حرص الرئيس اللبناني منذ البداية تمييز نفسه عن الرؤساء والمسؤولين اللبنانيين الرسميين السابقين الذين زاروا موسكو من خلال التخلي قدر الإمكان عن الرسميات المعهودة وتبني سياسة التقشف باستهلاك الاعتمادات المالية المخصصة للزيارات الرسمية والتخفيف عنها.
كان ذلك جليا من خلال قدوم عون على متن طائرة خاصة "صغيرة" مستأجرة ووفد رئاسي ضم مستشارين ووزير الخارجية اللبناني جبران باسيل على عكس الزيارات السابقة التي درجت فيها العادة وفود واسعة ومتعددة كانت تنتهي مجملها دون أية نتائج تذكر.
لقاء مع الجالية اللبنانية
في اليوم الأول عقدت في موسكو لقاءات روحية واقتصادية مع الرئيس اللبناني، حيث تباحث رجال الأعمال الروس بمستقبل العلاقات الاقتصادية بين البلدين وكيفية تطويرها، لكن الأهم بالنسبة لعون في هذه الزيارة كان اللقاء مع الجالية اللبنانية في الفندق الذي نزل فيه، حيث حظي الرئيس باستقبال حافل من اللبنانيين في موسكو لم يكن له مثيل لرؤساء لبنانيين سابقين زاروا روسيا منذ سنوات عديدة.
وكان ذلك واضحا من خلال التنظيم اللبناني للحدث حيث كان لـجمعية المغتربين اللبنانيين "البيت اللبناني في روسيا" دور أساسي بالتنظيم والإعلان عن اللقاء المرتقب، بالإضافة الى مساهمة كل من السفارة اللبنانية والرابطة اللبنانية في جامعة الصداقة بين الشعوب بإنجاح حفل استقبال ولقاء رئيس الجمهورية اللبنانية حيث فاق الحضور التوقعات خصوصا من الشباب والطلاب اللبنانيين في روسيا، فمنهم قدم من ريازان وسان بطرسبورغ ومدن روسية أخرى للقاء الرئيس اللبناني الذي تعد زيارته تاريخية.
استطاع الرئيس اللبناني على جمع اللبنانيين من مختلف الطوائف والمذاهب والاتجاهات السياسية وشكل ذلك اجماعا وطنيا شعر به اللبنانييون لساعات وكان هذا الحدث هدفا استطاع عون من خلاله التمايز عن الرؤساء اللبنانيين الذين زاروا موسكو وكانوا غير قادرين على جمع اللبنانيين بهذا الشكل.
وقدمت جمعية المغتربين اللبنانيين "البيت اللبناني" في روسيا أيقونة السيدة العذراء التي تم كتابتها ووضعها في كنيسة مدينة فلاديمير الروسية والتي سلمت بعدها كهدية رمزية من الجمعية واللبنانيين المغتربين للرئيس اللبناني ميشال عون.
بنت "الرئيس" المستشارة الأولى والمحبوبة
كان لافتا خلال الاحتفال سلوك المستشارة الأولى للرئيس اللبناني ميراي عون الهاشم والتي تميزت عن المستشارين الآخرين بتواضعها ومشاركتها للبنانيين حفلهم حيث أحيطت بنت "الرئيس" بالشبان والشابات وحاورت الجميع بابتسامة أظهرت فيها المرونة بالتعاطي مع المواطنين، الأمر الذي لاق استجابة كبيرة من الطلاب اللبنانيين الذين تفاجئوا بتواضع بنت "الرئيس" على عكس المستشارين وأولاد الرؤساء والمسؤولين البعيدين كل البعد عن المواطنين.
لقاء عون مع بوتين
تعتبر زيارة عون لروسيا هذه الثانية من نوعها حيث كانت زيارته الأولى خلال ترأسه للتيار الوطني الحر وكان قدومه إلى موسكو بشكل غير رسمي وجال خلالها على الشخصيات الروحية والسياسية. لكن اليوم يمثل عون بلدا بأكمله سيحاول خلال محادثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ايجاد حلا مناسبا للعديد من الصعوبات ومن أبرزها ملف النازحين السوريين ومسألة تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي والعلمي بين البلدين. هذا عدا عن البحث بالاستثمارات الروسية في مجال النفط والغاز من خلال التلزيمات النفطية التي ستشارك فيها الشركات الروسية في لبنان وغيرها من المواضيع التي تهم البلدين.
أخيرا لا شك أن زيارة الرئيس اللبناني إلى موسكو تعد ناجحة منذ بدايتها، حيث استطاع جمع شمل اللبنانيين في روسيا وبعدد فاق كل التصورات، بالإضافة إلى الاهتمام الرسمي الروسي بالرئيس عون من خلال امتلاكه لأكبر كتلة برلمانية وازنة في البلاد ومشاركة كبيرة في الحكومة اللبنانية ستكون قادرة على اتخاذ قرارات التي قد تتبلور في موسكو بعد المحادثات الرسمية المختلفة.