transplant from an HIV resistant donor.
— UberFacts (@UberFacts) March 5, 2019
The man is being referred to as the "London patient."
في ذلك الوقت، كان كثيرون من العاملين في مجال أبحاث فيروس نقص المناعة البشرية متحمسون لمعرفة أن هذا الرجل، الذي خضع مؤخرا للعلاج من سرطان الدم النخاعي الحاد، قد شُفي من فيروس نقص المناعة البشرية، لكن حتى الآن، كان النجاح في تكرار هذا العلاج محدودا.
فيروس نقص المناعة
فيروس نقص المناعة البشرية هو الفيروس الذي يسبب مرض الإيدز. منذ اكتشاف الفيروس لأول مرة في ثمانينات القرن العشرين، أصيب أكثر من 75 مليون شخص في جميع أنحاء العالم به.
دائما ما أدت الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية إلى الإصابة بالإيدز، الأمر الذي كان يؤدي دائما إلى الوفاة.
في عام 1996 شهد مجال أبحاث فيروسات نقص المناعة البشرية ثورة مع إدخال مضادات الفيروسات القهقرية، إذ أن هذه الأدوية توقف فيروس نقص المناعة البشرية من الانتشار، وتسمح للشخص المصاب باستعادة عمل نظام المناعة.
هذه الأدوية فعالة جدا لدرجة أن الشخص المصاب بفيروس نقص المناعة البشرية لديه تقريبا نفس العمر المتوقع لشخص لا يعاني من الفيرس.
لكن، يجب تناول هذه الأدوية كل يوم، ولها آثار جانبية مؤلمة ومتعددة، وقد تكلف آلاف الدولارات شهريا، وحتى مع هذه المعالجة المستمرة على مدى الحياة، ظل التخلص من المرض بعيد المنال.
لكن، كيف شُفيت أول حالتين؟
في عام 2008، وبالتحديد في مؤتمر الفيروسات الارتجاعية والعدوى الانتهازية في بوسطن، بولاية ماساشوستس الأمريكية، بدا كل هذا وكأنه قد تغير، حيث تم الإعلان عن خبر شفاء "مريض برلين" من فيروس نقص المناعة البشرية.
وللحصول على هذه النتيجة، خضع براون لعلاج قاسٍ لسرطان الدم النخاعي الحاد الذي شمل اثنين من عمليات زرع الخلايا الجذعية المكونة للدم، وتعرض كامل جسمه للإشعاع.
Some scientists believe that the "London patient" has been cured of the viral infection, which affects close to 37 million people worldwide.The new case report comes more than 10 years after the first case, known as the "Berlin patient." pic.twitter.com/Dvzz60VMPp
— DiscountMedSupplies (@DiscountMedSup) March 7, 2019
ينطوي هذا العلاج المعقد على تدمير الجهاز المناعي للشخص نفسه بجرعات عالية من العلاج الكيميائي أو الإشعاعي، وبعد ذلك يجري المريض عملية زرع خلايا جذعية جديدة إما من الشخص نفسه أو من متبرع.
ويعد هذا النوع من العلاج صعبا، ويحمل مخاطر عالية من العدوى والمضاعفات الأخرى، مثل رفض الجسم للخلايا الجديدة، أو حدوث جلطات في الدم أو الإصابة بأمراض الكبد.
توصل الباحثون إلى أن كل من براون و"مريض لندن" كانا يتشاركان في دورة علاجية جديدة متشابهة.
ففي حالة كل من براون و"مريض لندن" الآن، كانت خلايا الدم الجديدة المزروعة فيها من متبرعين لديهم نسختين من طفرة جينية للمستقبل المقترن بالپروتينG ويُعرف باسم "CCR5".
هذه الطفرة في مستقبلات "CCR5" — الموجودة في حوالي 1 في المائة من السكان المنحدرين من أصول أوروبية — تمنع فيروسات نقص المناعة البشرية من دخول الخلايا المناعية، ما يجعلها مقاومة لمعظم العدوى.
ومع ذلك، لا يعني ذلك فقط أن عملية زرع الخلايا هي التي تقدم علاج فيروس نقص المناعة البشرية أو تقليصه.
فبعد تلقي العلاج، جرى إيقاف الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية وأظهر الفحص اللاحق أنه حتى مع اختبارات الدم الحساسة جدا، لم يتمكن الفريق من الكشف عن فيروس نقص المناعة البشرية في دمائهم.
ويشكل عدم القدرة على العثور على فيروس نقص المناعة البشرية في دمائهم، إلى جانب وجود المستقبل المفقود "CCR5"، سكون فيروس نقص المناعة البشرية لمريض لندن الذي أعلن عنه في وقت سابق من هذا الأسبوع.
ما الذي تظهره الحالة الجديدة؟
نظرا لخيبات الأمل الأخيرة بعد زرع الخلايا الجذعية المكونة للدم لدى أشخاص مصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، فإن فريق الباحثين يقول إن:
تقلص الفيرس لدى "مريض لندن" لا يصف مريضهم بالشفاء، ولا يصف أي شخص آخر كذلك.
وبينما يمثل تقلص الفيروس بعلاج السرطان بالنسبة لمريض يعاني الفيرس تقدما مشجّعا، لكن سكون الفيروس لمدة 18 شهرا لا يعني الشفاء.
أيضا، في حين أن علاج سرطان "مريض لندن" كان أقل تركيزا، مع علاج كيميائي فقط وزرع للخلايا الجذعية، لكنه بالطبع ما يزال ساما ولا يمثل مسار العلاج الذي يجب على المصابين بفيروس الإيدز اتباعه.
والأهم من ذلك، توصل العاملون في مجال مكافحة فيروس نقص المناعة أن حالة براون ليست فريدة من نوعها، ما يعطينا سببا آخر وربما أكبر من الأمل في ثورات مستقبلية في برنامج علمي لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية.