وتعتبر مؤسسات ومنظمات المتجمع المدني أحد أهم حوامل التضليل وعمليات تأليب الرأي العام ضد نفسه ،وأحد أكثر الأمثلة وضوحاً وعلى سبيل المثال لا الحصر ما سمي بمنظمة الخوذ البيضاء التي عملت في سورية منذ بداية الحرب عليها كمنظمة إنسانية، ليتضح فيما بعد أنها هي من تأخذ على عاتقها تضليل عمليات القتل والإجرام بحق المدنيين لتتهم الدولة السورية وحلفاءها فيما بعد، تساعدها قنوات إعلامية محلية وإقليمية ودولية ممولة لوجستياً ومادياً بشكل هائل جداً.
ماهي العوامل الأساسية التي تؤدي إلى تأثير التضليل الإعلامي على الرأي العام، هل تكمن في مكرها أو قوة حبكها أم ضعف الإداراك لدى الرأي العام؟
كيف يمكن تنمية الوعي الإدراكي لدى المتلقي في ظل التطور التكنلوجي المتسارع والذي يعطي إمكانات كبيرة لرسم أحداث وهمية لايمكن تمييز تفاصيلها عن الحقيقة؟
ماهي الأسباب الموضوعية التي تجعل من منظمات المجتمع المدني منصات لتدمير كيانات الدول من الداخل وماهي القوانين التي يجب أن تحكمها؟
هل تكفي الإجراءات الآنية لتلافي أخطار التضليل الإعلامي أم أن الأمر يحتاج إلى إستراتيجية متكاملة ومن نوع خاص…ماهو كنهها وماهي مرتكزاتها البنيوية؟
حول العوامل الأساسية التي تؤدي إلى تأثير التضليل الإعلامي على الرأي العام قال الأكاديمي و أستاذ علم الإجتماع السياسي الدكتور محمد سيّد أحمد أن
"المسألة تتم عبر آليتين، الآلية الأولى هي آلية قوة وتأثير هذه الوسائل الإعلامية وخاصة الإعلام الجديد المتمثل بمواقع التواصل الإجتماعي التي إستطاعت قوى الشر العالمية من السيطرة على الرأي العام عبر هذه الآلية.
الآلية الثانية هي آلية تغييب وتزييف الرأي العام وعدم إدارك الرأي العام لأن عملية تشكيل الوعي تتم دائماً عبر عدة آليات وعبر مجموعة من وسائل تشيكل الوعي المجتمعي أهمها العائلة والمدرسة والجامعة والمؤسسات المجتمعية والدينية ".
وبخصوص آليات تنمية الوعي الإدراكي لدى المتلقي في ظل التطور التكنلوجي المتسارع رأى الدكتور سيّد أحمد أنه
"لابد من عودة مؤسسات تشكيل الوعي الأساسية للقيام بدورها، وفي مقدمتها الأسرة والمدرسة والجامعة والمؤسسات الدينية ومؤسسات المجتمع المختلفة التي تلعب دوراً في تشكيل هذا الوعي، لابد من عودة هذا الدور وأن لا يترك المواطن فريسة لوسائل الإعلام وخاصة وسائل الإعلام الحديثة، لايجوز أن نترك أبناءنا وأطفالنا فريسة لها دون تدخل من الأسرة والمدرسة والجامعة والمؤسسات الدينية ومؤسسات المجتمع المختلفة، لابد من إعادة هذا الدور وخاصة في الأسرة والمدرسة هذه هي الروشيتة الأساسية لإعادة تشكيل الوعي الإدراكي لدى المواطن، وبالتالي يمكن أن يدرك المواطن مايتم من فبركته عبر وسائل الإعلام، وما يتم من تضليل لوعيه وتشكيل وعي زائف عبر هذه الوسائل".
أما عن الأسباب الموضوعية التي تجعل من هذه المنظمات منصات لتدمير كيانات الدول من الداخل، ومدى كفاية القوانين الحالية لدرء خطرها قال سّيد أحمد
"دعني أؤكد أن "الجنرال إعلام" كما أحب أن أسميه أنا، هو أحد أساليب الحرب الجديدة في إطار الجيل الرابع والخامس للحروب والذي إعتمدته قوى الشر العالمية ممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية التي سيطرت بالفعل على المنظمات الدولية، وأحد الأساليب التي إستخدمتها هي السيطرة على وسائل الأعلام العالمية، وسيطرت على منظمات المجتمع المدني في دول العالم الثالث وقامت بتمويلها ومدتها بالمال كي تسيطر وتهيمن عليها، وبالتالي تحاول من خلال هذه المنظمات السيطرة على المجتمعات من الداخل وعلى الرأي العام وعلى عقول المواطنين، وبالتالي يسهل التاثير عليه وتلقي كل التضليل و الفبركات التي تتم عبر وسائل الإعلام، ومن هنا لابد من مواجهة هذه المنظمات وكشف من يقف خلفها".
أما بالنسبة لأسس ومرتكزات الإستراتيجية التي تحتاجها عملية مواجهة التضليل الإعلامي أشار سيّد أحمد إلى أن
"الإجراءات الأنية لتلافي أخطار التضليل الإعلامي لاتكفي بالمرة وخاصة أن المنظمات الدولية التي تطرح نفسها بإعتبارها أنها تواجه هذه التضليلات التي تقوم بها وسائل الإعلام و منظمات المجتمع المدني غير محايدة، والمقصود هنا بمنظمات المجتمع المدني المنظمات الدولية المنوط بها المواجهة هي منظمات أيضاً غير محايدة وتسيطر ويهمين عليها النظام الرسمالي العالمي المتمثل بالولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي لايمكن بأي حال من الأحوال الإعتماد على هذه المواجهات التي تطرحها هذه المنظمات، ولكن على مجتمعات العالم الثالث وفي مجتمعنا في الشرق الأوسط بشكل خاص عليه أن يتنبى إستراتيجية تقوم على نشر وعي حقيقي بحقيقة هذه المخططات التي تحاك عبر هذه المنظمات لكشف زيفها وتضليلها عبر إعلامي وطني حقيقي وعبر عودة الدولة لدورها وتدعيم عمل ودور مؤسسات ومنظمات التنشئة الإجتماعية والوطنية والدينية ".
التفاصيل في التسجيل الصوتي المرفق
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم