ووصف قذاف الدم ما يحدث في العاصمة الليبية بأنها معركة بين الجيش الوطني الليبي وعصابات متطرفة تسيطر على العاصمة الليبية، بعدما نهبت أموالها وشردت أهلها وحولت ليبيا إلى بؤرة للإجرام، وجعلتها تابعة بعد ما كانت ندا لكل دول العالم "حسب قوله"… إليكم نص الجزء الأول من الحوار.
كيف تقيم الوضع حسب آخر التطورات الحالية؟
إذا ما الخطوة التي يجب أن تتم إزاء هذه الاعتداءات حسب وصفك؟
نحن نطالب اليوم بعد اعترافات أوباما والبرلمان البريطاني واعترافات الرئيس الفرنسي الحالي بالخطأ… بالاعتذار عن كل الجرائم التي خلقت المناخ الذي تنامت فيه عمليات الهجرة والقتل والدمار وتهريب البشر، حيث طالت تلك العمليات معظم الدول الآن، وهو ما تسبب في العدوان على ليبيا في 2011، ونحن نطالب مجلس الأمن بالاعتذار لليبيين، وأن يصحح الأخطاء التي وقعت، ويحقق في الأحداث التي وقعت في العام 2011، وما تلاها من الجرائم البشرية والمادية في ليبيا.
الكثير من قيادات نظام الرئيس الراحل معمر القذافي لا تزال موقوفة ومعتقلة… هل من تحركات لكم بهذا الشأن؟
قدمتم العديد من التقارير والوثائق بشأن ما حدث في 2011 لجهات دولية عدة… فما هي النتائج بهذا الشأن حتى الآن؟
لا جديد حتى الآن، خاصة أنهم يتهربون منها، وسيأتي اليوم الذي يعتذرون فيه للشعب الليبي عن هذه الجريمة، ونحن نطالب بالاعتذار أولا وتصحيح الأخطاء، لإنقاذ المنطقة بالكامل مما تتجه إليه.
إذا كيف ترى المؤتمرات التي تعقدها بعض الدول الأوروبية من أجل ليبيا؟
دموع التماسيح التي يذرفونها ليست صادقة، وكل ما يحدث من مؤتمرات وتجمعات لا تهدف لوحدة الصف الليبي، بل أنهم نصبوا حكومة "عميلة"، جاءت عبر فرقاطة إيطالية، ولم تحصل على شرعيتها من البرلمان، كما أنها وقعت على اتفاقيات بـ 277 مليارا مع الدول الغربية دون شرعية، ولذلك نؤكد أن ما تعيشه ليبيا من أحداث هي نتيجة للغزو الذي حدث في 2011 وهذا أصل المشكلة.
كيف ترى تحركات الجيش نحو طرابلس؟
الجيش لملم شتاته في شرق ليبيا، وتحالفت مع كل القوى القبلية والسياسية، وطهر الشرق، وذهب إلى الجنوب، ومن الطبيعي أن يتجه إلى العاصمة لتطهيرها من العصابات والمليشيات، وأؤكد أن الجيش ليس قبيلة وليس حزبا، وجنوده من كل أنحاء ليبيا، وبالتالي أيدناه ووقفنا معه.
بعض التباينات حول الجيش تتعلق بشخص المشير خليفة حفتر… هل تتفق أو تختلف مع ذلك؟
دائما هناك لبس، خليفة حفتر تم تعيينه قائدا للجيش الليبي من قبل البرلمان الليبي المنتخب، وقد تكون الشرعية الوحيدة في ليبيا هو البرلمان، وبالتالي الجيش لم يكن لأحد، هو جيش وطني لكل الليبيين، ومهمته حماية ليبيا وإيقاف التدخل الأجنبي، والتصدي للميليشيات وقد التحمت به كل القوى الوطنية في ليبيا.
كيف ترى مطالبات المجتمع الدولي بضرورة وقف إطلاق النار في العاصمة طرابلس؟
لو كان الخلاف أو صراع بين قوى متحاربة، فكان من الممكن الحديث عن ذلك، لكن ما يحدث في العاصمة هو عمليات بين القوات المسلحة ومجموعة من العصابات، ترعاها حكومة" مخطوفة، وهي ليست معركة سياسية، إنما معركة بين الجيش والعصابات التي تسيطر على مقدرات ليبيا بقوة السلاح لثمان سنوات عاش فيها شعبنا، أما الحوار السياسي فهو يجب أن يستمر.
ويجب أن نفرق بين عمليات القوات المسلحة التي تطارد فلول التطرف والعصابات والمسار السياسي، خاصة أنها تطارد الجماعات الإرهابية، التي جاءت من تركيا ومن قطر ومن الحدود التونسي وتشاد والسودان، وهو ما يعد اعتداء على التراب الليبي، ويبقى الحوار بين الليبيين بمختلف توجهاتهم فهو يختلف عن الجانب الأمني.
إذا كيف ترى اصطفاف حكومة الوفاق للكتائب التي ذكرتها بحسب قولك؟
كما قام أحمد معيتيق منذ أيام بزيارة إيطاليا، التي أرسلت له شحنات أسلحة منذ أيام عن طريق ميناء "زوارة"، كما وصلت السفينة التابعة للحرس الثوري لميناء مصراته، وأؤكد أن تلك الروح العدوانية لن تخدم أحد.. وقد قام السراج بزيارة سرية لبريطانيا في اليومين الماضيين لنفس الغاية.
