وصوت مجلس الشيوخ الأمريكي، الأربعاء الماضي، بغالبية على مشروع قانون لإنهاء الدعم الأمريكي للحرب في اليمن. وسيعرض المشروع لاحقا على مجلس النواب ليوافق عليه في ظل مخاوف من أن يستخدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حقه في النقض.
وقال الخبير الاستراتيجي والعسكري، الدكتور محمد بن صالح الحربي إن "التصويت لن يؤثر في التحالف، وإنه غير ملزم، ويتطلب إجراءات تمريره إلى مجلس النواب للمناقشة والتصويت، ورفعه كمشروع قرار للرئيس الأمريكي".
وتابع الحربي، خلال حديثه لـ"سبوتنيك": "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيستخدم حق النقض ضد القرار، وفقا لما صرح به في وسائل الإعلام وأنه معارض للقرار، ويرى عدم جدواه السياسية والعسكرية".
وبين الحربي أن عددا من أعضاء الكونغرس الأمريكي يشنون حملات معادية ضد السعودية، عبر تبني مشروع قرارات من الحين والآخر، والسبب الرئيسي هو التنافس بين الجمهوريين والديمقراطيين، لتحقيق أهداف سياسية مرحلية وكسب الرأي العام، تمهيدا للانتخابات الرئاسية القادمة في 2020 مستخدمين شعارات القيم والمبادئ الامريكية، لاستقطاب اكبر عدد من الناخبين لدعم المرشحين المحتملين لرئاسة الولايات المتحدة.
ويشهد اليمن، حربا منذ 2014 بين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس اليمني المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي، تصاعدت في آذار/مارس 2015 مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري دعما للقوات الحكومية.
ومنذ ذاك الحين، قتل في الحرب نحو 10 آلاف شخص، وفق منظمة الصحة العالمية، بينما تقول منظمات حقوقية مستقلة إن عدد القتلى الحقيقي قد يبلغ خمسة أضعاف ذلك.
من جانب آخر أرجع المحلل السياسي السعودي، أحمد آل زاهر، سبب مناقشة وتصويت مجلس الشيوخ الأمريكي لإنهاء الدعم للحرب التي يشنها التحالف بقيادة السعودية في اليمن لاستخدام القانون أداة ضغط على الرئيس الأمريكي في سياسته الداخلية، واتخاذ قراراته، ومنها طلب ترامب من مجلس الشيوخ الأمريكي إقرارا ميزانية بناء الجدار الفاصل بين الولايات المتحدة ودولة المكسيك، وإعلانه حالة الطوارئ.
وتابع آل زاهر، خلال حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "مجلس الشيوخ يعلم أن مشروع قانون "إنهاء الدعم العسكري للتحالف العربي" غير ملزم، واستثنى القانون الذي صوت عليه المجلس دعم أمريكا العسكري للتحالف في محاربة القاعدة.
وأشار آل زاهر إلى تغريدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حسابه في "تويتر" معلقا على القرار قائلا: "لا ينبغي أن يترك اليمن لإيران، ويجب أن يدعم التحالف في عملياته العسكرية حتي لا يكون اليمن ذارعا لإيران في المنطقة، والقاعدة وإيران كلهم إرهابيون".
وأضاف المحلل السياسي، أن "الرئيس الأمريكي يدرك ما تشكله السعودية من ثقل في منطقة الشرق االأوسط، وأن باستقرارها ضمان أمن المنطقة، ويدرك أهمية وقوف الولايات المتحدة بجانب السعودية في شتى الصور، وأنها قائدة العمليات العسكرية، والحليف الاستراتيجي، وشريك الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب".
وعن الملف النووي قال آل زاهر، إن من أولويات رؤية السعودية 2030 تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على النفط كمصدر أساس للدخل، وأهمية العمل على إيجاد البدائل، والسعي في إيجاد الطاقة النووية السلمية ومشغلاتها لتكون أحد مصادر الدخل للسعودية، ولما تتميز به من انخفاض في التكلفة، والتشغيل، وإنتاجها في الطاقة يفوق البترول والغاز، واستخدامها في الطاقة المتجددة وعمليات الأبحاث.
وأضاف "أبرمت السعودية اتفاقيات مع روسيا وكوريا الجنوبية في الملف النووي السلمي، ومنها: اتفاقية موقعة في الرياض مع شركة "روس اتوم الروسية" عام 2017 تنص على التعاون في مشروع مفاعل منخفض الطاقة، وتهدف إلى استخدام الطاقة النووية السلمية، والمفاعلات المتوسطة في تحلية مياه البحر، وإنتاج الطاقة، وتدريب العاملين في البرنامج النووي الوطني السعودي، وتطوير البنية التحتية النووية، وإشراف الشركة الروسية على بناء مركز للعلوم والتكنولوجيا النووية على أراضي السعودية بتصميم روسي "مفاعل أبحاث روسي".
وصوت لصالح المقترح بغالبيّة 54 صوتا مقابل 46، وحصل على دعم سبعة جمهوريّين، ويجب الآن أن يُوافق عليه مجلس النواب الأمريكي أيضا. لكن ترامب سيستخدم حقّه في النقض (الفيتو) ضد النص، بحسب ما أكد البيت الأبيض الذي أعلن الأربعاء "معارضته الشديدة" لمشروع القانون هذا.
ويعتبر مراقبون أن ذلك بمثابة إهانة للرئيس الأمريكي الذي سيكون مجبرا على اللجوء إلى الفيتو الرئاسي، على الرغم من سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ (53 مقعدا من أصل 100).
ويتضمن مشروع القانون أن "يطلب الكونغرس من الرئيس سحب القوات المسلحة الأمريكية من العمليات الحربيّة في الجمهوريّة اليمنيّة أو من تلك التي تؤثر عليها، باستثناء" العمليّات العسكريّة ضدّ تنظيم القاعدة، وذلك في غضون 30 يوما من بدء سريان القانون.
وبات يتعيّن الآن على مجلس النوّاب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، أن يوافق على مشروع القانون بشكل نهائي. وكان مجلس النوّاب قد تبنى نصا مشابها في 13 شباط/فبراير، بغالبيّة 248 صوتا مؤيدا في مقابل معارضة 177 صوتا.
