نقلت صحيفة "الوطن" السورية عن رئيس الوزراء السوري إشارته خلال اليوم الثاني من الدورة الثالثة عشرة للمجلس العام لاتحاد نقابات العمال إلى أن سوريا تحتاج لنحو 200 مليون دولار أمريكي شهرياً للنفط، و400 مليون دولار سنوياً للحبوب، في وقت كانت الموارد أقرب إلى الصفر"
اعتمدت الحكومة السورية الحالية على مصادر أخرى غير احتياطي سوريا من الدولار لتأمين القطع الأجنبي اللازم لتمويل فواتير استيراد النفط ومواد الطاقة اللازمة وغيره من الحاجات الأساسية للمجتمع.
حيث ارتفعت في السنوات الماضية تحويلات السوريين من الخارج إلى داخل سوريا وخاصة أن هناك أعداد كبيرة من المغتربين السوريين، ومن ناحية أخرى تحسن واقع الصادرات السورية قليلا في السنوات الثلاثة الأخيرة (وهي التي تعتبر أهم مصدر محلي لتأمين القطع الأجنبي)، بالإضافة إلى أن تحسن الإنتاج الزراعي والصناعي في سوريا بعد تحرير الكثير من المناطق السورية أدى إلى تخفيف فواتير الاستيراد لبعض المواد وخاصة بعد إطلاق الدولة السورية لحملة كبيرة لإنهاء ظاهرة التهريب كليا.
وفي العام الماضي، وعلى الصعيد التجاري، كان رئيس الوزراء السوري عماد خميس قد أكد أن "الحكومة عملت على معالجة واقع إجازات الاستيراد لتصب في المصلحة الوطنية، ومن ناحية أخرى أشار أن قيمة الصادرات بلغت عام 2015 نحو 574 مليون دولار، وعام 2016 نحو 629 مليون دولار، وعام 2017 نحو 700 مليون دولار أي بحسبة بسيطة نجد أن إجمالي التجارة الخارجية لسورية عام 2017 نحو 4.9 مليارات دولار وأكثر من 86 بالمئة منها مستوردات.
كما أشار إلى زيادة رقعة انتشار الصادرات من 80 دولة عام 2016 إلى 105 دول عام 2017، كما تم في عام 2017 دعم عشرة معارض داخلية وخارجية، وتوقيع الكثير من العقود.
إلا أن رقم 700 مليون دولار أو حتى مليار دولار فهو ضئيل بالمقارنة مع 12 مليار دولار صادرات سوريا عام 2010 بحسب تقارير سورية.
أما اليوم، وبحسب "سانا"، فقد ذكرت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية في بيان لها أن المنحنى البياني للكميات المصدرة من المنتجات السورية إلى الخارج بالارتفاع واتساع خارطة الدول التي تستقبل المنتجات السورية، حيث باتت البضائع والسلع السورية تصل إلى ما يقرب من 100 دولة حول العالم، ما يعني نجاح المنتج السوري بالنفاذ إلى الأسواق التي انقطع عنها لفترة وبالتالي إعادة استحواذه على أسواقه التقليدية السابقة.
وأوضحت الوزارة أنها تعمل على صعيد التجارة الخارجية ضمن محورين اثنين أولهما الاستيراد بحيث تكون المستوردات تدعم الإنتاج المحلي الصناعي والزراعي بالإضافة إلى الأساسيات.
أما المحور الثاني فهو التصدير، وكشفت الوزارة عن ارتفاع الكميات المصدرة في العام السابق 2018 قياساً بنظيرتها في العام الأسبق 2017 لتصل بالحجم إلى أكثر من 1.250 مليون طن، منوهة بافتتاح المركز الدائم للصادرات السورية في مدينة المعارض بدمشق.
أما بالنسبة للحوالات النقدية من خارج سوريا فهي أصبحت تشكل رافدا قويا للاقتصاد السوري، فبحسب تقرير نشر في العام الماضي، فإن تقديرات البنك الدولي لتحويلات المغتربين باتجاه سوريا في عام 2016 بلغ نحو 1.62 مليار دولار أميركي، أي نحو 737 مليار ليرة سورية على أساس سعر صرف 455 ليرة للدولار الأميركي، أي بمعدل وسطي قدره 4.5 ملايين دولار يومياً، وحافظ عليه دون تغيير حتى عام 2017.
وأشار التقرير إلى أن "اللافت في الأمر ليس تضاعف رقم التحويلات الخارجية التي يتصدرها تحويلات المغتربين، بل ارتفاع نسبة مساهمتها في الدخل القومي من 1.9% عام 2011 إلى 19% عام 2016، وهو رقم كبير، ويفوق مساهمة الصناعة السورية في إجمالي الناتج المحلي (18% عام 2016)، وهذا يكشف مدى اعتماد السوريين على التحويلات الخارجية في تمويل متطلبات حياتهم الاستهلاكية اليومية.