فيما يتعلق بالسفينة التي وصلت إلى ميناء مصراته هل ترى أنها تعبر عن موقف إيراني تجاه الأحداث أم أنها تتبع جهة أخرى؟
قد تكون تجارة رابحة بعيدا عن المواقف الرسمية، وقد تكون إيران توسع دائرة الصراع مع بعض القوى لإرباك المشهد، إلا أن السفينة أو غيرها لن تؤثر، خاصة أن الليبيين أدركوا الأعداء الذين يرسلون الأسلحة لليبيا بدلا من المساعدات الأخرى، التي تساهم في تخفيف معاناتهم.
كيف ترى تغير الموقف الفرنسي من 2011 حتى 2019؟
كل الرؤساء الذين جاءوا بعد ساركوزي، اعتذروا بشكل أو بآخر عما حدث في ليبيا في 2011، واعترفوا بأخطائهم، ونحن نثمن الموقف الذي يريد أن يصحح أخطاء ساركوزي، واعتقد أنهم تيقنوا أن الجريمة التي ارتكبها ساركوزي ستظل عارا يلاحق فرنسا، ونحن نطالب الشعب الفرنسي والحكومة الفرنسية، بمحاكمة الرئيس ساركوزي، لقيامه بضربات على ليبيا حتى قبل قرار مجلس الأمن، حيث داهم القوات في بني غازي حتى دون إعلان حالة حرب.. والتجاوزات التي تلت ذلك، وتهديده لعلاقات فرنسا بأفريقيا، والسلام في البحر المتوسط.
ونؤكد رفضنا للسياسة التي تنظر لليبيا على أنها برميل نفط أو غاز، أو التعامل بالعقيلة الاستعمارية التي تتعامل بها إيطاليا، ونقول لهم، ونحن حفاة قاومنا الاستعمار و طردناهم من ليبيا، واليوم نحن نملك الرجال والخبرة والإمكانيات، إلا أننا نمد يدنا بالسلام وليس لدينا أي أحقاد، ونتفهم أن الحكومات التي تتعاقب بعضها مرتشي وبعضها لا يعبر عن الشعب، ونذكرهم بأن الاستعمار مشروع فاشل.
تحدثت في السابق عن أن بعض الدول لا تزال تسعى لاستعمار ليبيا… فما آلياتكم للمواجهة؟
الغرب يرى في الإسلام عدوا، وهو يرى أن هناك ثلاثة خطوط مستهدفة، أولها الخط الأحمر "الشيوعية" وأسقطوها، وجاءوا للإسلام الخط الأخضر، ثم إلي الخط الأصفر الصين وكوريا، ولا يفرقون بين المغرب أو الخليج أو أفريقيا، هم يرون أن الجميع عدو محتمل إذا ما توحد، لذلك حينما جاءوا إلى ليبيا سعوا لتحقيق هدفين، هو تأمين جنوب أوروبا من خلال مساحة ليبيا الشاسعة، وقتل الزعيم القذافي، والسيطرة على ثرواتها من النفط والذهب، وقبلها حرب أفغانستان والعراق وسوريا والصومال واليمن، وزرع بوكو حرام في نيجيريا ومالي، وكلها تمثل الخط الأخضر.
أما الأمر الثالث، فهو ما كان يسعى له الزعيم معمر القذافي، وهو قيام الولايات المتحدة الأفريقية، خاصة أنه حارب على مدار ثلاثين عام في معركة تحرير أفريقيا وسعي من أجل قيام الولايات المتحدة الأفريقية، وقد هيمن وسيطر على حكامها وملوكها ورؤسائها، إلا أنهم في الغرب يرون أن أفريقيا هي المنجم الكبير، لذلك سعوا لوقف القذافي والتخلص منه، خاصة بعد أن أعلن عن الدينار الذهبي، والحكومة الأفريقية الواحدة.
وجاء الغرب بعدما استغل ما حدث في تونس وفي مصر، بعد أن هدمت الحدود وأدخل المجموعات المتطرفة، من أفغانستان ومن كل الدول لتدمير ما تبقى من إرث القذافي، واليوم لو أراد الغرب إنهاء ما يحدث في ليبيا لأوقف ذلك، خاصة أنه هو من جاء بالحكومة "العملية"، وأصبحت ليبيا دولة تابعة بعدما كانت ندا لهم.
قلت أنت المجتمع العربي تخاذل في 2011 تجاه ليبيا؟
التخاذل كلمة لا تفي بالمعنى، فالدول العربية قدمت ليبيا على طبق من ذهب للدول الغربية من خلال جامعة الدول العربية، بقيادة عمر موسى، الذي يجب أن يحاكم أيضا، خاصة أنه منذ تأسيس الجامعة ترسل لجان تقصي الحقائق حال حدوث أي أزمات، ثم تعود اللجنة وتقرر الموقف، إلا أن القرار الذي اتخذ كان من خلال ما نشرته قناة الجزيرة وغيرها من الأمور الأخرى، وسلمت ليبيا للغرب لتدميرها، فالجامعة العربية مطالبة بالتحقيق فيما حدث.
ما دعوتك لجموع الشعب الليبي في الوقت الراهن؟
دون شك أدعو الجميع للاصطفاف إلى جوار قواتهم المسلحة من أجل تطهير كامل التراب الليبي، خاصة بعد أن أصبح المرتزقة يهددون الدولة الليبية، والجيش هو جيش الدولة الليبية كافة، ولدينا تناغم بين كافة القوات الأمنية، وبعدها نذهب للانتخابات والمرحلة السياسية والسلام.
حوار: محمد حميدة