وحول هذا الموضوع، أوضح رئيس هيئة الأوراق المالية في سوريا الدكتور والخبير عابد فضلية في حديثه لوكالة "سبوتنيك" بعض المصادر التي تعتمد عليها سوريا من دون استخدام الاحتياطي النقدي، وقال:
"الاحتياطي بالتعريف هو: إجمالي المبالغ بكافة العملات الأجنبية ومجموع كميات الذهب التي يمتلكها مصرف سورية المركزي (الحكومي)، والتي تبقى كمخزون استراتيجي دون مساس، ولا يُنفق منها أي مبلغ للاحتياجات العادية والدورية، لذا فإن تصريحات السيد رئيس الحكومة حول عدم استخدام الاحتياطي، يعني أن تغطية قيمة الاحتياجات من النفط والقمح ومستلزمات قطاع الكهرباء الأخرى، وحوالي (60%) من إجمالي مستوردات القطاع الخاص، تمت وتتم في عهد الحكومة الحالية من خارج صندوق الاحتياطي الاستراتيجي، أي من إيرادات وتدفقات القطع الأجنبي التي يحصل عليها مصرف سورية المركزي، لا سيما القطع الناتج عن صادرات الجهات العامة وتحويلات المستثمرين الأجانب وحصص الشركاء الأجانب في المصارف الخاصة السورية ومبالغ اكتتاباتهم على أسهم زيادة رأس المال والإيرادات من الرسوم القنصلية ورسوم جوازات السفر، والبدلات التي تدفع بالقطع الأجنبي، مثل بدلات إعفاء السوريين المغتربين من الخدمة العسكرية، والحوالات النقدية (اليومية) من المغتربين السوريين، ولو أن هذه الحولات النقدية المباشرة قد تقلص ورودها مؤخراً عبر أقنية المصرف المركزي الرسمية، بسبب الفرق بين السعر الرسمي للقطع وسعره في السوق الموازية (السوداء)، إلا أن تحويلات السوريين المغتربين مستمرة عبر أقنية أخرى".
وأضاف الخبير الاستراتيجي "كما إن المستوردات إلى سوريا، بمختلف أنواعها وطبيعتها تمول أيضاً من القطع الذي تحصل عليها بعض المصارف السورية من المصدرين السوريين والمستثمرين الأجانب وتحويلات المغتربين السوريين، أكانت تحصل عليها نقداً داخل سوريا أم كأرصدة في الخارج، حيث لا شيء يُعيق تغطية المستوردات إلى سوريا من الخارج بحسابات موجودة في الخارج، وأضيف أن الجهات الحكومية السورية تشتري أحياناً من المستوردين السوريين العديد من السلع والمواد المستوردة وتسدد ثمنها لهم بالليرة السورية، ومنها النفط والقمح ومستلزمات توليد الكهرباء…، ويقتضي التنويه أيضاً أن جزءاً من احتياجات الأنشطة الصناعية والحرفية من المازوت والفيول يتم استيراده من قبل القطاع الخاص الصناعي ليباع إلى أصحاب المنشآت بالليرة السورية".
وبهذا الصدد، قال رئيس جمعية العلوم الاقتصادية في اللاذقية الدكتور سنان ديب لوكالة "سبوتنيك":
"قدرت الأموال المصروفة من الاحتياطي النقدي المصرح عنه عدا الذهب البالغ ١٩ مليار دولار لبداية 2014 بحوالي 15 مليار بجانبين الأول لتمويل متطلبات الدولة عبر برامج الحكومة و عبر الموازنة الموضوعة والثاني هي سياسات المركزي في ضخ العملة الصعبة بالسوق عبر عمليات معلن عنها أو عبر المصارف الخاصة و مكاتب الصرافة".
واعتبر أن "التصريحات الحكومية حول عدم استخدام الاحتياطي من الدولار هي منطقية من اتجاهين الأول سياسة الترشيد للاستهلاك والتي اتبعتها الحكومة بأولويات الجيش والوقود والأدوية والأغذية وبالتالي أغلقت صنبور مخرب كان يضخ العملة الصعبة للسوق وفق عمليات ليست دقيقة وكذلك تمويلات ليست بمكانها كشفت لاحقا مما أدى لانخفاض بالاحتياطي المقدر و بالتالي أصبحت التحويلات المتزايدة والتي قدرت بين 1.5 إلى 2 مليار دولار بالإضافة لجهود ذاتية لبعض الأشخاص ممن يستوردون ويؤمنون المواد الاساسية الوقود و القمح بالإضافة إلى جزء كان يؤمن عبر خطوط الائتمان مع الدول الصديقة والتي هي دين مؤجل وهذا ما أدى للحفاظ على الاحتياطي و تأمين الحاجات الضرورية وهو ما يؤكد رؤيتنا أن الارتفاع بسعر الصرف الحالي غير طبيعي وهو نتيجة مضاربات وهمية و اللعب على الحالة النفسية و التهويل الاعلامي".
يضاف إلى تحويلات المغتربين وعائدات التصدير، بعض القطاعات الأخرى، مثل عوائد السياحة وما ينفقه السياح القادمون إلى سوريا، بالإضافة إلى عوائد العبور البري والجوي، ويضاف لكل ما ذكرناه الإيرادات الحكومية السورية بالعملة المحلية والتي تأتي من عوائد مؤسسات القطاع العام وعوائد الضرائب المباشرة وغير المباشرة والتي تشكل أيضا رافدا هاما من روافد خزينة الدولة والذي اعتمدت عليه الحكومة السورية.